رحلة حول القمر.. كم تستغرق من الوقت، وما المعدات التي أحتاجها؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/12 الساعة 11:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/12 الساعة 11:56 بتوقيت غرينتش
istock\ المشي حول القمر

تخيَّل معي أن تهبط بمركبتك الفضائية على سطح القمر، ثم تقوم ببعض تمارين الإحماء مرتدياً بدلتك الفضائية لتبدأ بعد ذلك رحلة مجنونة، لكنها فريدة من نوعها، تهدف إلى الدوران حول سطح القمر، باعتقادك كم ستحتاج من الوقت للقيام بهذه المهمة؟

كم من الوقت يستغرق الدوران حول سطح القمر؟  

بالنسبة لنا -نحن سكان كوكب الأرض- يبدو القمر صغيراً للغاية، لكن محيطه في واقع الأمر يبلغ 6786 ميلاً، أي (10921 كم)، أما سرعة الدوران حوله فتعتمد على عدد كبير من العوامل، منها السرعة التي تستطيع التحرك بها ومدى لياقتك البدنية والطرق التي ستحتاج إلى أن تسلكها لتجنب التضاريس الخطرة.

ومنذ قيام البشر برحلتهم الأولى إلى القمر وهبوط رواد فضاء مركبة أبولو على سطحه، فكر العلماء بإجابة لهذا السؤال، واقترحوا أن الرحلة قد تستغرق عاماً كاملاً في حال استطعنا تجنب عدد من التحديات، لكن الأبحاث التي أجرتها ناسا لاحقاً بينت أن البشر قد يستطيعون إنجاز هذه المهمة بشكل أسرع بكثير مما كان متوقعاً في السابق.

نظرياً قد نتمكن من الدوران حول القمر مشياً على الأقدام خلال 91 يوماً

في عام 2014، اختبرت دراسة أجرتها وكالة ناسا، ونُشِرَت في دورية Journal of Experimental Biology، مدى سرعة البشر في المشي والجري في بيئة تسيطر عليها جاذبية شبيهة بالجاذبية القمرية.

ولفعل ذلك، استخدم فريق من ثمانية مشاركين (ثلاثة منهم رواد فضاء) جهاز مشي على متن طائرة من طراز DC-9، والتي حلَّقت في مسارات خاصة على الأرض لمحاكاة الجاذبية على القمر.

وكشفت هذه التجربة أنَّ المشاركين استطاعوا المشي بسرعة تصل إلى 3.1 ميل في الساعة (5 كيلومترات/ ساعة) قبل الشروع في الجري.

وهذه السرعة ليست فقط أكثر من ضعف سرعة المشي التي تحرك بها رواد فضاء أبولو، لكنها أيضاً قريبة إلى حد ما من متوسط ​​سرعة المشي القصوى على الأرض والتي تبلغ  4.5 ميل في الساعة (7.2 كيلومتر/ساعة) وفقاً للباحثين.

وحقَّق المشاركون هذه السرعات العالية، لأنهم كانوا قادرين على تحريك أذرعهم بحرية، على غرار الطريقة التي يركض بها البشر على الأرض، وهذه الحركة تعوض جزئياً عن نقص الجاذبية على سطح القمر.

وكان أحد الأسباب التي جعلت حركة رواد فضاء أبولو بطيئة جداً على سطح القمر هو أنهم لم يتمكنوا من تحريك أذرعهم بحرية كما ينبغي بسبب بدلاتهم الضخمة. 

وبهذه السرعة القصوى الافتراضية الجديدة، سيستغرق السير في محيط القمر نحو 91 يوماً.

ولكي تتضح الصورة أكثر، قد يستغرق المشي بهذه السرعة وبدون توقف (أي عدم التوقف للنوم أو تناول الطعام) حول محيط الأرض البالغ  24901 ميل (40075 كم) نحو 334 يوماً، على الرغم من أنه من المستحيل فعل ذلك بسبب وجود المحيطات.

لكن بالتأكيد ليس من الممكن المشي بدون توقف لمدة 91 يوماً؛ لذا فإنَّ مدة رحلة المشي الفعلي حول القمر ستستغرق وقتاً أطول.

ماذا سأحتاج للذهاب في رحلة حول القمر؟

يقول أيدان كاولي، المستشار العلمي في وكالة الفضاء الأوروبية، لموقع Live Science: "أعتقد أنه من الناحية اللوجستية، يمكن المشي حول القمر. لكنها ستكون مهمة غريبة جداً على أن ندعمها".

ويتمثل أحد أكبر التحديات في نقل الإمدادات، مثل الماء، والغذاء، والأوكسجين.

قال كاولي: "لا أعتقد أنك ستحمل هذه الإمدادات في حقيبة ظهرك؛ لأنَّ وزنها سيكون أكبر من قدرتك على حملها حتى لو كنت على سطح القمر الذي يملك فقط سدس جاذبية الأرض".

وأضاف كاولي أنه لهذا السبب ستحتاج إلى وسيلة دعم معك، والتي يمكن أن تكون سيارة لاستخدامها أيضاً بمثابة مأوى.

ويضيف: "تبحث الكثير من الوكالات في مفهوم امتلاك عربة جوالة مضغوطة، التي يمكنها دعم رواد الفضاء بالفعل أثناء إجراء مهام استكشافية، في ما يشبه القواعد الصغيرة المتحركة، التي يمكن اللجوء إليها في الليل ثم الخروج منها خلال النهار للتجول مرة أخرى".

ويحتاج المغامرون على القمر أيضاً بدلة فضاء بتصميم يسمح بالحركة القصوى.

وقال كاولي إنَّ تصميم بدلات الفضاء الحالية لا يأخذ في الاعتبار الحركة المفرطة، لكن بعض الوكالات تطور بدلات مناسبة لقوام الجسم تسمح بأرجحة الذراع اللازمة لأداء حركة المشي الصحيحة على القمر.

عوامل تجعل المشي على القمر محفوفاً بالمخاطر

عدا عن ذلك، ستجعل التضاريس القاسية للقمر العثور على طريق مناسب للسير فيه أمراً صعباً للغاية، خاصة مع فوهات النيازك التي قد يصل عمقها إلى عدة أميال. ويضيف كاولي: "قد ترغب حقاً في الالتفاف حول الحفر، لكنه أمر خطير للغاية".

وسيتعين أيضاً مراعاة الضوء ودرجة الحرارة عند التخطيط للطريق.

وهنا، يقول كاولي: "عند خط الاستواء في القمر، وخلال النهار، تصل درجات حرارة إلى حوالي 100 درجة مئوية. ثم في الليل، تنخفض إلى 180 درجة مئوية تحت الصفر".

وتعني الدورة القمرية أيضاً أنَّ هناك أياماً يكون فيها ضوء الشمس قليلاً أو ينعدم، وسيتعين قطع نصف الرحلة على الأقل في الظلام.

ومن الممكن توفير الحماية ضد درجات الحرارة القصوى هذه من خلال بدلات مصممة خصيصاً بالإضافة إلى العربة الجوالة للحماية، لكن درجات الحرارة يمكن أن تغير أيضاً حالة الثَّرَى – وهي تربة رمادية ناعمة تغطي صخور القمر الصلبة- وتؤثر على سرعة رواد الفضاء المتجولين على سطح القمر.

وبالرغم من ذلك، يمثل الإشعاع الخطر الأكبر؛ إذ لا يوجد حول القمر حقل مغناطيسي يصرف الإشعاعات الضارة بعيداً عن سطحه.   

يقول كاولي: "إذا لم يكن هناك نشاط شمسي كبير، فقد لا يكون الوضع بهذا السوء. لكن إذا كان هناك توهج شمسي وأُصِبت بمستويات عالية من الإشعاع، فقد يجعلك ذلك مريضاً جداً جداً".

أضف إلى ذلك أنَّ هذا النوع من المهام يتطلب أيضاً قدراً هائلاً من تدريبات التحمُل بسبب الحاجة إلى تمرين عضلاتك ونظام القلب والأوعية الدموية في جاذبية منخفضة. وأوضح كاولي: "يجب أن ترسل رائد فضاء يتمتع بلياقة فائقة في الماراثون لتنفيذ هذه المهمة".

باختصار، كم ستستغرق هذه الرحلة؟

واستطرد كاولي أنه حتى مع مراعاة كل تلك العوامل آنفة الذكر، لن نستطيع  المشي بأقصى سرعة على سطح القمر إلا لمدة ثلاث إلى أربع ساعات في اليوم.

لذلك، إذا سار شخص ما بسرعة 3.1 ميل في الساعة (5 كيلومترات/ ساعة) لمدة 4 ساعات في اليوم، فسيستغرق الأمر ما يُقدَّر بـ547 يوماً، أو ما يقرب من 1.5 عاماً لقطع محيط القمر، على افتراض أنَّ مسيرتك لن تتعطل كثيراً بسبب فوهات النيازك. وباستطاعتك التعامل مع التغيرات في درجات الحرارة والإشعاع.

ومع ذلك، قال كاولي إنَّ البشر لن يمتلكوا التكنولوجيا أو المعدات اللازمة لإنجاز مثل هذا العمل الفذ حتى أواخر ثلاثينيات أو أوائل أربعينيات القرن الحالي على الأقل.

وتابع كاولي: "لن تتمكن أبداً من الحصول على موافقة أية وكالة لدعم تجربة كهذه. لكن إذا أراد ملياردير ما مجنون تجربتها، فربما يمكنهم فعل ذلك".

تحميل المزيد