كان مقرراً أن يكون بمدخل قناة السويس في مصر.. ما لا تعرفه عن تاريخ تمثال الحرية

تم بناء التمثال كهدية من فرنسا إلى أمريكا لتوطيد العلاقات واحتفالا بنهاية الحرب الأهلية بالولايات المتحدة

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/04 الساعة 14:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/04 الساعة 14:39 بتوقيت غرينتش
تم بناء التمثال كهدية من فرنسا إلى أمريكا لتوطيد العلاقات - iStock

في احتفال تمت إقامته في باريس في مثل هذا اليوم، 4 يوليو/تموز من العام 1884، تم كشف الستار عن تمثال الحرية المكتمل رسمياً وبشكل نهائي؛ احتفالاً بالتحالف والصداقة بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وللاحتفال بانتهاء الحرب الأهلية الأمريكية.

وقد وُلدت فكرة التمثال لأول مرة عام 1865، عندما اقترح المؤرخ الفرنسي إدوارد دي لابولاي تصميم نصب تذكاري للاحتفال بالذكرى المئوية لاستقلال الولايات المتحدة المقررة عام 1876، بعدما كان مقرراً نصبه في مصر.

تم الاستعانة بالتماثيل الفرعونية القديمة وتمثايل الآلهة الإغريقية لابتكار شكل التمثال - istock
تم الاستعانة بالتماثيل الفرعونية القديمة وتمثايل الآلهة الإغريقية لابتكار شكل التمثال – istock

وبحلول عام 1870، ابتكر النحات فريديريك أوغست بارتولدي رسومات تخطيطية لتمثال عملاق في هيئة امرأة ترتدي رداء فضفاضاً وتحمل شعلة في يدها اليُمنى كانت فكرته بمثابة إعادة تدوير لفكرة تمثال مماثل كان قد اقترحها المؤرخ الفرنسي يتم بها الاحتفال بافتتاح قناة السويس المصرية التي كانت حينها تحت الوصاية الإنجليزية.

تفاصيل البناء العملاق

تمثال الحرية، أو ما عُرف في البداية باسم "الحرية المنيرة للعالم"، هو تمثال ضخم منتصب في جزيرة ليبرتي بأعالي خليج نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد جرى بناؤه لإحياء ذكرى الصداقة بين شعبي الولايات المتحدة وفرنسا.

وبحسب الموسوعة البريطانية، يقف تمثال الحرية على ارتفاع 305 أقدام (93 متراً) بما في ذلك قاعدته السفلية، وهو يمثل امرأة تحمل شعلة في يدها اليمنى المرتفعة، بينما تضم لوحاً يحمل تاريخ اعتماد إعلان الاستقلال 4 يوليو/تموز 1776 في ذراعها اليسرى.

ويمكن الوصول إلى الشعلة، التي يبلغ قياسها 29 قدماً (8.8 متر) من طرف اللهب إلى أسفل المقبض، عبر سلم خدمي داخلي بطول 42 قدماً (12.8 متر) داخل الذراع، وقد كان الصعود لهذا المكان متاحاً للجمهور منذ العام 1886 وحتى 1916.

قصيدة "التمثال الجديد"

وقد نُقشت لوحة عند مدخل قاعدة تمثال الحرية عليها قصيدة باسم The New Colossus أو التمثال الجديد، للشاعرة الأمريكية إيما لازاروس. وقد تمت كتابتها للمساعدة في جمع الأموال من أجل إتمام بناء العمل العملاق، ونص بعض ما جاء فيها كالتالي:

"هلموا إلي أيها المتعبون والفقراء،

أيتها الجموع الحاشدة التواقة إلى استنشاق الحرية

أيها البائسون المهملون الذين يملؤون الشطآن

أرسلوا إلىّ أولئك المشردين الذين تعصف بهم الزوابع

فأنا أرفع مصباحي عند البوابة الذهبية".

صرح ضخم يدخل قائمة يونسكو للتراث

وبعد أن قدَّم المؤرخ الفرنسي لابولاي، اقتراحاً لتمثال الحرية في عام 1865، ساهم الفرنسيون بجمع التبرعات لبنائه، وبدأ بالفعل العمل على تصميمه في فرنسا عام 1875 تحت قيادة النحات فريدريك أوغست بارتولدي.

وتم بناء التمثال من صفائح نحاسية، تم تشكيلها يدوياً وتجميعها على إطار من أربعة دعامات فولاذية عملاقة، صممها يوجين إيمانويل فيوليت لو دوك وألكسندر جوستاف آيفل، صاحب تصميم برج إيفل الشهير في العاصمة باريس.

وقد تم تقديم التمثال للوزير الأمريكي إلى فرنسا ليفي مورتون (نائب الرئيس لاحقاً) في حفل أقيم في باريس في 4 يوليو/تموز 1884.

وفي عام 1885، تم تفكيك التمثال المكتمل، الذي يبلغ ارتفاعه 151 قدماً وبوصة واحدة ويزن 225 طناً، وتم شحنه إلى مدينة نيويورك. وهناك تم الانتهاء من تصميم قاعدة التمثال، بعدما صممها المهندس المعماري الأمريكي ريتشارد موريس هانت، وتم بناؤها بجزيرة بيدلو في عهد الرئيس الأمريكي جروفر كليفلاند.

وعلى مر السنين، خضعت شعلة تمثال الحرية للعديد من التعديلات، بما في ذلك تحويلها إلى الطاقة الكهربائية في عام 1916 وإعادة تصميمها (مع نحاس مغلف بورق الذهب) في منتصف الثمانينات، عندما تم إصلاح التمثال وترميمه من قبل العمال الأمريكيين والفرنسيين للاحتفال بالذكرى المئوية لنصب التمثال، التي أقيمت في يوليو/تموز 1986.

وقد أضيف الموقع إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1984.

علاقة تمثال الحرية بقناة السويس المصرية

كان تمثال "مصر تحمل الضوء إلى آسيا"، والذي عُرف أيضاً باسم "الضوء البازغ تجاه آسيا"، هو خطة مبكرة لتصميم تمثال ضخم على الطراز الكلاسيكي الحديث.

وبحسب موقع التاريخ الأمريكي العربي، تم تصميم فكرة المشروع ورسمها في أواخر ستينيات القرن التاسع عشر من قبل النحات والمؤرخ الفرنسي بارتولدي، وكان المشروع عبارة عن تمثال لفلاحة مصرية أو سيدة شعبية ترتدي ثوباً فضفاضاً وتحمل شعلة في يدها لتنير المنطقة المحيطة؛ وكان من المقرر وضعه عند مدخل قناة السويس في مدينة بورسعيد المصرية. 

أمر ديليسبس العمال الأوروبيين بتصميم تذكار ضخم للاحتفال بافتتاح قناة السويس المصرية - iStock
أمر ديليسبس العمال الأوروبيين بتصميم تذكار ضخم للاحتفال بافتتاح قناة السويس المصرية – iStock

التمثال الذي كان من المفترض أن يقف على ارتفاع 86 قدماً وأن ترتفع قاعدته إلى 48 قدماً، تم رفض مقترحه من قبل خديو مصر في ذلك الوقت، الخديو إسماعيل، بسبب كلفة بنائه الباهظة. وفي عام 1869 تم بناء منارة بورسعيد، التي صممها فرانسوا كينيه ومجموعة من العمال الأوروبيين بأمر من ديليسيبس، ووُضعت في الموقع نفسه.

فكرة مستوحاة من التاريخ الفرعوني القديم وآلهة الإغريق الكلاسيكية

فكرة وضع تمثال الحرية على مصب قناة السويس الجديدة آنذاك، كانت مستوحاة من تأثُّر بارتولدي بالتماثيل الفرعونية القديمة العملاقة التي شاهدها في معبد أبوسمبل.

بعد ذلك أجرى بارتولدي مزيداً من البحث واستمد الإلهام من تمثال رودس العملاق- وهو أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، والذي كان يبلغ ارتفاعه 33 متراً لإله الشمس اليوناني هيليوس عند مدخل الميناء الرئيسي بمدينة رودس- وقد ابتكر تصميم الأنثى الفلاحة ذات الجلباب الفضفاض، ثم ما لبث أن طورها فيما بعد لتبدو بمظهر الإلهة الكلاسيكية التي أصبحت عليه في النهاية.

وفي عام 1892، افتتحت الحكومة الأمريكية محطة هجرة فيدرالية في جزيرة إليس، بالقرب من جزيرة بيدلو في خليج نيويورك العلوي الواقع فيها تمثال الحرية.

وبين عامي 1892 و1954، تم استقبال حوالي 12 مليون مهاجر في جزيرة إليس قبل حصولهم على إذن لدخول الولايات المتحدة، وكان هذا التمثال هو أول معلم في استقبالهم.

وحتى عام 1901، كان مجلس المنارات الأمريكية هو المسؤول عن تشغيل تمثال الحرية، حيث مثلت شعلة التمثال وسيلة ملاحية للبحارة.

وبعد ذلك التاريخ، تم وضعه تحت الولاية القضائية لوزارة الحرب الأمريكية نظراً لوضع فورت وود كموقع عسكري لا يزال قيد التشغيل.

تمثال الحرية كان آداة ملاحة قبل أن يتحول لمعلم وطني ومتحف - iStock
تمثال الحرية كان آداة ملاحة قبل أن يتحول لمعلم وطني ومتحف – iStock

وفي عام 1924، جعلت الحكومة الفيدرالية التمثال نصباً وطنياً، وتم نقله إلى رعاية دائرة الحدائق الوطنية في عام 1933.

وفي عام 1956، تم تغيير اسم جزيرة بوديلو إلى جزيرة ليبرتي، وفي عام 1965، بعد أكثر من عقد من إغلاقها باسم محطة هجرة فيدرالية، أصبحت جزيرة إليس جزءاً من نصب تمثال الحرية الوطني.

تحميل المزيد