يعتقد بعض الباحثين أن أفضل طريقة لفهم نفسية القتلة المتسلسلين هي فحص ما يتركون وراءهم بعد ارتكابهم جرائم القتل؛ حيث يمكن أن يوفر جمع أدلة الطب الشرعي من الجثة ومكان الجريمة وطريقة القتل نظرة ثاقبة على الدوافع الداخلية التي تدفع القاتل لارتكاب الفعل.
لكن من الناحية الأخرى، يفضل خبراء آخرون تحليل ما يأخذه هؤلاء القتلة المتسلسلون معهم من مسرح الجريمة كهدايا تذكارية لجرائمهم لمعرفة دوافعهم أو مشاكلهم النفسية.
للشعور بالانتصار أو ليثبتوا لأنفسهم أنهم لن يتم القبض عليهم أو بهدف الإثارة، تعرَّف معنا في هذه المادة على الدوافع العاطفية أو النفسية التي تدفع القتلة المتسلسلين لأخذ أشياء تذكارية بعد تنفيذ جريمتهم وأغرب الأشياء التي قاموا بأخذها كتذكار؛ سواء كان ذلك جزءاً من الجسم أو قطعة من المجوهرات أو حتى أصواتهم.
لماذا يجمع القتلة التذكارات؟ هناك عدة تفسيرات
بادئ ذي بدء، يميز مكتب التحقيقات الفيدرالي بين "الهدايا التذكارية" و"الجوائز" التي يأخذها القتلة من مسرح الجريمة، وفقاً لـ"موسوعة من الألف إلى الياء للقتلة المتسلسلين"، وهو كتاب صدر عام 1996 من تأليف هارولد شيكتر وديفيد إيفريت.
ويعرف الكتاب التذكار على أنه عنصر يستخدم لتأجيج الخيال، في حين أن الجائزة -trophy- هي دليل للقتلة على مهاراتهم. ومع ذلك، فإن الهدف النهائي من جمعهما هو نفسه، كما لاحظ المؤلفون: إنها تسمح للقتلة بالشعور بالقوة وتساعدهم على استحضار جرائمهم والشعور بالإثارة.
وتوافق نيكول موت، مؤلفة كتاب "موسوعة القتل والجريمة العنيفة"، التفسير السابق، مشددةً على أن هذه الأشياء التذكارية تُستخدم أيضاً للاحتفاظ بذكرى مثيرة بالنسبة لقتلة الجرائم الجنسية.
كما تشير موت إلى أن أخذ تذكار يعتبر بمثابة "توقيع" خاص للقاتل ويصبح جزءاً من طقوس قتله في كل مرة يرتكب فيها جريمة جديدة.
أما خبير علم الجريمة، الدكتور تيرون كيرشنغاس، يعتقد أن جمع الأشياء التذكارية هي علامة على اعتقاد القتلة المتسلسلين بأنهم لن يتم القبض عليهم.
وأضاف في مقابلة له لبي بي سي في عام 2019، أنه "ليس من غير المألوف أن يجمع [القتلة المتسلسلون] الأشياء التذكارية، إنها جزء من الثقة المفرطة لدى المرضى السيكوباتيين، إذ إنهم يعتقدون أنهم يستطيعون خداع الجميع دون القبض عليهم".
ألكسندر بيشوشكين، احتفظ بذكرى جرائمه على لوح شطرنج
في حالة ألكسندر بيشوشكين من موسكو، لم يتم أخذ أي شيء على وجه التحديد من مكان الجريمة، لكنه احتفظ بذكرى كل عملية قتل بشكل مختلف.
حصل بيشوشكين على لقب "The Chessboard Killer" بسبب طريقته في استدراج ضحاياه بالإضافة إلى علاماته التذكارية بكل عملية قتل، كما يشير موقع Biography.
كان بيشوشكين لاعب شطرنج محترفاً، لكنه عندما كان طفلاً صغيراً، تعرض لإصابات شديدة في الدماغ في سن الرابعة مما أجبره على البقاء في مؤسسة للأطفال المعاقين لفترة ومما جعله عرضة للتنمر والمشاكل النفسية لاحقاً.
كان لجد بيشوشكين دور مهم في اكتشاف موهبته الطبيعية في لعبة الشطرنج. لكن بعد وفاة جده الذي ربطته به علاقة قوية، أصيب بيشوشكين بالاكتئاب وبدأ يذهب يومياً لحديقة مجاورة للمشي واستدراج ضحاياه.
كان يلعب الشطرنج مع ضحاياه، ويقدم لهم الفودكا ويروي لهم قصة حزينة عن كلبه المتوفى. وبمجرد أن يصبحوا مخمورين وواثقين به تمامًا، يستدرجهم إلى مكان بعيد ويضربهم حتى الموت بمطرقة. وكانت ضحيته الأولى في عام 1992.
عندما تم القبض عليه في عام 2006، اكتشفت الشرطة رقعة شطرنج في منزله، حيث تم تمييز 61 من المربعات بإشارة عليها تواريخ مختلفة. كانت مربعات رقعة الشطرنج هذه بمثابة تذكارات لبيشوشكين – وهي تذكير بتاريخ مقتل كل ضحية.
ومع وجود 64 مربعاً على رقعة الشطرنج، كان قد بقي ثلاث مربعات فقط فارغة ليكمل اللوحة كاملة.
إيدي ليونسكي، خنق النساء للحصول على أصواتهم
كان إيدي ليونسكي، المعروف باسم "الخانق المغني"، محبطاً بسبب عدم قدرته على الاستيلاء على التذكار الذي كان يريده بعد القيام بجرائمه، وقد يكون هذا سبب اعترافه بها.
وُلد ليونسكي في 12 ديسمبر/كانون الأول 1917 في نيوجيرسي وانضم إلى جيش الولايات المتحدة وتمركز في ملبورن، أستراليا. أثناء وجوده في ملبورن، أدمن ليونسكي الشرب وبدأت مشاكله السلوكية والنفسية بالظهور.
قتل ليونسكي ثلاث نساء خنقاً بين 3 و18 مايو/أيار في عام 1942، وفقاً لما جاء في موقع The Guardian. وأثناء اعترافه بجرائمه، زعم أن سبب خنقه لكل امرأة بيده هو "الحصول على أصواتهم". وتم إعدامه في 9 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1942.
ديفيد باركر راي، قاتل "صندوق الألعاب"
يُعد ديفيد باركر لي، المعروف أيضاً باسم Toy-Box Killer، والمشتبه في ارتكابه أكثر من 60 جريمة قتل، أحد أكثر القتلة المتسلسلين رعباً في التاريخ.
عرف عن راي أنه كان شخصاً ملتوياً وشريراً بشكل غير طبيعي. وكانت الأشياء التذكارية التي حصل عليها من ضحاياه مرعبة، سواء من حيث المحتوى أو الكم. فقد كانت تعبر عن القدر اللاإنساني من التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرض له ضحاياه.
الكثير منها مجوهرات، لكن بعضها شخصي جداً كملابس ومحفظات وصور وكل شيء قد يخطر ببالك. والأسوأ من ذلك كله، أن بعضهم جاء بوضوح من أطفال صغار.
حدثت معظم جرائم قتل راي في مقطورة أطلق عليها اسم "صندوق الألعاب". هناك يقوم بتعذيب الضحايا جسدياً ونفسياً قبل وفاتهم. وعثرت الشرطة بعد اعتقاله على كنز دفين من القطع التذكارية التي جمعها من الضحايا.
يعرض موقع مكتب التحقيقات الفيدرالي على الويب صور الأشياء التي جمعها راي من ضحاياه على أمل أن يتعرف شخص ما على قطعة لأحد ضحايا راي المجهولين.
إدوارد جين، أعضاء بشرية كتذكار!
ربما كان أكثر جامعي تذكارات الجرائم شهرة هو إدوارد ثيودور جين. على الرغم من أنه قد تم إثبات أن جين ارتكب جريمتي قتل فقط، إلا أنه عند اعتقاله، اكتشفت السلطات مجموعة كبيرة من الأشياء التذكارية التي أخذها من ضحاياه أنفسهم، والتي تشير إلى أنه ارتكب عدداً أكبر من الجرائم، بما في ذلك:
أربعة أنوف
تسعة أقنعة مصنوعة من جلد الإنسان
أوعية مصنوعة من جماجم بشرية
10 رؤوس من الإناث مع فروة الرأس وإزالة الجزء العلوي من الجمجمة
مقاعد كراسي مغطاة بجلد الإنسان
رأس الضحية ماري هوغان في كيس ورقي
رأس الضحية برنيس ووردن في كيس من الخيش
تسعة فروج في صندوق أحذية
جماجم على قواعد سريره
أعضاء بشرية في الثلاجة
عند استجوابه قال جين إنه جمع هذه الأشياء من ثلاث مقابر محلية، حيث استخرج جثث نساء في منتصف العمر وإن ذلك كان يذكره بوالدته.
كما تبين أنه بين عامي 1947 و1952، قام جين بدباغة الجلود وعندها طور حرفته المروعة. كان جزء من دافعه هو رغبته في أن يصنع امرأة كاملة أو "زي امرأة حقيقية"، ربما تكريماً لوالدته المتوفاة.
كما لاحظت السلطات أن أجزاء الجسد التي تم العثور عليها تم حفظها بعناية ووضعها في أماكن تشير إلى مكانتها الرفيعة، مما يدل على هوس جين بجمعها.