إذا كنت تريد علاقة صحية تربطك بالأناس المقربين منك، فإن الثقة المتبادلة أمر ضروري لكي تحافظ على جميع أنواع العلاقات، بداية من الصداقة المعروفة ووصولاً لعلاقات الأزواج.
لكن عندما تمنعك مخاوفك وشعورك بعدم الأمان من الثقة الكاملة في شريك حياتك، ما يجعل من الصعب عليك الانفتاح عاطفياً والانخراط بشكل كامل في العلاقة، وهو بدوره ما سيعيق التواصل فيما بينكم ويحرمكما من تطوير نوع الارتباط ومستوى حميميته.
وتحدث مشاكل انعدام الثقة في العلاقات نتيجة لعدة أمور، إما بسبب التجارب المؤلمة في وقت سابق من حياة الشخص، والتي لم يتم حلّها بصورة كاملة والتصالح معها واكتساب الدروس منها والمضي قُدُماً، وإما بسبب حدوث تحديات حقيقية هددت سلامة العلاقة.
أسباب الشعور بعدم الأمان في العلاقة
من الممكن أن ينبع الشعور بعدم الأمان في العلاقة من عدة أسباب مختلفة. إذا لم تكن أنت وشريكك تتواصلان بشكل فعال حول المشكلات بينكما، أو تبذلان جهداً للحفاظ على اتصالكما الواضح والقوي، فقد تبدأ في الشعور بأنكما تنفصلان عن بعضهما البعض بالفعل.
وبحسب موقع Relate، يمكن أن ينشأ عدم الأمان من حدوث بعض التغييرات في العلاقة. على سبيل المثال، إذا كنت قد انتقلت إلى دولة جديدة مؤخراً، فقد تبدأ في الشعور بكل أنواع الضغوط الجديدة والتحديات المعيشية المختلفة. وفي حال لم تكونا قادرين على مناقشة هذه الأمور معاً، فيمكنكما أن تبدآ في الشعور بتلاشي الثقة في كلٍّ منكما وفي قدراتكما على العمل كفريق.
ويمكن أن يأتي عدم الأمان في العلاقة بسبب مشاكل الصورة الذاتية أو احترام الذات لدى شخص في العلاقة أو عند كليهما. على سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالدونية بعد سلسلة من خيبات الأمل في حياتك العملية، أو أصبحت أقل سعادة بمظهرك الجسدي بعد كسب بعض الوزن، فقد يجعلك هذا قلقاً بشكل خاص بشأن علاقتك.
الخبرات السابقة تشمل العلاقات الفاشلة ومشاكل الطفولة أيضاً
السبب الأخير والأبرز في حدوث عدم الأمان في العلاقات هو الخبرات السابقة المؤلمة. أحياناً ننتقل بأعباء ضخمة من المشاعر من علاقاتنا السابقة، ونضعها بدون وعي في علاقاتنا الحالية. وقد تكون تلك الأعباء بسبب جرح سابق في علاقة عاطفية سابقة لم تكتمل، أو حتى بسبب المشاكل الأسرية مع الوالدين ومشكلات الطفولة العالقة.
وبحسب Cosmopolitan، إذا لم تكن لدينا علاقات آمنة مع والدينا والرموز الكبرى في حياتنا خلال مراحل الطفولة المختلفة (مثل المعلم أو المربي أو الأقارب المشاركين في التربية)، فقد نحمل ذلك العبء العاطفي معنا حتى مراحل البلوغ والنضج.
وقد تكون العلاقات العاطفية السابقة، التي تحطمت فيها ثقتك في الآخرين لسبب أو لآخر، بمثابة الحجر الضخم الذي تحمله بينك وبين أي شخص يُحتمل أن تُكمل حياتك معه. وقد تجد نفسك تبحث عن "أنماط" أو تفترض أن التاريخ سوف يتكرر بنفس الصورة والتبعات.
تداعيات عدم الأمان في العلاقات
قد يكون الشعور بعدم الأمان في علاقتك إحساساً مؤلماً ومزعجاً للغاية. ويمكن أن يتجسَّد في عدة صور؛ فقد تشعر أن شريكك على وشك الانفصال عنك طوال الوقت، وقد تجد صعوبة في الوثوق بشريك حياتك مخافة أن يخدعك أو يكذب عليك. أو قد تشعر أن تواصلكما يضعف وأن الأساسات التي بُنيت عليها العلاقة ومشاعر الحب قد بدأت تتلاشى.
الشعور بهذا قد يجعل من الصعب حقاً الإيمان بمستقبل العلاقة- ويمكن أن يتركك أحياناً تتساءل عما إذا كان الحل الأسهل هو الانفصال. ويمكن أن تبدأ أيضاً في إحداث آثار سلبية في مجالات أخرى من حياتك. إذ يمكن أن يتقوض احترامك لذاتك وثقتك بنفسك، وهذا يمكن أن يجعل من الصعب الشعور بالقدرة على معالجة أي مشكلة.
وبحسب موقع Bustle، هناك عدد من الإشارات والتبعات التي تدل على إصابة شخص أو كلا الطرفين في العلاقة بعدم الأمان، وهي كالتالي:
- عدم القدرة على الوثوق التام في زوجك: عندما تكون غير قادر على وضع الثقة في شخص ما، يعيق ذلك أي فرص نُضج وتطوير للعلاقة، وهذا يمكن أن يضر الزواج ويهدد بقاءه، لأنه نوعاً ما يضع حداً لمقدار الحميمية العاطفية التي سيتشاركها كلا الطرفين.
- تعزيز الأفكار السلبية وتحويلها إلى أفعال: من الطبيعي أن نمتلك بعض الأفكار السلبية من وقت لآخر، ولكن إذا كنت تحبط نفسك كثيراً، فقد تقوم في النهاية بتصديق تلك الأفكار السلبية، والبدء في تغيير طريقة تصرفك، وبالتالي التأثير على العلاقة. إذا كررت فعل معين مرات عديدة متتالية، فقد تتغير علاقتك بسبب أفعالك.
- الحاجة إلى التطمين الدائم: لا حرج أن الرغبة في الحصول على بعض الطمأنينة من شريك حياتك بين الحين والآخر أمر طبيعي تماماً، ولكن إذا كنت بحاجة إليها التحقق باستمرار من مدى صدق وجدية ومحبة الطرف الآخر لك، فهذه علامة على أن حالة عدم الأمان لديك تفوز وتدخل منحى خطراً. وتوقع أنه إذا سئم الآخر من محاولة بذل المجهود لطمأنتك، فقد يفاقم الأمر مشكلة انعدام الأمان لديك.
- أنت تعتمد على شريكك لتشعر بالاكتفاء: تقبُّل الذات ليس شيئاً يمكنك اكتسابه بين عشية وضحاها، ولكن إذا كنت تعتمد فقط على شريكك لكي تشعر أنك شخص كافٍ، وجذاب بما فيه الكفاية، وذكي بما فيه الكفاية، ولطيف بما فيه الكفاية- فلن تكون سعيداً أبداً، سواء بينك وبين نفسك أو في علاقتك العاطفية.
كيفية علاج مشكلة عدم الأمان في العلاقات
عدم الأمان ليس خطأً. ولا تجعل مشكلات عدم الأمان الشخص المصاب بها ضعيفاً أو ناقصاً بأي شكل.
لكن بمجرد أن تدرك أنك تشعر بعدم الأمان، فكر في مصدر هذه المشاعر وحدد أساساتها الدفينة. إذ يمكن أن يكون الأمر منحصراً على ما مررت به في تجربة سابقة. وقد يكون الأمر بسبب افتقارك لنوع الاهتمام الذي تطمح إليه.
وابدأ في التفكير بشكل تحليلي، وقم بالاستعانة بالمختصين النفسيين لإرشادك خلال الرحلة. ومن بين الأسئلة التي يمكن أن تطرحها على نفسك لكي تعرف أسباب عدم شعورك بالأمان في علاقتك العاطفية بحسب موقع Life Hack للتطوير الذاتي:
- كيف كان نوع الاهتمام الذي تلقيته من والديك عندما كنت صغيراً؟
- هل سبق أن كنت على علاقة بشريك غير موثوق؟
- هل تعاني من مشاكل الصورة الذاتية وتفتقر إلى الثقة في نفسك؟
وبطرح تلك الأسئلة ومحاولة الإجابة عنها بالتفصيل وبدون أحكام على نفسك، حوّل تركيزك من إلقاء اللوم على شريكك في العلاقة أنه السبب في مشاعرك بالخطر وعدم الاستقرار، وتوجه إلى البحث في أفكارك الداخلية.
ووفقاً للموقع، يمكنك بعد معرفة سبب مشاعرك السلبية بعُمق، مشاركة شريك حياتك بتفاصيل ما توصلت إليه. تحدث عن المشاعر التي تشعر بها. وأخبره بما تشعر به عندما يفعل شيئاً معيناً، ولماذا تشعر بهذه الطريقة. شارك معه سبب اعتقادك أن هذه الأشياء تثير لك هذه المشاعر.
ومن خلال النقاش المُتفهم والكثير من طاقة الاستيعاب واللطف، يمكن أن تكتشف مع شريكك ما يجب عليكما فعله لجعل كلا الشخصين على دراية بالمشكلة. ويحتاج كلا الشريكين إلى العمل على جوانب معينة لتقليل عدم الأمان وإصلاحه معًا.
التواصل الحقيقي والاتفاق هما السبيل لعلاج المشكلة
لكي يتم علاج مشاكل عدم الأمان في العلاقات، يجب على الطرفين أن يضعا كل المجهود من أجل التفاهم والتعاون لتحقيق ما يحقق الاستقرار النفسي للطرف الآخر، ومحاولة تفهُّم المشكلات النفسية الكامنة وراء المشكلة عند الطرفين.
على سبيل المثال، إذا طلبت من زوجك أن يرد على اتصالاتك الهاتفية على الفور، فاتخذ بعض الخطوات الصغيرة، هذا الشعور الملح عليك في أن تشعر بالأمان وفقاً لسرعة استجابته.
وربما يمكنكما الاتفاق على أن تتبادلا رسائل نصية توضح أن أحدكما على وشك الانخراط في عمله المزدحم ولن يكون قادراً على الإجابة على الهاتف في حال الاتصال، بحسب Cosmopolitan.
وبغض النظر عن مدى موافقتكما على اتخاذ خطوات لحل المشكلة، فمن الضروري إجراء المناقشة. بخلاف ذلك، لن تتحسّن الأمور أبداً.
وسواء كانت المناقشة في صورة محادثات ليلية حول ما شعرتما به خلال اليوم، أو عبر شيء شخصي أكثر مثل التدوين في دفتر مشترك بينكما، المهم هو بذل جهد لإدراك المشكلة والعمل على حلها.
وتذكر أن تتحلى بالصبر مع نفسك ومع زوجك، إذ يستغرق الأمر شخصين لجعل العلاقة تنجح، خاصة عند محاولة علاج مشكلة منبتها الأصلي مشاكل نفسية عميقة وغير واضحة.