قلة النوم خطر محدق يؤدي لتغيير المشاعر.. يعزز مشاعر الغضب والوحدة ويؤثر على كافة أجهزة الجسم

قلة النوم قادرة على تعطيل العديد من أجهزة الجسم مثل الجهاز المناعي والجهاز العصبي الرئيسي

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/10 الساعة 12:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/10 الساعة 12:37 بتوقيت غرينتش
قلة النوم قادرة على تعطيل العديد من أجهزة الجسم - iStock

كثير من الناس لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم الجيد خلال الليل، وهذا يمكن أن يؤثر على صحتهم ورفاهيتهم وقدرتهم على القيام بالأنشطة اليومية بصورة طبيعية.

ومع ذلك، نعلم جميعاً أن تأثير النوم أكثر من مجرد تأثير على الأداء اليومي، إذ من الممكن أن يتسبب في تغيير المزاج العام بشكل جذري أيضاً، ويتسبب في زيادة ميل الشخص إلى الشعور بالغضب والتشوّش وحتى تعزيز الإحساس بالوحدة والتأجُّج.

تأثير قلة النوم على الصحة النفسية والمشاعر

وفي دراسة حديثة أجرتها جامعة جنوب فلوريدا، قام الباحثون بتقييم آثار الحصول على أقل من ست ساعات من النوم في الليلة الواحدة، وهو ما يقول الخبراء إنه الحد الأدنى الذي يحتاجه البالغون العاديون للحصول على صحة مثالية.

واشتملت الدراسة بحسب WebMD، على ما يقرب من 2000 شخص بالغ في منتصف العمر ويتمتعون بصحة جيدة نسبياً ولديهم تعليم جيد. وقد سجل المشاركون يوميات حول صحتهم العقلية والجسدية في مذكرات تابعة للدراسة لمدة 8 أيام متتالية.

الحرمان من النوم يؤدي لتذبذب المشاعر والإصابة بالاكتئاب - iStock
الحرمان من النوم يؤدي لتذبذب المشاعر والإصابة بالاكتئاب – iStock

وتعرض في التجربة 4 من كل 10 أشخاص، أي بنسبة 42% من المشاركين، لقلة النوم بصورة مُتعمدة لغرض التجربة، لمدة ليلة واحدة على الأقل، وناموا 1.5 ساعة أقل من الكمية المعتادة اليومية لنومهم.

ونتج عن قلة النوم لمدة ساعة ونصف فقط عن المعتاد، تضاعف مشاعر سلبية لديهم تمثلت في الغضب والعصبية والوحدة والتهيُّج والإحباط. كما ظهرت الأعراض الجسدية أيضاً لقلة النوم، بما في ذلك مضاعفات في الجهاز التنفسي العلوي وأوجاع متفرقة في الجسم ومشاكل في الجهاز الهضمي.

وظلت هذه المشكلات العقلية والجسدية مرتفعة إلى أن حصل المشاركون على قسط كامل من النوم تجاوز عدد الست ساعات في الليلة الواحدة، وفقاً للدراسة.

وفي النتائج، اتضح أن أكبر زيادة في الأعراض حدثت بعد ليلة واحدة فقط من قلة النوم، وتفاقمت بشكل مطرد وصولاً إلى اليوم الثالث.

وبعد هذه النقطة في اليوم الثالث، يعتاد الجسم نسبياً على فقدان النوم المتكرر ويبدأ في التأقلُم نسبياً. لكن في اليوم السادس، أفاد المشاركون المحرومون من النوم أن شدة أعراضهم الجسدية كانت في أسوأ حالاتها.

ووجد بحث سابق نشره موقع WebMD أن فقدان 16 دقيقة فقط من النوم يمكن أن يضر بالأداء الوظيفي للشخص في اليوم التالي.

واتضح في الدراسة أن قلة النوم الطفيفة يمكن أن تقلل اليقظة الذهنية اليومية، ومهارات عقلية عديدة، وهو أمر بالغ الأهمية لإدارة التوتر والحفاظ على الروتين الصحي اليومي للأفراد.

الآثار طويلة المدى للحرمان من النوم

يحتاج الجسم إلى النوم، تماماً كما يحتاج إلى الهواء والطعام ليعمل بصورة أفضل. وأثناء النوم، يشفي الجسم نفسه ويعيد توازنه الكيميائي. كذلك يكوّن الدماغ روابط فكرية جديدة ويساعد على الاحتفاظ بالذاكرة والمعلومات.

وبدون قسط كافٍ من النوم، لن يعمل الدماغ والجسم بشكل طبيعي. ويمكن أن يؤدي أيضاً إلى انخفاض جودة حياتك بشكل كبير.

ولأن انعدام أو قلة النوم يؤثر بشكل حقيقي على القدرات العقلية ويعرض الصحة الجسدية لمخاطر عديدة، ربطت الأبحاث قلة النوم بعدد من الأعراض تراوحت من زيادة الوزن وصولاً إلى ضعف جهاز المناعة.

التأثير على الجهاز العصبي المركزي

الجهاز العصبي المركزي هو الطريق السريع الرئيسي للمعلومات في الجسم. ومن أجل الحفاظ على عمل هذا الجهاز الحيوي بشكل صحيح ينبغي الحصول على قسط مناسب من النوم الكافي ليلاً. لكن الأرق المزمن يمكن أن يعطل الطريقة التي يرسل بها الجسم المعلومات، ويعالجها.

الإرهاق المزمن يدمر القدرات العقلية - iStock
الإرهاق المزمن يدمر القدرات العقلية – iStock

وأثناء النوم، تتشكل مسارات بين الخلايا العصبية في الدماغ- وهي التي تساعد على تذكر المعلومات الجديدة التي تعلمتها. ويؤدي الحرمان من النوم إلى إرهاق الدماغ، وبالتالي عدم القيام بتلك الوظيفة.

وقد تجد أيضاً صعوبة أكبر في التركيز أو تعلُّم الأشياء الجديدة. وقد تتأخر أيضاً الإشارات التي يرسلها الجسم، مما يقلل من سرعة البديهة وإصدار رد الفعل، ما يزيد من خطر وقوع الحوادث.

وإذا استمر الحرمان من النوم لفترة كافية، فقد تبدأ في الشعور بالهلوسة السمعية أو البصرية أو كلتيهما. ويمكن أن تؤدي قلة النوم أيضاً إلى الهوس لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب المزاج ثنائي القطب.

وتشمل المخاطر النفسية الأخرى ما يلي بحسب موقع Healthline:

  1. السلوك المتهور.
  2. القلق والتوتر.
  3. الاكتئاب الحاد.
  4. الارتياب والجنون.
  5. الأفكار الانتحارية.

وقد ينتهي بك الأمر أيضاً إلى النوم القهري خلال النهار، وفيه يغفو الشخص لا إرادياً لبضع ثوانٍ دون أن يدرك ذلك.

ويمكن لهذا النوع من النوم أن يكون خطيراً للغاية على سلامة الأفراد، وقد يؤدي لحوادث خاصة عند استخدام الموقد مثلاً أثناء القيادة أو عبور الطريق.

ويمكن أن يجعلنا هذا النوع من النوم أيضاً أكثر عرضة للإصابة في حال عمل الشخص مع الآلات الثقيلة أو الحادة.

التأثير على الجهاز المناعي

ينتج الجهاز المناعي أثناء النوم مواد واقية ومقاومة للعدوى مثل الأجسام المضادة والسيتوكينات. وتستخدم هذه المواد لمكافحة الأجسام الغريبة على الجسم، مثل البكتيريا والفيروسات.

وتساعدك بعض السيتوكينات أيضاً على تحسين جودة النوم، مما يمنح الجهاز المناعي المزيد من الكفاءة للدفاع عن الجسم ضد المرض.

وتحرم قلة النوم جهاز المناعة من استعادة وبناء قوته. وإذا لم تحصل على قسط كافٍ من النوم، فقد لا يتمكن الجسم من صد الأمراض، وقد يستغرق أيضاً وقتاً أطول للتعافي من المرض والجروح.

ويؤدي الحرمان طويل المدى من النوم إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة، مثل داء السكري وأمراض القلب.

تأثير قلة النوم على الجهاز التنفسي

العلاقة بين النوم والجهاز التنفسي تسير في كلا الاتجاهين. يمكن لاضطراب التنفس الليلي المسمى بانقطاع النفس الانسدادي النومي (OSA) أن يقطع النوم ويقلل من جودته.

وعندما تستيقظ طوال الليل، يجعلك ذلك أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مثل نزلات البرد والإنفلونزا. ويمكن أن يؤدي الحرمان من النوم أيضاً إلى تفاقم أمراض الجهاز التنفسي الموجودة، مثل أمراض الرئة المزمنة والربو.

انعدام النوم يؤثر على الجهاز المناعي ويؤدي لسهولة الإصابة بالمرض - iStock
انعدام النوم يؤثر على الجهاز المناعي ويؤدي لسهولة الإصابة بالمرض – iStock

انعدام النوم يؤثر أيضاً على الجهاز الهضمي

إلى جانب تناول الكثير من الطعام وعدم ممارسة الرياضة، فإن الحرمان من النوم هو عامل خطر كبير لزيادة الوزن والسمنة، بحسب موقع Healthline.

ويؤثر النوم على مستويات هرموني اللبتين والجريلين، اللذين يتحكمان في الشعور بالجوع والامتلاء.

ويخبر هرمون اللبتين العقل بأنه تناول ما يكفي من الطعام. وبدون نوم كافٍ، يقلل الدماغ من إفراز هرمون اللبتين ويزيد هرمون الغريلين، وهو منبه للشهية. ويمكن لتدفق هذه الهرمونات أن يفسر الرغبة في تناول الوجبات الخفيفة ليلاً أو لماذا قد يأكل شخص ما وجبة دسمة في وقت متأخر من اليوم.

وقلة النوم يمكن أن تجعلك تشعر بالتعب الشديد من ممارسة الرياضة. وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي انخفاض النشاط البدني إلى زيادة الوزن؛ لأنك لا تحرق سعرات حرارية كافية ولا تبني كتلة عضلية.

ويؤدي الحرمان من النوم أيضاً إلى إفراز الجسم كمية أقل من الأنسولين بعد تناول الطعام، وهو ما يساعد على خفض مستوى السكر في الدم (الغلوكوز).

ويقلل الحرمان من النوم أيضاً من تحمُّل الجسم للغلوكوز ويرتبط بمقاومة الأنسولين. ويمكن أن تؤدي هذه الاضطرابات إلى الإصابة بداء السكري والسمنة.

طرق لتحسين وعلاج مشكلة قلة النوم

أفضل طريقة لمنع الحرمان من النوم هي التأكد من حصولك على قسط كافٍ من النوم. ويجب اتباع الإرشادات الموصى بها لفئتك العمرية من النوم، والتي تتراوح من 7 إلى 9 ساعات لمعظم البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً.

وتشمل الطرق الأخرى التي يمكنك من خلالها العودة إلى المسار الصحيح مع جدول نوم صحي ما يلي:

  1. الحد من قيلولة النهار (أو تجنبها تماماً).
  2. الامتناع عن تناول الكافيين بعد الظهر أو قبل 6 ساعات على الأقل من موعد النوم في الليل.
  3. الذهاب إلى الفراش في نفس الوقت كل ليلة والحفاظ على الروتين.
  4. الاستيقاظ في نفس الوقت كل صباح.
  5. الالتزام بجدول وقت النوم خلال عطلات نهاية الأسبوع والعطلات.
  6. قضاء ساعة قبل النوم في القيام بأنشطة الاسترخاء، مثل القراءة أو التأمل أو الاستحمام وتمارين التنفُّس.
  7. تجنُّب تناول الوجبات الثقيلة في الساعات القليلة قبل النوم.
  8. الامتناع عن استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم مباشرة.
  9. ممارسة الرياضة بانتظام، وتجنُّب تعزيز الانتباه قبل النوم بقليل.

وإذا استمرت معاناة الشخص من مشاكل النوم ليلاً، وكنت تحارب التعب أثناء النهار، يجب حينها التحدث إلى طبيب مشاكل النوم المتخصص. وهناك يمكنهم اختبار الظروف الصحية الأساسية التي قد تعيق جدول النوم.

تحميل المزيد