حققت آيسلندا "نجاحاً ساحقاً" في أكبر تجربة في العالم للعمل لمدة أربعة أيام فقط خلال الأسبوع، الأمر الذي جعلها مثالاً ينبغي أن تحتذي به الحكومات التي ترغب في تطبيق هذه الخطط، وذلك طبقاً لما أورده موقع Business Insider الألماني، يوم الإثنين 5 يوليو/تموز 2021.
حيث شارك أكثر من 2500 شخص من 100 مكان عمل في تجربتين مدعومتين من الحكومة الآيسلندية، ومثّل هؤلاء تقريباً 1% من سكان البلاد في سن العمل.
كما شهد كثيرون خفض عدد ساعات العمل من 40 ساعة إلى 35 ساعة بدون خفض الراتب، وبدون أي فقدان في الإنتاجية، وفقاً لتحليل مشترك للتجربتين اللتين أجرتهما المؤسسة الفكرية البريطانية المتخصصة في مستقبل العمل Autonomy، بالتعاون مع جمعية الديمقراطية المستدامة الآيسلندية (ALDA).
كانت صحيفة The Independent البريطانية أول مَن نشر حول هذه التجربة.
من جانبهم، رأى باحثون نتائج هاتين التجربتين تضيف مصداقية إلى فكرة قصر أسبوع العمل على 4 أيام بدون خفض الراتب، التي يُدفع بها على نحو متزايد بوصفها طريقة لتحسين التوازن بين الحياة والعمل، ما يعزز الإنتاجية والرفاهية، خاصة أنه يحسّن أداء الموظفين ويساعد البيئة.
رفاهية العمال وزيادة الإنتاجية
فقد أظهر تحليل بيانات التجربتين أن رفاهية العمال تحسّنت بشكل كبير على أكثر من مستوى، حيث انخفض الإجهاد والإرهاق بشكل ملحوظ، مع تحقيق توازن بصورة أفضل بين الصحة والحياة العملية، الأمر الذي أدى للمحافظة على الإنتاجية ومستوى تقديم الخدمة، بل إنه تحسّن في غالبية أماكن العمل المشمولة في التجربة.
على إثر ذلك، بدأت النقابات العمالية في آيسلندا بالفعل في التفاوض مع العمال على تخفيض ساعات العمل خفض ساعات العمل لـ 86% من القوة العاملة في البلاد.
يُشار إلى أن مجلس مدينة العاصمة ريكيافيك والحكومة المحلية هما من بدآ التجربتين، بعد الضغط من جانب جماعات المجتمع المدني والنقابات العمالية، التي ذكرت أن البلاد تتخلف عن غالبية البلاد الشمالية المجاورة، عندما يتعلق الأمر بالتوازن بين العمل والحياة.
إذ جرت أولى التجارب في العاصمة الآيسلندية ريكيافيك بين عامي 2014 و2019، وشهدت خفض عمال مراكز رعاية الأطفال والخدمات ساعات عملهم من 40 ساعة إلى 35 ساعة أسبوعياً، ثم توسعت لتشمل موظفي مكتب عمدة المدينة ودور الرعاية.
أما التجربة الثانية، التي أُجريت بين عامي 2017 و2021، فقد شهدت تقليل ساعات العمل للموظفين الحكوميين لدى عديد من الهيئات الحكومية. وتضمنت أعمالهم النماذج التقليدية من دوام العمل، الذي يتراوح بين 5 و9 ساعات، وكذلك النماذج غير المنتظمة من الدوام.
بدوره، أكد ويل سترونغي، مدير المؤسسة الفكرية البريطانية Autonomy، أن القطاع العام يُظهر أنه مستعد لأن يكون رائداً في الحصول على أسابيع عمل أقصر، وتستطيع الحكومات الأخرى تعلم الدروس.
ليست الحكومة الوحيدة
جدير بالذكر أن حكومة آيسلندا ليست هي الوحيدة التي تجرب فكرة العمل لـ 4 أيام في الأسبوع.
إذ إن الحكومة الإسبانية كانت قد وافقت، في مايو/أيار 2021، على خطط تجريبية لثلاث سنوات، وتعهدت بدفع 50 مليون يورو لدعم الشركات التي تطبق الفكرة، وذلك وفقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية.
كانت آيسلندا قد احتلت المركز العاشر في عام 2020 بقائمة الدول صاحبة أقصر ساعات عمل، وذلك وفقاً للإحصاءات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إذ يعمل الموظفون الآيسلنديون حوالي 1435 ساعة سنوياً.
في حين كان الموظفون الألمان الأقل على صعيد عدد ساعات العمل في 2020، بإجمالي ساعات عمل 1332 سنوياً.