نشرت صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 8 أبريل/نيسان 2021، قصةً غريبة لرجل من ويلز البريطانية، تمكّن قبل سنوات من السفر إلى بريطانيا، عن طريق وضعه في صندوق شحن وإرساله عبر البريد، في رحلة جنونية استمرت 4 أيام.
الصحيفة البريطانية أعادت نشرت القصة بعد نداء وجّهه بطل القصة بريان روبسون، البالغ من العمر 75 عاماً، يلتمس فيه مساعدة الجمهور لإيجاد رجلين أيرلنديين ساعداه على العودة إلى منزله من أستراليا في عام 1965، حين كان عمره 19 عاماً.
رحلة جنونية من أستراليا إلى بريطانيا
روبسون قال في حديثه لصحيفة Irish Times، إنه يبحث عن رجلين لا يعرف عنهما سوى اسميهما؛ بول وجون ساعداه عندما كان شاباً يبلغ من العمر 19 عاماً ويعمل في السكك الحديدية الفيكتورية، حينما شعر بالحنين إلى وطنه، لكن تكلفة السفر كانت تبلغ نحو 700 جنيه إسترليني، ولم يكن يكسب من عمله سوى 40 جنيهاً إسترلينياً كل شهر.
لذا توصّل إلى خطة "غبية" -حسب وصفه- تقضي بشراء صندوق خشبي صغير وإرسال نفسه إلى بلاده عبر البريد. وقال روبسون إن تلك "التجربة المُروّعة حقاً" استغرقت أربعة أيام، وخلال شحنه تقلَّب صندوقه، مراراً وتكراراً رأساً على عقب.
وبعد 60 عاماً، يقول روبنسون إنه حاول التواصل مع الرجلين اللذين ساعداه، لتوجيه الشكر لهما.
روبنسون أضاف للصحيفة أنه متأكد بنسبة 99% أن الرجلين يدعيان بول وجون، حيث كان بول معارضاً للفكرة بنسبة 100%. أما جون فقال: لا تقلق بهذا الشأن، أنا سأقنعه، وكلاهما ساعدني".
روبسون جلب صندوقاً بحجم ثلاجة صغيرة ووضع فيه وسائد، وحقيبة سفر، وكتاب أغنيات فرقة The Beatles، وقارورتين، إحداهما للمياه، والأخرى للتبوّل. وفي النهاية أغلق صديقاه الصندوق وشحناه على متن خطوط Qantas الجوية من ملبورن إلى لندن.
لكن خطتهم باءت بالفشل، كانت الرحلة ممتلئة، لذا شُحن صندوقه على متن خطوط PanAm الجوية، في رحلة متجهة إلى لوس أنجلوس بدلاً من لندن.
ويشير تقرير صحفي صادر عن وكالتي Reuters وAustralian Associated Press، في مايو/أيار 1965، إلى أن روبنسون ألصق على صندوقه كلمة "كمبيوتر".
مفاجأة في لوس أنجلوس
قالت وزيرة الهجرة بالوكالة آنذاك، ليزلي بوري، إن الحكومة الأسترالية لن تتخذ أي إجراء ضده، بعد أن دعا نائب يدعى دان ماكينون إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد "هذا الشاب الذي يبدو أنه عديم الفائدة"، حسب وصفه.
وعندما سئل رئيس الوزراء، روبرت مينزيس، حينها عما إذا كان ينبغي على مسؤولي الجمارك النظر عن كثب في الصناديق المقرر شحنها، قال: "يمكنهم استخدام عداد غايغر"، وهو أحد أدوات اكتشاف الإشعاعات المؤيَّنة، مثل أشعة غاما والأشعة السينية، وحين وصل روبنسون إلى الولايات المتحدة اكتشف مسؤولو الجمارك أمره في ذهول، واستجوبه مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وقال في حديث أجراه مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، "نظر إليّ رجل من خلال ثقب في الصندوق الخشبي، ورأينا بعضنا البعض وجهاً لوجه، وقفز حينها للخلف فجأة، وقال: توجد جثّة هنا".
وبعد استجواب روبنسون أخلت السلطات سبيله وأعادته إلى لندن على متن رحلة ركاب عادية، ثم استأنف حياته في المملكة المتحدة.
ذكرت Australian Associated Press في ذلك الوقت أن روبنسون كان عليه "شق طريقه بين المهنئين" الذين استقبلوه في مطار لوس أنجلوس، وكان لا يزال "متعباً ويعاني إصابة في ساقيه" عندما سافر إلى لندن.
وقال روبنسون إنه أرسل خطاباً إلى الرجلين يشكرهما، لكنهما لم يردّا قط.
فيما قال لصحيفة Irish Times "لقد كانت علاقتنا طيبة، واعتادا المجيء إلى غرفتي، وكنت أذهب لرؤيتهما كل يوم تقريباً"، ومع ذلك اعترف روبنسون في حديثه مع هيئة الإذاعة البريطانية بأن هروبه في صندوق شحن كان "محض غباء".
وقال: "لو حاول أبنائي القيام بذلك لقتلتهم، لكن الظروف حينها كانت مغايرة عن الوقت الحالي".