كان مكروهاً من المصريين القدماء، لكن في الوقت نفسه هابه الملوك والعامة، لدرجة أنهم قدموا له القرابين اتقاءً لغضبه.. تم تصويره على هيئة ثعبان ضخم، وكان يُعتقد أنه يسكن العالم السفلي.. تعالوا نعرّفكم على "أبوفيس" إله الشر والظلام في الميثيولوجيا المصرية القديمة.
أبوفيس.. عدو إله الشمس اللدود
يحكى أن روحاً قديمة من الشر والظلام والدمار تجسدت في ثعبان ضخم، أطلق المصريون عليه اسم "أبوفيس".
وجود شخصية مثل أبوفيس في الميثولوجيا ليس مهماً فقط لتبرير الظواهر الشريرة التي تحدث في العالم، إنما هو مُهم لبروز دور الشخصيات التي تمثل القوة والخير، فلولا أبوفيس وأمثاله لما وجدت آلهة الخير من تتصارع معه.
ومن هذا المنطلق، لُقِّب أبوفيس بـ"عدو رع" وهو إله الشمس الشهير لدى المصريين القدماء، كذلك كان أبوفيس عدواً لدوداً لـ"ماعت"، إله الحق والعدل.
أبوفيس المولود من لعاب آلهة الحرب
يُعتقد أن أبوفيس كان مشهوراً منذ القدم، لكن لم يتم توثيق أي ذكر له إلا في عهد المملكة المصرية الوسطى (وهو عهد يمتد ما بين 2050 و1710 قبل الميلاد).
وفي النصوص التي وثقت قبل هذه الفترة، ظهرت آلهة ثعابين أو شياطين كممثلين عن الشر والفوضى في العالم.
ومع ذلك، فإن الأساطير المحيطة بـ"أبوفيس" بدأت بالتطور إلى حد كبير في عهد المملكة الجديدة.
ولعل أبرز الأساطير التي نشأت حول أبوفيس أنه وُلد من لعاب الآلهة نيث، وهي آلهة الحرب والصيد.
كذلك يعود تاريخ "كتاب أبوفيس" إلى عهد المملكة الجديدة، وهو كتاب يحوي تعاويذ سحرية، من الممكن أن تصد شرور هذا الثعبان الضخم، وفقاً لما ورد في موقع Ancient Egypt Online.
حرب مع "رع" لا غالب فيها ولا مغلوب
وفقاً للأسطورة فإن أبوفيس يهاجم قارب الشمس (الذي يقوده الإله رع) كل صباح، محاولاً منع شمس رع من الإشراق لكن رع يغلبه في كل مرة فيطلع ضوء الصباح على مصر القديمة.
وعلى الرغم من هزيمته في الصباح، لا ييأس أبوفيس من القتال مجدداً، فيعود "لينوم" إله الشمس وجميع أتباعه مساء، فتكون له اليد العليا على الكون ويحل الظلام الدامس، ووفقاً لبعض الأساطير يبتلع أبوفيس إله الشمس رع في أحشائه فيخيم الظلام، لكن أتباع رع يقومون بثقب أحشاء الثعبان الضخم ليخرج رع سالماً ويعود النور ليسطع من جديد.
وهكذا فإن صراع رع وأبوفيس يومي لا ينتهي.
غضب أبوفيس.. كوارث وفيضانات وزلازل
وعلى الرغم من أن آلهة الخير جميعها تتصدى لأبوفيس، فإنه قد يغلبهم جميعاً في بعض الحالات ويصبح من الصعوبة بمكانٍ درء غضبه.
وكان المصريون القدماء يعتقدون أنَّ غضب أبوفيس يتمثل بكوارث طبيعية، من ضمنها العواصف والزلازل والفيضانات التي كان يُعتقد أن أبوفيس يرسلها من العالم السفلي.
كذلك فإن الظواهر الطبيعية غير المفهومة مثل كسوف الشمس، كانت من أفعال أبوفيس الدنيئة- بلا شك- بالنسبة للمصريين القدماء، إذ كان يُعتقد أن أبوفيس يلتهم الشمس كي يخيم الظلام، لكن حراس مركب الشمس يسارعون إلى قطع رأسه؛ مما يؤدي إلى انتهاء الكسوف.
أبوفيس قائد جيوش الشياطين
على الرغم من أن القدماء كانوا يكرهون إله الشر والظلام، فإنهم كانوا يهابونه كذلك، ففي النهاية هو متحكم في مصائرهم بشكل أو بآخر.
ولا عجب في ذلك فقد اعتبر المصريون أن أبوفيس شديد القوة لدرجة أنه لا يمكن تدميره بالكامل، إنما من الممكن هزيمته بشكل مؤقت فحسب.
ويُعتقد أيضاً أن أبوفيس كان قائداً لجيش من الشياطين الذين يفترسون الأحياء والأموات، ولهزيمة هذه الجيوش كان كهنة رع يقيمون طقوساً سنوية متمثلة بإحضار دمية على شكل أبوفيس وضربها بالطين ثم سحقها وحرقها.
كذلك كانت هناك طقوس أخرى تتمثل بإحضار تمثال شمعي لأبوفيس ثم تقطيعه إرباً.
وعلى الرغم من كره المصريين القدماء لهذا الإله الشرير، فإنهم قدموا له القرابين في كثير من المناسبات؛ اتقاءً لغضبه الذي كان يسبب الزلازل والعواصف والفيضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية، وفقاً لاعتقادهم.
كذلك فإن اثنين من حكام الهكسوس اتخذا اسم أبوفيس كاسْم تتويج لهم.
ثعبان وسحلية وتنين.. وجوه متعددة لأبوفيس
تم تصوير أبوفيس على أنه ثعبان ضخم، له حجم هائل ويلتف حول نفسه عدداً من المرات، وفي بعض الأحيان تم تصويره على أنه سحلية ضخمة أو تمساح، كما تم تصويره لاحقاً على شكل تنين.
وغالباً ما يصوَّر أبوفيس في الرسومات على جدران المعابد وهو يُهزم أو يُقتل من قِبل أحد آلهة الخير أو أتباعهم. كما تم تصوير عملية تقطيع رأسه وأوصاله في كثير من النصوص.