في السنوات الأخيرة سمعنا عن مخاطر ألعاب مثل "الحوت الأزرق"، والآن "الوشاح الأزرق"، ورغم مخاطر هذه الألعاب التي راح ضحيتها عدد من الأطفال والمراهقين، فإن مخاطر الإنترنت على الأطفال والمراهقين أكثر من ذلك، والمشكلة الكبيرة أنه قد يروح بعضهم ضحية لها.
فالألعاب والتواصل مع الآخرين، وهما أبسط ما يفعله الأطفال على الإنترنت، يكونان خطيرين عليهم في كثير من الأحيان، ففي عام 2014 هزت قصةٌ العالمَ كله، عندما استدرج مراهقٌ عمره 18 عاماً، صديقاً له عبر منصة ألعاب على الإنترنت، وهو مراهق آخر أصغر منه يدعى بريك بيدنار (14 عاماً)، وقتله وأرسل إلى إخوته صوراً له وهو يرقد ويحتضر.
مخاطر الإنترنت على الأطفال والمراهقين: مراهق يقتل صديقه على الإنترنت!
الطفل بيدنار الذكي والمُحب، كان الأكبرَ بين أربعة إخوة يعيشون بمقاطعة ساري الإنجليزية، وأحب بيدنار مثل كثير مِمَّن هم في سنه، الألعاب عبر الإنترنت مع الأصدقاء الذين التقاهم شخصياً وعبر الإنترنت، دون أن ينتبه إلى أن هذه الألعاب تجذب أطفال مؤذين وساديين مثل لويس داينز.
تعرَّف الاثنان عبر لعبة على الإنترنت، داينز أقنع بيدنار بأنه مهندس كمبيوتر عمره 18 عاماً، ويدير شركةً ناجحةً بنيويورك، وهو في الحقيقة كان عاطلاً ويعيش بمفرده في مدينة غرايز بمقاطعة إسكس الإنجليزية، والأكثر سوءاً أنه قبل 3 سنوات من إقامة صداقةٍ مع بيدنار، اتُّهِمَ باغتصاب صبي صغير وحيازة صور إباحية لأطفال.
لكن الصورة التي رسمها داينز عن نفسه كانت مختلفة تماماً عن الحقيقة، وقد صدَّقها المراهق الصغير المسكين، حتى إن أسرة بيدنارحاولت إقناعه بعدم توطيد علاقته بهذا المراهق، وأنه مجرد مُعلِّمٍ تكنولوجي له، وفق رواية موقع All That's Interesting.
لورين لافافي، والدة بيدنار، لاحظت تغيُّر تصرفات ابنها، وطلبت تدخُّل الشرطة، لأنها اعتقدت أنه يتم اصطياده على الإنترنت، لكن الشرطة لم تفعل شيئاً، ثم حاولت تقييد وصول ابنها إلى وحدة التحكُّم في الألعاب، ومنعته من استخدام الـServer نفسه الذي يستخدمه المراهق الأكبر سناً، لكن كل هذا لم يمنع المصيبة الكبيرة.
خدع داينز المراهق البريء بيدنار بأنه مصابٌ بمرضٍ عضال وأنه بحاجةٍ إلى نقل شركته إلى شخصٍ مثله يثق به، فبسرعة استقلَّ بيدنار سيارة أجرى إلى شقة داينز بأحد مساكن إسكس في فبراير/شباط 2014، فيما أخبر والديه بأنه كان يقيم بمنزل صديقٍ قريب، لكن تلك الكذبة كلَّفته حياته، وفق شبكة BBC البريطانية.
تفاصيل ما حدث بشقة داينز في تلك الليلة غير معروفة، لكن يعتقد المحققون أن الدافع الجنسي كان السبب، ومع مقاومة بيدنار، تعرَّض بعدها للقتل الوحشي، وفي صباح اليوم التالي للقتل، أجرى داينز مكالمةً هاتفية مُخيفة للشرطة، وقال بصوت هادئ: "دخلت أنا وصديقي في مشادَّة.. وأنا الوحيد الذي خرج حياً".
لكن الشرطة لم تجد دليلاً واضحاً على مشادة، بل هجوم تم من طرف واحد، حيث كان جسد بيدنار هامداً على أرض شقة داينز، وكاحله ورسغاه مربوطان بإحكامٍ بشريطٍ لاصق، والأسوأ من ذلك أن حنجرته مقطوعة قطعاً غائراً.
بينما عثرت الشرطة على ملابس بيدنار المُلطَّخة بالدماء في كيس قمامةٍ داخل شقة داينز، وكان هناك دليلٌ على بعض النشاط الجنسي قبل مقتل بيدنار. كذلك عثرت الشرطة على جميع الأجهزة الإلكترونية المُشفَّرة لداينز مغمورةً في الماء بالحوض.
كما كشف المدعون عن شراء داينز شريطاً لاصقاً، وحقناً، وواقيات ذكرية عبر الإنترنت قبل وقتٍ قصيرٍ من مقتل بيدنار، ورغم كل هذه الأدلة أصر في البداية على أن مقتل بيدنار كان حادثاً عرضياً غير مدبر، قبل أن يغير أقواله إلى الاعتراف بذنبه.
بعد عام من الضجة الإعلامية لهذه القضية، حُكِمَ على داينز بالسجن 25 عاماً. وذكر الادِّعاء أنه على الرغم من أن داينز كان في الـ18 من عمره فقط حين ارتكب جريمة القتل، فإنه كان شخصاً مسيطراً ومتلاعباً خطَّط للجريمة، لكن أدلة التحرش لم تكن كافية لإدانته.
لم تُغلق قضية المراهق السادي بهذا الحُكم، إذ كتب لويس داينز سلسلة من التدوينات يتهم فيها أسرة الصبي الصغير بتشويه صورته. أيضاً في عام 2019، تلقَّت إحدى شقيقات الطفل الفقيد رسائل تهديد بالتعذيب على تطبيق سناب شات من قِبَلِ شخصٍ يدَّعي أنه ابن عم داينز، كتب فيها: "أعرف مكان دفن أخيكِ. سأحطِّم شاهد قبره". وقد اتَّصَلت الأسرة بالشرطة مرةً أخرى، لكنهم فقط نصحوهم باستخدام بعض أنظمة الأمان الإلكتروني، ويبدو أن هذا الحل هو الأفضل دائماً والذي على الآباء اتباعه لحماية أبنائهم من الاستغلال والإساءة عبر الإنترنت، خصوصاً في الدول التي قد لا تولي شكاوى الإنترنت اهتماماً كافياً.
لذلك، قد يهمك: كيف تعرف أن طفلك يتعرّض للاستغلال الجنسي على الإنترنت؟