حشرة صغيرة علمتنا كيف نواجه العطش.. كيف ألهمت الخنفساء الصحراوية العلماء لاستخراج الماء من الهواء؟

دائماً ما كان العلماء يبحثون عن سُبُل مبتكرة لجمع المياه

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/16 الساعة 09:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/16 الساعة 09:39 بتوقيت غرينتش
تستطيع الخنفساء الصحراوية أن تعيش في ظروف قاسية جداً - iStock

لطالما كانت المياه العذبة سلعة ثمينة وقيِّمة، يتم البحث عن كافة الوسائل الممكنة لتوفيرها، خاصة خلال العقود الأخيرة مع تصاعُد المخاوف من موجات الجفاف المُصاحبة لارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض، نتيجةً للاحتباس الحراري. لكن ما علاقة الخنفساء الصحراوية بهذا الموضوع؟

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعيش حوالي 3 مليارات شخص على وجه الأرض -أي ما يقرب من واحد من كل اثنين- في ظروف شحيحة المصادر من المياه، ومع تزايد الطلب بشكل كبير يظل العرض ثابتاً.

لذلك دائماً ما كان العلماء يبحثون عن سُبُل مبتكرة لجمع المياه، ومن بين تلك الوسائل توصلوا إلى طريقة استخلاص الماء من ضباب الجو، لتوفير كميات تسد احتياجات الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الجافة حول العالم.

الفكرة المبتكرة استُلهمت من خنفساء تعيش في الصحراء، وجد الباحثون أنها قادرة على البقاء على قيد الحياة من خلال حبس الماء على جسدها من الهواء، وتُسمَّى تلك الحشرة بخنفساء ناميبيا أو خنفساء الظلام.

الخنفساء الصحراوية في ناميبيا تُجمع قطرات الندى على ظهرها من الهواء الرطب - iStock
الخنفساء الصحراوية في ناميبيا تُجمع قطرات الندى على ظهرها من الهواء الرطب – iStock

صحراء ناميبيا القاحلة والبحث الدائم عن الماء

لم تكن صحراء ناميبيا محظوظة أبداً في أن تحظى بنسب كافية من فرص هطول الأمطار، ومع أن درجات الحرارة عبرها تكاد تحرق ما يلمس الأرض، إلا أن هناك سحابات من الضباب الرطب التي تغطي سطح الرمال كل يوم في الساعات الأولى للفجر. 

وفي تلك الكثبان الرملية الحارة يكمُن الموطن المثالي لخنفساء صحراء ناميبيا، التي تستطيع النجاة في درجات الحرارة المرتفعة من خلال تجمُّع قطرات الماء من الضباب على قشرة جسمها الخارجية، بحسب موقع List Verse.

إذ يحتوي ظهرها على حواف وتعاريج مقاومة للماء، تتجمع فيها القطرات وتوجهها نحو رأسها. وتتخلل الصدفة ما يشبه الثغرات الصغيرة التي تجمِّع بخار الماء من الضباب.

ومع تراكم الرطوبة على سطح ظهر الحشرة السوداء تكبُر القطرات حتى تنزلق نحو فم الخنفساء، ما يروي عطشها بشكل فعال وبصورة دورية، جاعلاً منها كائناً بارعاً في النجاة خلال أشهر الصيف الحارقة.

ويقول الباحث الرئيسي في فريق محاكاة جهاز استخلاص الماء من الضباب، مايكل روبنر، بحسب موقع Science العلمي: "هذا يسمح لكميات صغيرة من الرطوبة في الهواء بالبدء في التجمع على قمم النتوءات الجامعة للماء".

وتابع: "تظل تلك القطرات تكبُر وتتكاثف، ما يجعلها تتدحرج للأسفل باتجاه فم الخنفساء، للحصول على رشفات جديدة من الماء، إنه تكنيك عبقري".

الإلهام من الخنفساء الصحراوية دفع العلماء لمحاكاتها

التكثيف لاستخراج الماء هو عملية تتضمن سحب الماء من الغلاف الجوي. ويحدث ذلك نتيجة تلامس الهواء الرطب مع سطح بارد وجاف تماماً، مكوناً قطرات ماء تتدفق على السطح.

وهذه هي الطريقة التي يتم بها تجميع المياه في المناطق الصحراوية، حيث تنخفض درجات الحرارة بشكل كبير في الليل وساعات الفجر الأولى، ما يسهل جمع المياه عن طريق التكثيف.

التقنية التي تستخدمها الخنفساء بصورة تلقائية للبقاء في ظروف بيئتها القاسية، استعارها المهندسون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ما مكَّنهم من تصنيع مادة يمكنها حصاد الماء من الهواء الرقيق والضباب المُحمَّل بالرطوبة.

وفي التفاصيل التي أوردها موقع Live Science للعلوم والأبحاث، تم تصنيع المادة الإسفنجية من الزجاج والبلاستيك، وصُممت لتحاكي نفس الحواف الصغيرة والثقوب الجامعة للمياه على سطح مضاد للماء كما على ظهر الخنفساء تماماً.

علاوة على ذلك، تشير درجة تحمل الحشرة العالية للحرارة إلى وجود عاكسات للأشعة تحت الحمراء على سطح ظهرها، التي يمكن أن تساعد في المجالات التي تحتاج إلى معدات مقاومة للحرارة، مثل تصميم الصواريخ وغيرها، وفقاً للموقع.

تقنيات مستوحاة من الطبيعة لتلبية احتياجات العصر

في بعض المناطق الجافة مثل أطراف الصحراء الكبرى في المغرب، كان شعوب تلك المناطق يحصدون الضباب منذ عقود.

وكانت تقنيتهم في ذلك من خلال استخدام شبكة توصل المياه إلى الأنابيب، والتي تنقلها مرة أخرى إلى القرى، ومع ذلك لا يزال الضباب مصدراً يصعب التقاطه وفق الخبراء، لكن الزيادة الطفيفة في كفاءة تجميعه قد تفيد المجتمعات الصحراوية.

وفي بعض البلدان الجافة، تقوم أجهزة التكثيف الموجودة على أسطح المنازل بالفعل بتجميع المياه من الهواء، لكن هذه التقنيات تستهلك كميات كبيرة من الطاقة لإنتاج كميات صغيرة من المياه.

الضباب الرطب في ساعات الفجر الأولى يمكن استخلاص الماء العذب منه - iStock
الضباب الرطب في ساعات الفجر الأولى يمكن استخلاص الماء العذب منه – iStock

لذلك تقوم العديد من الشركات بالبحث عن حلول مستوحاة من الطبيعة لمشاكل الحياة الواقعية.

وبخلاف هذا الابتكار الذي يتم استخدامه بالفعل في يومنا هذا، على سبيل المثال، بحثت شركة كوالكوم للإلكترونيات في انعكاس الضوء على أجنحة الفراشة لتصميم شاشة القارئ الإلكتروني Mirasol. بينما حاكت شركة Whalepower الكندية زعانف الحوت الأحدب في توربينات الرياح والمراوح لتقليل السحب.

تحميل المزيد