شابة تونسية تقدمت لخطبة حبيبها أمام منزله أثارت جدلاً واسعاً بين النساء في تونس، إذ دار نقاش عن "عرض الزواج من النساء للرجال"، وما إذا كان من حق النساء التقدم لخطبة من يحببن، أم ينتظرن المبادرة منهم، وارتبط النقاش عن تاريخ عروض الزواج النسائية ومدى رواج الفكرة في الغرب.
شابة تونسية تقدمت لخطبة حبيبها أمام منزله
نشرت الشابة ريم عبدالناظر صوراً لها من أمام منزل حبيبها، حيث ارتدت فستاناً وزينت رأسها بإكليل من الزهور، فيما أمسكت بوكيه ورد وخاتمي خطوبة لتطلب يد رجل الأعمال كريم الغربي، الذي أبدى موافقته. وهو ما اعتبرته ريم نجاحاً في الحب اتصف بالشجاعة والمخاطرة والتخلص من التقاليد السائدة.
ورغم النهاية السعيدة لقصة حبهما، لكن النقاشات لم تنته، إذ انقسمت الآراء بين من اعتبرها خطوة لا تليق بالمرأة التونسية، فيما شجعها آخرون كنوعٍ من المساواة بين النساء والرجال، وآخرون أثنوا على فكرة الجرأة في كسر العادات والتقاليد المجتمعية، بينما اعتبرها غيرهم حرية شخصية ولا داعي لرفضها أو تعميمها.
دار نقاش أيضاً عن نشأة فكرة عرض الزواج من النساء، وما إذا كانت ثقافة منتشرة بالغرب حيث نشأت.
تاريخ عرض الزواج من النساء للرجال
فكرة عرض الزواج من النساء للرجال بدأت بشكلٍ ساخر ثم تغذى عليها الأدب الإنجليزي، قبل أن تبدأ بعض الأصوات تنادي بحق المرأة في طلب الزواج بمن تحب كما يفعل الرجل، وذلك مع نشأة الحركة النسوية وصعود تيار ينادي بالمساواة بين الرجل والمرأة، وكان جزء من المناداة بها من باب الحرية والمساواة، بينما الجزء الآخر كان رافضاً لفكرة أن يكون طلب الزواج حكراً على الرجال، واعتبار المرأة بهذا الشكل "ملكية" للرجال.
أميرات بريطانيا وعروض الزواج
في العام 1816 كان أول حديث علني عن عرض زواج من امرأة لرجل، إذ كتبت صحف بريطانية خبراً عن اختيار أميرة ويلز الأميرة شارلوت زوجها كونها تتمتع بامتيازات، لكن موقع History Extra روى الواقعة باعتبارها "سخرية بها تطاول" على الأميرة.
لكن حدث استثناء تاريخي في خطوبة الملكة فيكتوريا والأمير ألبرت في عام 1839؛ كونها العاهل الحاكم لبريطانيا العظمى، فقد فرضت الآداب الملكية عليها أن تطلب يد الأمير ألبرت للزواج، رغم أنه هو من قدم لها خاتم الزواج، وكان خاتماً ذهبياً على شكل ثعبان كما اقتدت التقاليد.
الفلكلور الشعبي البريطاني
الفلكلور الشعبي البريطاني ممتلئ بالأساطير الخاصة بعروض زواج من نساء. ففي العصر الإليزابيثي (فترة مرتبطة بحكم الملكة دودي (1558-1603)، (وهي فترة ينظر لها على أنها إحدى فترات العصر الذهبي في تاريخ إنجلترا) يتوارد أنه كان حق ممارسة الحب امتيازاً للنساء حصراً.
لكن الأسطورة الأيرلندية الأشهر التي ربطت عرض الزواج بتاريخ 29 فبراير/شباط، تعود للقرن الخامس؛ إذ تقول الأسطورة التاريخية إن صفقة أبرمت بين راهبة تدعى سانت بريدجيت وقديس يدعى سانت باتريك؛ وهو أسقف مسيحي روماني، بعد أن شكت له انتظار النساء لفترة طويلة حتى يتقدم خطيبهن، فأصدر مرسوماً يقضي بإتاحة الفرصة للمرأة لعرض الزواج لكن في يومٍ واحد يأتي كل 4 سنوات، وهو آخر أيام في شهر فبراير/شباط في السنة الكبيسة.
فيما يُعتقد أن التقليد الأيرلندي انتقل إلى أسكتلندا بواسطة الرهبان الأيرلنديين، لتصدر ملكة أسكتلندية قانوناً في العام 1288 ينص على أنه يجب على أي رجل يرفض الاقتراح في هذا اليوم أن يدفع غرامة، وامتد هذا القانون إلى دول أوروبية أخرى. لكن الغرامة كانت دفع نقود أو شراء ثوب جديد لحبيبته أو حياكة 12 زوجاً من القفازات لحبيبته.
فيما يقال أيضاً إنه كان من الشائع أن ترتدي النساء المؤخرات أو ثوباً نسائياً قرمزياً أثناء الركوع على ركبة واحدة لتقديم عرض الزواج، وفق موقع Edinburgh News.
الأدب الإنجليزي
أيضاً تغذى الأدب الإنجليزي على قصص عروض زواج من النساء للرجال، مثل قصة كاثرين أرو بوينت في رواية "دانيال ديروندا" لجورج إليوت، ففيها تظهر البطلة لتقول الكلمة الحاسمة لعاشقها؛ هير كليسمر: "لماذا لا أتزوج الرجل الذي يحبني ، إذا كنت أحبه؟".
كما كانت العديد من بطلات شكسبير شجاعة تماماً في السعي وراء الحب؛ مثل جولييت وفيولا في فيلم Twelfth Night، وروزاليند في As You Like It، إذ يبحثن جميعاً عن أزواجهن دون الانتظار حتى يتم اختيارهن، كما شرحت صحيفة The Guardian البريطانية.
وكذلك قصص الأفلام الإنجليزية، إذ تطلب بولي في فيلم Love in a Cold Climate من الصبي أن يتزوجها، وهي تقول: "كنت أعلم أنه يجب أن أقوم بعرض الزواج، وقد فعلت ذلك". وقد تغذت كثير من الأعمال الأدبية والفنية في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي على قصص لنساء تقدمن لطلب الزواج بأصدقائهن على عكس الشائع.
لكن رغم الأعمال الأدبية والقوانين الواردة في الفلكلور الشعبي وحتى الأعمال الفنية، لم تلق فكرة عرض الزواج من النساء للرجال رواجاً حقيقياً لتطبيقها إلا مع القرن العشرين، وارتبط كذلك بيوم 29 فبراير/شباط، الذي يعود اختياره إلى القصة الفلكلورية الأيرلندية. ورغم ذلك، لا تزال هذه الظاهرة نادرة في الغرب كما أفرد مقال لصحيفة New York Times الأمريكية، ومجلة The Atlantic الأمريكية.