هل تنسى أي مفرق يجب أن تعتمد رغم أنك مررت بنفس الطريق وحصلت على تعليمات الوصول إلى وجهة معينة؟ لست وحدك، إن عدم القدرة على حفظ المواقع والإحساس بالتوجهات أمر طبيعي، فلماذا يحفظ البعض الطرقات أفضل من الآخرين؟
إحساس البشر بالاتجاه ليس حساً واحداً، بل يُستمد من شبكة معقدة من التفاعلات بين جيناتنا وحواسنا ودماغنا وبيئتنا، حتى العواطف.
لماذا يحفظ البعض الطرقات أفضل؟ بالحواس الأخرى
يعتمد الكثير من الناس على البصر بالدرجة الأولى طبعاً لمعرفة مكانهم وأين يحتاجون إلى الذهاب. لكن البعض الآخر يستخدم حواس أخرى مثل الحس العميق وردود الفعل الدهليزي.
مثال على الحس العميق قدرتك على الإمساك بأنفك عندما تغلق عينيك وتفتح ذراعيك؛ إنه الإحساس بموضع أجزاء جسمك فيما يتعلق بمحيطك.
أما ردود الفعل الدهليزية فهي إحساسك بالتوجه المكاني والحركة والتوازن. يمكن أن تلعب العوامل المعرفية أيضاً دوراً في قدرتك على التنقل والدخول في الطريق الصحيحة.
لنفترض على سبيل المثال أن بطارية الهاتف الذي تستخدمه للتنقل نفدت، يسود فوراً شعور بالقلق، وهو ما يؤثر بشكل بالغ على إحساسك بالاتجاه.
حتى عاملا الثقة وتصور الذات يلعبان دوراً أيضاً، حسب ما نشر موقع Psychology Today.
القدرات الذهنية
كانت التحقيقات في الجذور العصبية لقدرات تحديد الطريق أسفرت عن نتائج مقنعة، من أهمها اكتشاف "خلايا المكان" الحائز على جائزة نوبل عام 2014.
يقول علماء الأعصاب إن خلايا المكان تقع في الحُصين، وهي منطقة الدماغ المرتبطة بالذاكرة ويعتقد أنها أكثر ارتباطًا بالإحساس بالاتجاه.
والحُصين هو منطقة في الدماغ مرتبطة بالذاكرة وتشارك في الإحساس بالاتجاه، تعمل معها القشرة المخية الأنفية الداخلية والتي ترتبط أيضاً بإحساس الاتجاه.
توجد 4 أنواع معروفة من الخلايا العصبية المرتبطة بالملاحة في هذه المناطق: خلايا المكان وخلايا الشبكة وخلايا الحدود وخلايا اتجاه الرأس:
1- خلايا المكان تعمل كخريطة معرفية داخلية؛ تحدد مكانك.
2- خلايا الشبكة تعادل نظام GPS في أدمغتنا
3- خلايا الحدود تفسر وجود حدود بيئية في اتجاه وبعد معين من مكاننا الحالي.
4- وأخيراً، خلايا اتجاه الرأس التي تعمل عندما تعجز عن تحديد مكانك واتجاهك، فتطلق نبضات كهربائية عند الدخول لمواقع مألوفة وتبدأ بالتعرف على أماكن محددة أو مشاهد سابقة.
وأظهر بحث جديد أن الأشخاص الذين تضعف لديهم إشارات القشرة المخية الداخلية يعانون من التنقل في بيئة افتراضية، حسب دراسة نشرها موقع Medical Express.
كما وجدت دراسات أخرى أن الأشخاص الذين يتمتعون بإحساس أفضل بالاتجاه لديهم فصوص أمامية وصدغية أكبر للدماغ.
ومن المثير للاهتمام، أن اعتمادنا على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والهواتف الذكية قد يكون قد قلل من القدرة على استخدام خرائطنا الداخلية.
ووجدت دراسة أجريت عام 2010 أن كبار السن الذين يستخدمون نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بانتظام لديهم نشاط أقل في الحُصين مقارنة بمن لم يستخدموا نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
في المقابل، وجدت دراسة شملت سائقي سيارات الأجرة في لندن أن لديهم حصيناً أكبر بكثير من حصين الإنسان العادي، حسب ما نشر موقع Science Daily.
ويعتقد بعض الخبراء أن هناك نوعين من الأشخاص: أولئك الذين يتنقلون بالطرق والمعالم، على عكس أولئك الذين يتنقلون بواسطة الخرائط الذهنية.
هل يمكنك تدريب نفسك؟
يستطيع الإنسان أن يحكم بعدل على قدراته الاتجاهية؛ لذلك، سواء كنت تعتقد أنك قمر اصطناعي متحرك أو دائم الضياع، فأنت غالباً محق.
أما الشخص الذين يضيع كثيراً، فلا حرج من الأمر وليس وحيداً، وبالممارسة يمكن تحسين هذه القدرات.
كيف؟ عبر الخروج والاستكشاف.
تساعد التمارين البدنية أيضاً من خلال تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، بينما تساعد التمارين الذهنية مثل الألغاز أو تعلم لغة جديدة على تحفيز الخلايا والوصلات العصبية في الدماغ.
إذا كنت لا تزال تجد صعوبة، فعليك بدراسة الخرائط أو استخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أو الاستعانة بصديق ذي قدرات اتجاهية موثوقة.