فازت ممرضة من بين آلاف المرشحين بحضور أفلام أكبر مهرجان سينمائي في الدول الإسكندنافية وحدها، في جزيرة صغيرة جميلة معزولة عن العالم، تقع قبالة الساحل الغربي للسويد، لتأخذ بذلك استراحة من عملها المتعب وسط جائحة كورونا.
مهرجان سينمائي استثنائي
كان مهرجان عوتنبرغ قد قرر إحياء دورته الجديدة عبر الإنترنت بسبب جائحة كوفيد-19، لكنه قرر أيضاً إقامة العروض حضورياً لشخص واحد فقط، واستقبل عدداً هائلاً من الطلبات تعود لأشخاص أرادوا أن يكونوا هذا الشخص المحظوظ.
لا تتعدى مساحة جزيرة هامنسكار الصخرية التي تعصف بها الرياح 250 متراً طولاً و150 متراً عرضاً، وتنتصب عليها منارة حمراء اللون تسمى باتر نوستر، وتحتها بضعة بيوت صغيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، الأحد 31 يناير/كانون الثاني 2021.
في هذا المكان البعيد من صخب غرفة الطوارئ التي تعمل فيها على الاعتناء بمرضى فيروس كورونا في أحد المستشفيات، ستتمتع السويدية ليزا إنروث (41 عاماً) على مدى أسبوع، بامتياز مشاهدة 70 فيلماً تتنافس ضمن مهرجان "عوتنبرغ"، في منزل حارس المنارة السابق الذي تم تحويله فندقاً صغيراً.
روَت ليزا قبيل وصولها، أمس السبت، إلى المنتجع أنها تقدمت بطلب ترشّحها لحضور المهرجان، بهدف الحصول على استراحة قصيرة من حياتها اليومية التي تطغى عليها الأزمة الصحية منذ نحو عام.
قالت ليزا للوكالة الفرنسية: "هذه المرحلة كانت منهكة"، معتبرة أنها حظيت "بفرصة ممتازة لأخذ قسط من الراحة والتفكير في العام الذي انصرم".
لا يمكن الوصول إلا بالقارب أو بالمروحية إلى الجزيرة التي تعيش على وقع تقلبات الطقس، وتخلو من السكان على مدار السنة، فيما يندر زائريها.
في داخل المنزل، أقيمت شاشة في غرفة الفانوس في أعلى المنارة التي توفّر رؤية بانورامية للمناظر الطبيعية المذهلة المحيطة بها. وثمة جهاز آخر في المنزل، إضافة إلى جهاز لوحي تستطيع ليزا مشاهدة الأفلام عليه في الخارج إذا شاءت.
لكن لا تتوافر خدمة الإنترنت في الجزيرة، والاتصال الوحيد للممرضة مع العالم الخارجي سيكون من خلال سجلّ ستتولى من خلاله التحدث عن الأفلام التي تشاهدها، ولو أن شخصاً آخر سيكون موجوداً على الجزيرة لأسباب أمنية.
مبادرة تلقى نجاحاً
كان منظمو المهرجان قد تفاجأوا بنجاح المبادرة، إذ تلقوا أكثر من 12 ألف طلب مشاركة من 45 دولة، وبحكم كونها "بطلة" في مواجهة فيروس كورونا، وفقاً للمنظمين، نجحت ليزا في انتزاع البطاقة.
ففي قسم الطوارئ في مستشفى سكوفدي وسط السويد، لم تسلم ليزا إنروث من موجتي تفشي الفيروس في الدولة الشمالية التي تميزت باتباع استراتيجية أقل صرامة إزاء الوباء.
أقرّت ليزا بالقلق الذي كانت تعيشه خلال الأشهر الماضية في كل مرة كانت تعود إلى بيتها بعد يوم عمل شاق حافل بالمخاطر. وقالت: "أتحرّق شوقاً للاسترخاء قليلاً ولأرتاح من الخوف من نقل العدوى إلى الناس"، وأضافت: "لقد كان لدينا الكثير من حالات كوفيد هذا العام، وكل مريض أُدخِل المستشفى مر بغرفة الطوارئ. لقد رأيناهم جميعاً".
أما المنظّمون فمقتنعون بأنهم اختاروا الشخص المناسب، والمسؤولة عن المهرجان ميريا فستر فأبدت ارتياحها إلى "توفير هذه التجربة الفريدة لأحد أبطال القطاع الصحي الكثر الذين يعملون جميعاً بجدّ للتصدي لكوفيد-19".
تُعرض الأفلام التي اختارها المهرجان على الإنترنت أيضاً بسبب الوضع الصحي الاستثنائي، وكذلك في موقعين في عوتنبرغ، أحدهما دار سينما، والثاني ملعب للهوكي على الجليد حُوّلَت إلى صالة مظلمة للمناسبة، يُسمَح لشخص واحد فحسب أيضاً بحضور كل عرض فيهما.