لا شيء يضاهي رائحة القهوة الطازجة، وهذا ما نجح فريق من العلماء الفنلنديين في ابتكاره مخبرياً، بحيث تتطابق رائحة وطعم القهوة المصنوعة مخبرياً مع القهوة العادية لضمان تزويد السوق بحبوب البن مع ارتفاع الطلب عليها.
باستخدام مفاعل حيوي مصمم للزراعة الخلوية، قام الباحثون في مركز البحوث التقنية (VTT) في فنلندا- البلد الذي يستهلك أكبر قدر من القهوة للفرد في العالم- بتخمير دفعة من الخلايا المستنبتة من أوراق نباتات البن لأول مرة.
وقال معد المشروع هيكو ريشر: "فيما يتعلق بالرائحة والطعم، وجد فريقنا الحسي بعد الفحص التحليلي أن شكل المشروب يشبه القهوة العادية"، حسب ما نشر موقع New Atlas.
وأضاف: "ومع ذلك، فإن صنع القهوة فن وينطوي على تحسين متكرر تحت إشراف متخصصين مع معدات مخصصة، وعملنا يمثل الأساس لمثل هذه النتيجة".
قهوة مصنعة مخبرياً لمساعدة الكوكب
يبشر هذا التطور بالخير بالنسبة لكوكب الأرض وصناعة القهوة، وكلاهما يعاني من ضغوط الهوس الشديد بالمشروبات- ثالث أكثر المشروبات استهلاكاً في العالم، بعد الشاي والماء.
ويجد مزارعو البن صعوبة في مواكبة الطلب العالمي الحالي، إذ يتم إنتاج حوالي 11 مليار كلغ – مما يضع مزيداً من الضغط على المناخ بسبب إزالة الغابات لإفساح المجال أمام زراعة حبات البن.
وقال ريشر لموقع Food Navigator: "يشتهر إنتاج البن التقليدي بالعديد من القضايا الإشكالية، مثل أساليب الزراعة غير المستدامة والاستغلال وحقوق الأرض، يُضاف إليها الطلب المتزايد وتغير المناخ".
وأوضح: "تستخدم العملية خلايا نباتات البن الحقيقية عبر زراعة الخلية من جزء نباتي مثل الورقة، ثم يتم نشر الخلايا المتكونة ومضاعفتها على وسط مغذٍّ محدد. وفي النهاية، يتم نقل الخلايا إلى مفاعل حيوي ليتم حصاد الكتلة الحيوية منه، يليها تجفيف الخلايا وتحميصها ثم تحضير القهوة".
ويقول الباحثون إن هذا الابتكار سيساعد في جعل إنتاج البن أكثر استدامة من خلال القضاء على الحاجة إلى توسيع الزراعة، حسب موقع Food Navigator.
تعكس هذه التقنية أشكالاً أخرى من "الزراعة الخلوية"، حيث يتم إنشاء المنتجات باستخدام مزارع الخلايا بدلاً من الحيوانات أو النباتات الفعلية، وبالتالي لا تتطلب سوى جزء بسيط من الطاقة والمياه وانبعاثات الكربون.
منتج منافس في أمريكا
ولا تنحصر البحوث في فنلندا وحسب، إذ إن شركة أتومو هي شركة ناشئة أخرى مقرها الولايات المتحدة ولديها تطلعات في هذا المجال.
جمعت الشركة 11.6 مليون دولار بعد محصولين من هذه البذور في العامين الماضيين، وتدعي أنها عكست هندسة حبوب القهوة لإنتاج مزيج جزيئي أقل مرارة من القهوة التقليدية.
هذه العملية، كما تقول الشركة على موقعها الرسمي، تستخدم مياهاً أقل بنسبة 94% وتولد انبعاثات كربونية أقل بنسبة 93% مقارنة بإنتاج القهوة التقليدي.
متى تباع في الأسواق؟
ستحتاج القهوة المزروعة في المعامل أولاً إلى الحصول على موافقة الجهات التنظيمية من السلطات المختصة في الأسواق المختلفة، قبل أن نجدها في أيدي عشاق القهوة حول العالم.
ويقدر ريشر أن تصبح متاحة في عام 2025.