قالت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير نشرته الجمعة 29 أكتوبر/تشرين الأول 2021، نقلاً عن أحد المختصين في الذكاء الاصطناعي، إن بعض الخبراء يرون أنه لا وجه للمقارنة بين القنبلة الذرية وتفوق الذكاء الاصطناعي.
قال البروفيسور ستيوارت راسل، مؤسس مركز الذكاء الاصطناعي المتوافق مع البشر في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، إن معظم الخبراء يعتقدون أن الآلات الأكثر ذكاءً من البشر ستُطور هذا القرن، ودعا إلى معاهدات دولية لتنظيم تطوير التكنولوجيا.
مجتمع الذكاء الصناعي
كذلك قال لصحيفة Guardian البريطانية: "لم يتكيف مجتمع الذكاء الصناعي بعد مع حقيقة أننا بتنا نحظى الآن بتأثير كبير على العالم الحقيقي. لم يكن الحال كذلك ببساطة في أغلب تاريخ هذا المجال. كنا محصورين في المعامل فقط؛ نطور الأشياء، ونحاول إنجاحها، وغالباً ما كنا نفشل. لذا لم يكن السؤال عما يخص العالم الحقيقي سؤالاً ذا صلة على الإطلاق. وعلينا أن ننضج بسرعة لنلحق بالركب".
يدعم الذكاء الاصطناعي العديد من جوانب الحياة الحديثة؛ من محركات البحث إلى الخدمات المصرفية، وتعد التطورات في التعرف على الصور والترجمة الآلية من بين التطورات الرئيسية في السنوات الأخيرة.
راسل، الذي شارك في عام 1995 في تأليف الكتاب الأساسي "الذكاء الاصطناعي: نهج حديث"، الذي سيقدم محاضرات BBC في عام 2021 بعنوان "العيش مع الذكاء الاصطناعي"، والتي تبدأ يوم الإثنين 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، يقول إن هناك حاجة إلى عمل عاجل للتأكد من أن البشر سيظلون مسيطرين مع تطوير الذكاء الاصطناعي الفائق.
قال: "صُمِّم الذكاء الصناعي بمنهج ومقاربة محددين. ونحن لسنا حذرين كفايةً لنستخدم نظاماً من ذلك النوع في مُعطيات العالم الحقيقي المعقدة".
علاج السرطان
كذلك فقد قال إنه من الخطير أن يتم الطلب من الذكاء الاصطناعي أن يُعالج السرطان بأسرع ما يُمكن. يقول راسل: "على الأرجح سيجد طريقة لزرع الأورام في كافة التعداد البشري، ليحيلنا جميعاً إلى حيوانات تجارب، وذلك لأن تلك هي طريقة تحقيق الهدف الذي سألناه أن يحققه، لكننا فقط نسينا أن نوضح له أنه لا يُمكنه أن يستخدم البشر كحيوانات تجارب وأنه لا يُمكنه أن يُسخر كل موارد الكوكب لتحقيق ذلك، وما إلى ذلك من محاذير".
كما قال راسل إنه لا تزال هناك فجوة كبيرة بين الذكاء الاصطناعي وتلك التي صُورت في أفلام مثل Ex Machina، لكن المستقبل بآلات أكثر ذكاءً من البشر لطالما كان يلوح في الأفق. وأضاف: "أظن أن الأمر قد يستغرق ما بين عشر سنوات في أكثر التصورات تفاؤلاً، وبضع مئات من السنوات، لكن أغلب الباحثين في المجال سيقولون إنه سيحدث خلال هذا القرن".
لكن هل يشعر الباحثون في مجال الذكاء الإصطناعي بالرعب من نجاحهم؟ يُجيب راسل: "نعم، أظن أن رعبنا يتزايد".
يُتابع مشيراً إلى إصرار العلماء باستمرار على أن الأمر نظري فقط: "يُذكّرني الأمر بالمرحلة التي كان الفيزيائيون فيها يعلمون أن الطاقة النووية موجودة، وكانوا قادرين على قياس كتل الذرات المختلفة، وكانوا قادرين على حساب كم الطاقة الذي يُمكن أن تُحرره إذا أمكنك القيام بالتحويلات بين الذرات المختلفة. ثم حدث الأمر ولم يكونوا مستعدين له".
تطبيقات عسكرية
قال إن استخدام الذكاء الاصطناعي في التطبيقات العسكرية، مثل الأسلحة الصغيرة المضادة للأفراد، مصدر قلق خاص. وبيَّن قائلاً: "هذه هي الأشياء التي يمكن تطويرها بسهولة شديدة، بمعنى أنه يمكنك وضع مليون وحدة من تلك الأسلحة في شاحنة واحدة ثم تطلقها، وإذا بها تمحو مدينة بأكملها".
في المقابل دعا راسل إلى اتخاذ تدابير، من بينها العمل على مدونة لقواعد السلوك للباحثين والتشريعات والمعاهدات؛ لضمان سلامة أنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة، وتدريب الباحثين لضمان عدم تعرُّض الذكاء الاصطناعي لمشاكل مثل التحيز العنصري. وقال إن تشريعات الاتحاد الأوروبي التي تحظر انتحال الآلات لشخصيات البشر يجب أن يتبناها العالم أجمع.
قال إنه يأمل أن تؤكد محاضرات ريث وجود خيار بشأن ما يخبئه المستقبل. وأضاف: "من المهم أن يشارك الجمهور في هذه الخيارات، لأن الجمهور هو الذي سيستفيد أو لا يستفيد".
غير أنه كانت لراسل رسالة أخرى. قال: "التقدم في الذكاء الاصطناعي شيء سيستغرق بعض الوقت، لكن ذلك لا يجعله خيالاً علمياً".