قالت صحيفة The Times البريطانية، الأحد 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إن أطباء وممرضات يديرون تجارة جانبية مربحة تعتمد على وصف حقن "البوتوكس" التي تستخدم على نطاق واسع في عمليات التجميل، عن بُعد، رغم الإرشادات الطبية التي تلزمهم برؤية المرضى وجهاً لوجه.
حيث يعرض الأطباء عبر الإنترنت وصف هذا العلاج التجميلي المضاد للتجاعيد للمرضى على بعد مئات الأميال دون رؤيتهم شخصياً مقابل 20 جنيهاً إسترلينياً (حوالي 27 دولاراً) في المرة.
فيما ذكر ثلاثة من هؤلاء الأطباء لصحفي متخفٍّ من صحيفة The Times البريطانية أنهم يصفون هذا العلاج دون التحدث إلى الشخص الذي يتلقاه، ويعتمدون على الاستشارات التي يقدمها خبراء تجميل بدون تدريب طبي.
بينما يحذر الخبراء من أن هذه الممارسة تعرض المنظومة للانتهاكات وتعرّض حياة المرضى للخطر.
"مقلقة للغاية"
من جهته، قال المجلس الطبي العام في بريطانيا (GMC) ومجلس التمريض والقبالة (NMC)، السبت 30 أكتوبر/تشرين الأول، إنهما يحققان في هذه الحالات، ووصف مجلس التمريض والقبالة النتائج بأنها "مقلقة للغاية".
بدوره، أكد ستيفن بويس، المدير الطبي للدائرة الوطنية البريطانية للخدمات الصحية، أن الدائرة قالت "بوضوح" إن إصدار وصفات علاجات البوتوكس يتطلب رؤية الأطباء للمرضى عن قرب أولاً. ونبّه إلى أن عدم اتباع الإجراءات السليمة قد يؤدي إلى "التهابات خطيرة" و"ندوب دائمة".
يُشار إلى أن البوتوكس علاج لا يُصرف إلا بوصفة طبية، ويعمل على إرخاء العضلات وتقليل التجاعيد. وأي شخص يمكنه قانوناً حقن المرضى بالبوتوكس لغياب التنظيم في هذا المجال، ولكن شريطة أن يقيّم طبيب أو ممرض مدرَّب حالة المريض ويؤكد أن العلاج آمن له.
مخاطر الآثار الجانبية
في حين يشير المجلس الطبي العام ومجلس التمريض والقبالة، المسؤولان عن تنظيم الأطباء والممرضين، إلى أنه يمكن وصف البوتوكس بأمان وجهاً لوجه فقط بسبب مخاطر الآثار الجانبية وضرورة استمرار المتابعة. وتؤكد الهيئتان على ضرورة إجراء فحص شامل يشمل فحص البشرة بعناية وتحديد العضلات.
رغم أن الطبيب الذي يصدر الوصفة الطبية لا ينفذ العملية بنفسه، إلا أنه مسؤول عن التأكد من أن الشخص الذي يكلفه بمهمة الحقن- عادة ما يكون خبير تجميل- مؤهل لحقن العلاج بأمان.
لكن التحقيق الذي أجرته صحيفة The Times وجد أن أطباء وممرضات يتجاوزون هذه القواعد، وقالوا إنهم يصفون هذا العلاج بانتظام بناء على فحوصات محدودة أو بدونها على الإطلاق.
وصفات طبية
هؤلاء الأطباء والممرضون- الذين يُفهم أن بعضهم يعملون لدى الدائرة الوطنية للخدمات الصحية البريطانية- يتلقون مبلغاً يتراوح بين 20 و40 جنيهاً إسترلينياً لإصدار الوصفات الطبية ويروجون لخدماتهم على تطبيق Faces، وهو تطبيق على غرار أوبر يضم 18 ألف مستخدم ويربط خبراء التجميل في جميع أنحاء المملكة المتحدة بحوالي 270 طبيباً. ويحصل التطبيق أيضاً على عمولة على المنتجات التي تباع من خلال متجره على الإنترنت وتُصرف من الصيدلية التي يتعاون معها Acre.
من جانبها، تقول إحدى الممرضات، هيذر هازارد (56 عاماً) إنه يسعدها إصدار وصفات طبية للبوتوكس دون التحدث إلى المريض.
فيما تعرض ممرضة أخرى، ليندسي بيري (43 عاماً)، إصدار وصفات بوتوكس دون التحدث إلى المريض مباشرة، شريطة ملء استمارة طبية. وقالت: "يمكن تسجيلها إلكترونياً.. املأها، وأرسل صورة عبر الواتساب، أو أي وسيلة تراها سهلة".
ليندسي، التي تملك عيادة تجميل خاصة بها، تؤكد أن مجلس التمريض والقبالة "لا يهتم كثيراً إن كانت الاستشارات وجهاً لوجه، أو عبر الهاتف، أو عبر زووم، أو عبر سكايب أو في نموذج طبي إلكتروني". غير أن المجلس دحض هذا الادعاء.
في السياق، أوضح طبيب طوارئ مقيم في غريت مالفيرن بمقاطعة ورسسترشاير البريطانية أنه يسعده إصدار وصفات عن بُعد عن طريق مكالمة فيديو قصيرة، وقال: "أصف العلاج لأشخاص في جميع أنحاء البلاد عن طريق الفيديو.. ويتوفر خياران، الأول تلقي الوصفة الطبية عن بعد، والثاني زيارة مُكلِّفة للعيادة".