هل تُصدق أنه بإمكان روتينك اليومي المعتاد في المنزل أن يعرِّضك لكميّات ضخمة من السموم الكيميائية التي من شأنها الإضرار بصحّتك وصحة أسرتك؟ إذ يتضح أن الكثير من السلع والأدوات المنزلية التي تستخدمها بصورة دورية مليئة بمواد كيميائية شديدة السُّمِّية وتعرِّض الحياة للخطر.
ونظراً لأن الصحة الجيدة لا تتعلق فقط بالنظام الغذائي والتمارين الرياضية، بل تتعلق أيضاً بالحد من التعرض للمواد السامة والملوِّثات، فمن الجيد أن تكون على دراية بهذه العناصر واتخاذ الخطوات اللازمة لإزالتها كلما أمكن ذلك.
العطور
وجدت دراسة أمريكية أجرتها وكالة حماية البيئة في 2016، أن مواد كيميائية خطيرة يمكن العثور عليها بشكل شائع في العطور.
ويمكن أن يتسبب استنشاق المواد الكيميائية السامة مثل البنزالدهيد، الكافور، أسيتات الإيثيل، أسيتات البنزيل، لينالول، الأسيتون وكلوريد الميثيلين، في إصابة الإنسان بالدوخة والغثيان والنعاس وتهيج الحلق والعينين والجلد والرئتين وتلف الكلى والصداع. لذلك يُنصح بشراء العطور الطبيعية الخالية من المواد الكيميائية المذكورة.
مستحضرات التنظيف
ربما تكون على دراية بالفعل بأن العديد من منتجات التنظيف التي تستخدمها يومياً تحتوي على مواد كيميائية ضارة، ولكنك على الأرجح لا تعلم أن سُمِّيتها ليست مرتبطة فقط بتناولها عن طريق الفم؛ إذ من الممكن لاستنشاق المواد المتبخّرة منها بشكل متكرر أن يكون كفيلاً بتعريضك للخطر.
وفقاً لبحث نُشر في المجلة الأمريكية لطب الجهاز التنفسي وأمراض الصدر، أظهرت النساء انخفاضاً أكبر في وظائف الرئة إذا عملن كعاملات نظافة أو استخدمن منتجات معينة – لا سيما بخاخات التنظيف – بمرور الوقت.
وخلُصت الدراسة إلى أن الانخفاض في وظائف الرئة يُعزى إلى التهيج الذي تسببه معظم مواد التنظيف الكيميائية على الأغشية المخاطية المبطنة للممرات الهوائية.
وجدير بالذكر أن هناك منتجات طبيعية يمكن استخدامها في التنظيف مثل: صودا الخبز ومسحوق الصابون أو الليمون والماء الساخن والخلّ الأبيض والملح؛ إذ تعمل غالباً بشكل فعّال في التنطيف دون ملء منزلك بسحاب من المواد الكيميائية السامة.
معطرات الجو والشموع الاصطناعية
مثل منتجات التنظيف، تساعد معطرات الجو والشموع في الحفاظ على نظافة وجمال منازلنا. لكن دراسة أجرتها مجلة البيئة الدولية عام 2019، حول تأثير معطِّرات الجو وعطور المنزل على صحة الإنسان، وجدت أنه عند استخدام المعطرات والشموع غير الطبيعية بشكل مفرط أو في منطقة غير متجددة الهواء وبصورة متكررة، فإنها تطلق عناصر سامة من الملوثات التي في النهاية يتم استنشاقها، ما يضر بالصحة والرئتين.
لذا يجب التأكُّد من تهوئة المنزل بصورة يومية لمنع المواد الكيميائية السامة في المعطِّرات مثل إثيرات الجليكول التي تحتوي على الإيثيلين وباراديكلوروبنزين، من الدوران في الهواء والتأثير سلباً على صحتك وصحة أسرتك.
حاويات تخزين الطعام والمشروبات البلاستيكية
تُصنع العديد من الحاويات البلاستيكية من مواد كيميائية مثل (ثنائي الفينول أ) أو ما يُعرف بـ BPA، الذي يمكن أن يتفاعل كيميائياً مع الطعام ويلوّثه بمواد من شأنها أن تتداخل مع نشاط الغدد الصماء في الجسم، الأمر الذي يُحدث تأثيرات سلبية على قدرات الجسم في النمو والخصوبة والتعرض للاضطرابات العصبية.
وتصل مادة BPA عند تناولها إلى مجرى الدم بشكل مباشر. وتُظهر المراقبة المنتظمة من قبل مركز السيطرة على الأمراض (CDC) أن أكثر من 90% من الناس لديهم بالفعل مستويات ملحوظة من المُركب في أجسامهم بسبب الأطعمة المُعلَّبة والمُعبأة في حاويات وأكياس بلاستيكية وزجاجات المياه وعبوّات تخزين الطعام التي يستخدمها أغلب المنازل بشكل يومي لحفظ الأطعمة المختلفة.
ولتجنُّب هذه المخاطر، يُنصح باستخدام حاويات تخزين الطعام الزجاجية لعدم تفاعلها، والاستعاضة عن تناول الأطعمة الجاهزة المُعبأة في أكياس وعبوات بلاستيكية بالطعام الطازج.
مستحضرات التجميل
بين مستحضرات التجميل والعطور ومنتجات العناية الشخصية ومنتجات النظافة النسائية، تضع النساء في الولايات المتحدة في المتوسط 168 مادة كيميائية على وجوههن وأجسادهن بشكل يومي، وفقاً لبحث أجرته مجموعة العمل البيئية غير الربحية.
وبحسب صحيفة الغارديان التي نشرت نتائج البحث، بعض هذه المواد الكيميائية غير ضارة، لكن البعض الآخر منها يسبب اضطراب الغدد الصماء، ويحتوي على مواد مُسرطنة وسموم عصبية، ومعظمها لم تتم مراجعته بشكل مستقل للتأكد من سلامته قبل الوصول إلى أرفف المتاجر.
وهناك قلق متزايد من أن تبعات مستحضرات التجميل الكيميائية على الصحة قد تكون مرتبطة بشكل مباشر بزيادة معدلات مشاكل الإنجاب والسرطان بين النساء.
لذلك من الجيد دائماً البحث عن مستحضرات التجميل الطبيعية بمكونات عضوية خالية من العطور الاصطناعية والمعادن أو المصنوعة من الزيوت الطبيعية.
مضادات التعرُّق
يستخدم معظم الناس مضادات التعرق للتعامل مع رائحة الجسم، لكن الألومنيوم – وهو أحد المكونات التي تمنع التعرق الموجودة في العديد من هذه المستحضرات – أثبت في السنوات الأخيرة أنه يساهم في الإصابة بسرطان الثدي.
واتضح في دراسة بجامعة ريدينغ البريطانية عام 2013، أن مادة الألومنيوم التي تقوم بسدّ المسام وغدد التعرق في الجسم، يمكن أن تسبب "عدم استقرار جيني" في أنسجة الثدي. وأوضحت أن عدم الاستقرار هذا يمكن أن يسبب تغيرات قد تعزز نمو الأورام أو الخلايا السرطانية.
وكشفت الدراسة أن "أكثر من 50% من حالات سرطان الثدي تبدأ في الربع العلوي الخارجي للثدي في منطقة الإبط". في حين أن هذا ليس دليلاً على إلقاء اللوم على الألومنيوم، فإن الإصابة بسرطان الثدي تميل إلى التوافق مع استخدام المنتجات التي تحتوي على المركب المعدني.
لذلك يُنصح باستخدام "مزيلات العرق" المصنوعة من مواد طبيعية والخالية من المركبات الكيميائية الاصطناعية، وتجنُّب استخدام "مضادات التعرُّق" قدر المُمكن.
أدوات الطهي المضادة للالتصاق
في حين أن أدوات الطهي غير اللاصقة يمكن أن توفر بعض وقت التنظيف وتقلل عناء الطهي، إلا أنها تأتي بتكلفة صحية أيضاً.
وفي دراسة لجامعة أوكسفورد عام 2009، يمكن لتلك الأدوات عند تعرضها لدرجات الحرارة المرتفعة (أعلى من 570 درجة فهرنهايت – 300 درجة مئوية)، أن تحوّل مواد كيميائية مثل بولي تترافلوروإيثيلين – الذي يجعل أواني التفلون غير لاصقة – إلى غازٍ سامٍ يتفاعل مع الطعام، ما يرتبط بمشكلات صحية عديدة أخطرها التسبب في مشاكل الإنجاب.
كما يؤدي استنشاق هذه الأدخنة إلى الإصابة بحُمّى دخان البوليمر أو PFOA، والمعروفة أيضاً باسم إنفلونزا التفلون؛ ومن أعراضها المؤقتة: القشعريرة والحُمّى والصُداع وآلام الجسم.
ووفقاً لعدد من الدراسات التي أوردها موقع Health Line الصحي عن الآثار الجانبية الأكثر خطورة لحُمّى التفلون، اتضح أنه يمكن عند التعرُّض المستمر لتلك الأدخنة الإصابة بتلف الرئة.لذلك يُنصح باستخدام الأواني الخالية من PFOA، أو الزجاجية والمصنوعة من السيراميك والغرانيت لإمكاناتها في عدم التفاعل مع الطعام.