كافح قادة طائرة روسية لمدة 5 ساعات، لحماية طائرتهم التي خرجت عن السيطرة من التحطم، وتحلوا بقدر هائل من الشجاعة ورباطة الجأش، جعلتهم بالنهاية قادرين على إنقاذ جميع الركاب من الموت.
صحيفة New York Post الأمريكية قالت، الجمعة 3 ديسمبر/كانون الأول 2021، إن الحادثة وقعت في روسيا، بعد أن طرأ عطل مفاجئ في الطائرة من نوع "إيرباص إيه 321".
كان على متن الطائرة 201 راكب، منهم 25 طفلاً، ودخلت الطائرة في هبوط حاد بعد وقت قصير من إقلاعها، الأمر الذي أجبر الطيارين على التحليق عبر سيبيريا، لأنهم لم يتمكنوا من الهبوط اضطرارياً بالطائرة، واستمر هذا الكابوس لمدة خمس ساعات ونصف.
أطلق الطيَّار نداء الاستغاثة "ماي داي" المتعارف عليه دولياً، بعد وقت قصير من الإقلاع، وفشل مرتين في الهبوط بالطائرة اضطرارياً في مطار المغادرة الواقع في مدينة ماغادان الروسية.
تمايلت الطائرة بشدة وانقلبت في الهواء، وغطَّاها الجليد حتى كاد يُخفيها، وظلت أضواؤها تنطفئ وتشتعل، بحسب التقارير، كما توقف نظام الطيار الآلي بعد أن تبين أن هناك عطلاً في أنظمة التحكم الإلكتروني بالطائرة.
تشير التقارير أيضاً التي نقلت عنها الصحيفة الأمريكية إلى أن القبطان لم يُتح له التخلص من الوقود لمحاولة الهبوط بالطائرة اضطرارياً بأمان، ومن ثم حلَّق بالطائرة فوق سلاسل جبلية، باتجاه أقرب مطارٍ متاح في مدينة ياكوتسك، التي تشتهر بكونها المدينة الأبرد بين المدن الكبرى على وجه الأرض.
في هذه الأثناء، "تعالت أصوات الركاب المذعورين بالصراخ والابتهال"، وقالت إحدى النساء اللواتي كنَّ على متن الطائرة إنها "احتضنت زوجها وتبادلا الوداع بعد اقتناعهما بأنهما ميتان لا محالة".
يروي راكب آخر، يُدعى ستانيسلاف كويموف، الواقعة، فيقول: "بعد 5 دقائق من إقلاع الطائرة، بدأت تفقد ارتفاعها بحدة. وأخذت تنقلب بنا إلى الأسفل وإلى الأعلى. حبسنا الضغط أولاً في مقاعدنا، ثم لم يعد هناك جاذبية تقريباً".
أضاف كويموف: "تلاطمت أصوات خشخشة الأجنحة، والفرقعة في جسم الطائرة، وقصف الرياح، وهدير المحركات الصاخب، والحقائب المتساقطة من رفوف الأمتعة، لقد كانت أجواء مرعبة".
بعدها بساعة تقريباً، استعادت الطائرة توازنها، لكن وصولها إلى ارتفاعها الطبيعي عند 32 ألف قدم استغرق 3 ساعات، ورفض طاقم الطائرة الهبوطَ بها في مدينة ياكوتسك شديدة البرودة، حيث كانت درجة الحرارة نحو -30 درجة مئوية.
من ثم حلَّق الطيارون بالطائرة إلى مدينة إيركوتسك، التي كانت درجة الحرارة فيها -1 درجة مئوية، وهناك هبطوا اضطرارياً بنجاح وسط تصفيق حاد من الركاب، وحرص المطار على تقديم المشروبات والطعام للركاب بعد نزولهم من الطائرة مذعورين، وإلحاقهم برحلات طيران أخرى.
تحقيق بالحادثة
احتجزت سلطات إنفاذ القانون الطائرةَ، وعمد الضباط إلى فحصها، وسط شكوك في أن رذاذ تذويب الجليد المستخدم في مطار ماغادان كان معيباً، كما فتحت كل من لجنة التحقيق الروسية المعنية بشؤون النقل ومكتب المدعي العام في نطاق مدينتي بايكال-أنغارسك، تحقيقاً في ملابسات الرحلة المرعبة.
موقع Readovka قال إن قبطان الطائرة أطلق نداء الاستغاثة، وقال أحد المصادر إن "الطاقم أعلن فقدانه السيطرة على الطائرة وقرار العودة إلى مطار المغادرة، لكنهم لم يستطيعوا النزول بالطائرة أو الهبوط بها اضطرارياً".
يُظهر مقطع فيديو من رادار الرحلة الطائرةَ وهي تحلق فوق مطار ماغادان أثناء سعيها للهبوط اضطرارياً بعد وقت قصير من إقلاعها- قبل أن ترتفع وتحلق بعيداً.
أشار الموقع إلى أن هناك ادعاءات باستخدام رذاذ فاسد لإزالة الجليد المتراكم على الطائرة، ما أدى إلى تجمُّدها فور إقلاعها.
من جانبه، رئيس بلدية ماغادان، يوري غريشان، بـ"الكفاءة المهنية العالية والشجاعة ورباطة الجأش" التي أبداها الطاقم أثناء الحادثة الطارئة، وقال: "رد فعلكم السريع حال دون وقوع المأساة وأنقذ حياة أكثر من 200 راكب".