ثارت ضجة شعبية كبيرة حين تزوجت ميغان ماركل من الأمير هاري في مايو/أيار عام 2018، فمنهم من رحب بالدم الجديد في العائلة الملكية البريطانية ومنهم من أبدى تحفظه على خلفيتها الفنية والشخصية، وحتى إشارات مبطنة أحياناً وصريحة أحياناً أخرى عن كونها تحمل أصولاً إفريقية من جانب والدتها.
لكن الاحتفاء بزواج الأمير الأعزب أخيراً، وقصة غرامه استقطبت اهتماماً محلياً وعالمياً، سرعان ما اتخذ اتجاهاً آخر ليكشف عن مواقف سلبية ومناكفات داخل العائلة، وصلت لحد الخلاف بين الأمير هاري وأخيه ولي العهد وليام.
لم تمر شهور حتى انقسم الرأي العام بين متعاطف مع الزوجين الحديثين وبين منتقد لتصرفات "الكنّة" الجديدة التي قد تكون ساهمت في الشرخ الجديد بالعائلة الملكية البريطانية بعد قصة زواج مليئة بالتغطية الإيجابية بين الأمير وليام وكايت ميدلتون.
وخلف الصورة المثالية للزوجين الحديثين بجانب أفراد العائلة المالكة والابتسامات البيضاء كان الواقع مختلفاً تماماً، لدرجة أن دوق ودوقة ساسكس الآن قد تراجعا عن منصبيهما في العائلة الملكية ويعيشان حالياً في لوس أنجلوس.
ولم يكتفيا بهذا الابتعاد، بل خرجا في لقاء إعلامي مع المذيعة الأمريكية أوبرا وينفري كشفا فيه عن الأسباب التي دفعتهما إلى قرار المغادرة، ومن بينها العنصرية.
لكن ماركل ليست الإضافة الأولى من أصول إفريقية إلى السلالة البريطانية، بل إن الملكة إليزابيث تحمل في سلالتها جينات من ملكة ذات أصول إفريقية.
نستعرض فيما يلي أسماء بعض الأفراد الآخرين في العائلة ممن لهم أصولٌ إفريقية، بعدما فجرت ماركل قنبلة كشفت فيها إشارة "بعض العاملين" في المؤسسة الملكية إلى لون بشرة ابنها آرتشي عندما كانت حاملاً به، والتي أثارت استياء متابعي أخبار العائلة المالكة البريطانية في شتى بقاع الأرض، إن صح فعلاً.
الملكة شارلوت
أثار عالم الأنساب ماريو دي فالديز واي كوكوم الجدل حين أكّد الشائعات القديمة بأنّ الملكة شارلوت (مواليد 1744) كانت تفتخر فعلياً بأصولها الإفريقية الواضحة.
وشارلوت أميرةٌ ألمانية اختارها الملك جورج الثالث للزواج منه، وأنجبت له 15 طفلاً. وصارت حفيدتها فيكتوريا الملكة في وقتٍ لاحق، وما تزال هذه الجينات حاضرةً حتى يومنا هذا في الملكة إليزابيث الثانية.
ورغم تشكيك بعض المؤرخين في مزاعم فالديز، لكن لطالما كان هناك اهتمامٌ كبير بمظهر شارلوت، نظراً للون بشرتها الغني وحقيقة أنّ ملامحها تحمل سمات "ذوي البشرة السمراء".
وفي الواقع كتب أحد وزراء عصرها: "كان أنفها عريضاً للغاية وشفتاها سميكتين"، بينما وصفها الطبيب الملكي بأنّ لها "وجه مُولّدين حقيقياً".
ويعود نسب الملكة شارلوت الإفريقي إلى القرن الـ13، حين اصطحب فرد العائلة الملكية البرتغالي ألفونسو الثالث إحدى فتيات شعب المور ذات البشرة السمراء لتكون محظيته، وأنجب منها ثلاثة أطفال.
ثم تزوج أحد الأطفال بعائلةٍ أخرى من أصول إفريقية، لتزيد الدماء الإفريقية داخل عروق شارلوت بنهاية المطاف.
الملكة فيليبا من هينو
على صعيد آخر، كانت الملكة فيليبا هي زوجة الملك إدوارد الثالث، وولدت عام 1314 في بلجيكا المعاصرة، داخل منطقةٍ كان يحكمها الموريون.
كان والدها نبيلاً واختيرت في التاسعة من عمرها للزواج من ملك إنجلترا المستقبلي، حسبما نشر موقع HowStuffWorks.
وترجع أصولها الإفريقية إلى صورةٍ مفصلة رسمها عنها الأسقف الذي أرسله والد إدوارد لمقابلتها. فقد كتب: "فتحتا أنفها واسعتان أيضاً، وفمها واسع إلى حد ما. وشفتاها ممتلئتان وخاصة الشفة السفلية.. جميع أطرافها منضبطة وغير مشوهة، ولا يوجد بها أي شيء خاطئ عندما يراها أي رجل. علاوة على ذلك، لديها بشرة بنية في المجمل، وأقرب إلى أبيها، وفي المجمل تبدو جذابة بما يكفي، حسبما يبدو لنا".
عندما كانت تبلغ من العمر 15 عاماً، تزوجت فيليبا من إدوارد، وكل الروايات تقول إنه كان زواجاً سعيداً. أحد أطفالها كان اسمه إدوارد، وعرف باسم "الأمير الأسود"، ولكن ليس هناك أي تأكيدات حول سبب التسمية، وفق موقع BBC البريطاني.
إذ يعتقد المؤرخون أن السبب يعود إلى لون درعه، وقد كان لطفها ورحمته سبباً في أن تحظى بكثير من الاحترام في أوروبا، وساعدت زوجها في البقاء في الحكم لعهد طويل.
جوي إلياس-رلوان
الحالة الثالثة كانت انجذاب صاحب السعادة جيمس لاسيليس، الذي تزوج من الممثلة النيجيرية جوي إلياس-رلوان في عام 1999، بعد زيجتين سابقتين.
لم يكن من الممكن تسمية كليهما أحد أفراد العائلة الملكية الاعتياديين. ففي واقع الأمر، عاش لاسيليس في سبعينيات القرن الماضي في بلدة بدلاً من احتساء الشاي مع ابنة عم والده، الملكة إليزابيث.
يحتل لاسيليس الآن المركز الـ57 في ترتيب العرش الملكي، وهو كذلك يمتهن الموسيقى وسافر حول العالم ودرس الجاز والموسيقى الأمريكية الأصلية، حسب موقع Daily Mail.
أما زوجته جوي إلياس-رلون، فهي ممثلة ظهرت في أعمال سينمائية وتلفزيونية ومسرحية، ولها أعمال أداء صوتي كثيرة، كما أنها ناشطة في مجال الأعمال الخيرية لمرضى الإيدز.
ميغان ماركل
كانت ميغان ماركل ممثلة أمريكية بأقدام راسخة وحاصلة على درجة علمية من جامعة نورث وسترن، وقد حققت نجاحها بنفسها قبل وقت طويل من مقابلة الأمير هاري. حتى إنها تزوجت من قبل، وعملت في العديد من الجمعيات الخيرية.
وكانت ثنائية العرق الخاصة بها مثار تعليقات منذ البداية، إذ إن ميغان، التي وُلدت لأب أبيض وأم أمريكية من أصول إفريقية، امتُدحت من جمهورها بوصفها إضافةً مُرحباً بها في العائلة الملكية، لكنها تحملت تنميطاً عنصرياً منذ اللحظة الأولى التي اكتشف فيها العالم علاقتها بالأمير هاري.
وفي واقع الأمر وصل الزوجان إلى نقطة الانفصال بعد سنوات من القصص البغيضة المنتشرة في الصحف الصفراء البريطانية.
في مقابلة أُجريت في 7 مارس/آذار 2021 مع مقدمة البرامج التلفزيونية الشهيرة أوبرا وينفري- وهو أول لقاء تلفزيوني للزوجين منذ فك ارتباطهما بالعائلة الملكية- قالت ميغان إن الموقف تفاقم بسبب التغطيات الصحفية التي كانت في الغالب عنصرية وتضمنت "نغمات استعمارية عفا عليها الزمن".
واعترفت ميغان بأنها فكرت في الانتحار، وهو ما قال عنه هاري إنه شيء أرعبه، وأكد الزوجان أن ابنهما أرتشي حُرم من لقب أمير.