كشفت لقطات كاميرات خفية وضعها محققون داخل مقهى تابع لإحدى المحاكم في بلدية صغيرة جنوبي إيطاليا، كيف تتحكم مافيا في المطعم الذي يتواجد داخل المبنى القضائي، وفق ما ذكره تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية، الثلاثاء 4 مايو/أيار 2021.
تشمل الاتهامات الـ31 التي وُجِّهَت لطاقم عمل المقهى في الأسبوع الماضي في بلدة بوتينزا الإيطالية تشكيل مافيا والقتل والابتزاز، لكن ربما أكثر هذه التهم دهشة هي رقم 19، التي تزعم أنَّ المشتبهين كانوا يديرون مقهى داخل مبنى المحكمة.
غسل الأموال داخل المحكمة
حسب الصحيفة الأمريكية، فإنه كل يوم طوال 3 سنوات احتسى المُدَّعون والمحققون الذين يعملون على بناء القضايا الجنائية مشروب الكابتشينو، وأكلوا باذنجان بارميجانا في مطعم المحكمة، الذي تقول السلطات الآن إنه يُدار بواسطة عصابة قوية. وعلَّق فرانسيسكو كورسيو، رئيس الادعاء في بوتينزا: "كانوا في قلب بيتنا".
وفقاً لوثائق المحكمة، أدارت مافيا التي تتزعمها عائلة محلية المقهى كواجهة لـ"غسل الأموال، وليكون لها قاعدة داخل أهم محكمة عدل في الإقليم للحصول على المعلومات".
التقطت الكاميرات الخفية التي وضعها المحققون مشاهد لموظفي المقهى وهم ينحنون احتراماً لزعيم الأسرة، ويواسون بعضهم البعض عندما أُلقِي القبض على مساعده بتهمة تهريب المخدرات، وفقاً للمدعين العامين ووثائق المحكمة.
أثارت الاكتشافات في بوتينزا، عاصمة إقليم بازيليكاتا الجنوبي، مخاوف من أنَّ المنظمات الإجرامية تزداد حجماً وجرأة. وقال كورسيو في مؤتمر صحفي: "من الواضح أنَّ هناك إخفاقاً ما في ضوابط مكافحة المافيا".
أجهزة تجسس وكاميرات لكشف "الجريمة"
بدأ المحققون الذين تابعوا التحقيق في الشك في أنَّ ملكية الحانة الجديدة كانت مجرد واجهة. وزرعت الشرطة أجهزة تجسس وكاميرات في المقهى وبدأت في التنصت على المشتبه بهم، للحصول على صورة أوضح عن أنشطة الأسرة.
كما قالوا إنَّ المافيا كانت تسيطر على مقهى مقامرات، وكانت وراء سرقة محل مجوهرات في المدينة. وقال المدعون إنهم تركوا رجال العصابات يعتقدون أنهم يتفوقون على السلطات.
بينما أوضح فرانسيسكو كورسيو: "إذا ذهب مجرم من مجموعة أخرى إلى هناك ورأى أنهم يديرون مقهى المحكمة، فلا بد أنه سيفكر: هؤلاء الرجال أذكياء". وأضاف أنَّ "الهيبة الإجرامية" ربما كانت السبب الرئيسي وراء سعي الأسرة للسيطرة على المقهى.
الأسرة تنفي الاتهامات
من جانبه، نفى باسيليو بيتاسي، محامي سافيريو ريفيتسي، الذي يزعم المدعون أنه رئيس العشيرة، أنَّ الأسرة تشكِّل منظمة مافيا، مضيفاً أنَّ ريفيزي بُرِّئ بالفعل من مثل هذه المزاعم في الماضي.
قال بيتاسي إنَّ ما يُسمَّى بعشيرة ريفيتسي -التي تقول السلطات إنها تدير المقهى- لم تسيطر على أية منطقة أو تنشر "الترهيب"، وهما عنصران قال إنهما أساسيان لتعريف أية جماعة على أنها مافيا.
فيما أوضح مارسيلو كوتزي، رئيس مركز أبحاث Center for Studies and Research on the South، أنَّ عائلات المافيا في إقليم بازيليكاتا، "شابة مقارنة بالمافيات الأخرى في إيطاليا، التي يعود تاريخها إلى أكثر من 150 عاماً". واستدرك: "لكن هذا لا يعني أنها لا تقتل، وتبتز الأموال، وتخترق الاقتصاد".