كشفت صحيفة The Times البريطانية، الثلاثاء 14 سبتمبر/أيلول 2021، أن عالماً بريطانياً رائداً في علم الوراثة، وفاز بواحدة من أرفع الجوائز العلمية، يستعد لكشف النقاب عن تقنية جديدة قد تغيّر فهمنا للأمراض والشيخوخة.
البروفيسور سير شانكار بالاسوبرامانيان حصل على جائزة Breakthrough بقيمة مليون دولار، الأسبوع الماضي، لدوره في ابتكار تسلسل الجيل التالي (NGS)، وهي طريقة فائقة السرعة لقراءة الحمض النووي، أحدثت ثورة في علوم الحياة، إذ تعمل تقنية تسلسل الجيل التالي عن طريق القراءة السريعة للأحرف الأربعة (A وC وT وG)، التي تشكل العمود الفقري لشفرتنا الجينية.
لكن بالاسوبرامانيان يرى أن أبجدية الحمض النووي أوسع من ذلك، وهو يعمل الآن في مجال علم ما فوق الجينات أو علم التخلق epigenetics، الذي يدرس كيف تمر المادة الوراثية بتغيرات جزيئية دقيقة توّلد في جوهرها حروفاً جديدة، وقال لصحيفة The Times: "هذه الحروف فوق الجينية تمثل بُعداً غير مستغل من المعلومات".
وقد طوّرت شركته للتكنولوجيا الحيوية، Cambridge Epigenetix، تقنية تسلسل جديدة لم تُطرح في السوق بعد، ستقرأ هذه الحروف بسرعة ودقة أكبر مما هو ممكن في الوقت الحالي، إذ قال: "من الواضح أنها أساسية لعلم الأحياء، وكذلك لبيولوجيا الأمراض، فنحن لسنا بعيدين عن عالم نرى فيه تسلسل الجينوم الكامل وتسلسل الإيبيجينوم في الوقت نفسه شيئاً روتينياً وليس تسلسل الجينوم الكامل وحده".
وتركز أبحاث علم ما فوق الجينات على الكيانات الكيميائية المعروفة باسم مجموعات الميثيل، التي ترتبط بالحمض النووي وتغير هويته، وإضافة مجموعة ميثيل إلى حرف الدنا C يعطينا الحرف الجديد "methyl-C".
وهذه التغيرات فوق الجينية قد تشبه قليلاً أزرار التحكم في الصوت، حيث تتحكم في نشاط جينات الفرد، ويبدو أنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً ببعض الأمراض على سبيل المثال، ارتباط أنماط معينة من مجموعات الميثيل بحمض نووي لخلية مرتبط بالسرطان.
ولها دور في الشيخوخة أيضاً، فمع تقدمنا في السن تتبدل أنماط مجموعات الميثيل المرتبطة بحمضنا النووي، وبتحليل هذه التغيرات يمكننا تقدير "العمر البيولوجي" للخلية، وهو ما يثير السؤال: هل يمكننا مراقبة وربما تعديل الإبيجينوم لنعيش حياة أطول وأصح؟
يقول بالاسوبرامانيان إن شركة Cambridge Epigenetix طوّرت تقنية تسلسل جديدة ستفك شفرة الجينات وفوق الجينات في الوقت نفسه، وقال: "تتوفر الآن تقنية قوية لتحليل تسلسل الأحرف الجينية والأحرف فوق الجينية في الوقت نفسه، ويمكنكم اعتبارها مثل تقنية تسلسل مكونة من خمسة أو ستة أحرف".
وقراءات الإبيجينوم قد تقدم لنا تحذيرات مبكرة من المرض. وأضاف: "ثمة دليل بالفعل على أن المثيلة (إضافة مجموعات الميثيل إلى الحمض النووي) توفر معلومات مفيدة عن بيولوجيا المرض"، وقال بالاسوبرامانيان: "ما نأمل في تمكين الناس منه هو توفير تسلسل الأحرف الجينية والأحرف فوق الجينية المتعددة في وقت واحد، وبذلك يمكنك استخراج المزيد من المعلومات من الحمض النووي في تجربتك أو من مرضاك، وأنا متحمس كثيراً لهذا".