أثار رجل ياباني يدعى شوغي موريموتو، يبلغ من العمر 35 عاماً، جدلاً واسعاً في اليابان، كما أنه أصبح رجلاً شهيراً جداً على مواقع التواصل الاجتماعي، أما السبب فهو أنه "عرض نفسه للإيجار" لكل اليابانيين الذين يعانون الوحدة، والذين يريدون رفيقاً يستمع إلى همومهم ويرافقهم في مشاغلهم اليومية، بل حتى من يفكرون في الانتحار لكن "دون أن يفعل شيئاً"، لأنه ببساطة "لا يتقن أي شيء".
يروي تقرير لصحيفة The Times الخميس 14 يناير/كانون الثاني 2021، أن موريموتو تلقَّى آلاف الطلبات للحصول على خدماته، رغم افتقاره إلى أية مهارات شخصية أو مهنية معينة، وذلك مقابل 10000 ين (أقل من 100 دولار). إضافة إلى نفقات السفر والوجبات، سيلتقي شوغي مع مُستأجِره، ويتناول معه مشروباً ويتحدثان قليلاً، لكن ليس أكثر.
ما الذي يجعله مميزاً؟
خلال أقل من 3 سنوات نشر كتباً، وألهم دراما تلفزيونية، واكتسب 269 ألف متابع على تويتر.
ومن بين عملائه الممتنين، أشخاص يريدون رفيقاً في نزهة بسيطة وخلال التسوق، وفي إحدى الحالات يريدون شخصاً يتعافى من محاولة انتحار.
يقول ملفه الشخصي على الإنترنت: "استأجِر شخصاً (أنا) لا يفعل شيئاً. أنا متاح دائماً، لن أفعل أي شيء سوى تناول الطعام والشراب وإعطاء رد بسيط".
يُذكر أن شوغي متزوج ولديه طفل في الرابعة من عمره، وقد حصل على شهادة دراسات عليا في الفيزياء من جامعة أوساكا وعمل بشركة نشر لمدة 3 سنوات، لكنه استقال بسبب إصابته بالضجر.
وفي عام 2018، نشر تغريدة تقول: "أنا أعرض نفسي للإيجار.. شخص لا يفعل شيئاً. هل من الصعب عليك الدخول إلى المحل بمفردك؟ هل ينقصك لاعب في فريقك؟ هل تحتاج من يحجز لك مقعداً؟ لا أستطيع فعل أي شيء باستثناء الأشياء السهلة".
كي لا تشعر بالوحدة
في البداية كان يعرض خدماته بالمجان، لكنه الآن يضع مقابلاً مادياً؛ لتقليل الضغط على الطلب، والتخلص من العابثين. وغالباً ما يقضي الوقت مع ثلاثة أو أربعة عملاء مختلفين يومياً، لا يفعل خلاله أي شيء. ويقول إنَّ معظمهم يريدون ببساطةٍ شخص يستمع إليهم.
إذ تمت الاستعانة بخدماته من أجل تناول الغداء والتقاط صور لـ"إنستغرام" والتقاط الفراشات في الحديقة والذهاب إلى مباراة مصارعة. واستأجره رجلٌ ذات مرة، وحكى له جريمة قتل ارتكبها، إلى جانب أنه حظي بعميل آخر كان عضواً سابقاً في طائفة Aum Shinrikyo، التي شنت هجوماً بالغاز السام على مترو أنفاق طوكيو في عام 1995. واستأجر آخر شوغي لنقله من المستشفى حيث كان يتعافى، إلى المكان الذي قرر فيه الانتحار.
ويقول شوغي: "لست أحد الأصدقاء أو المعارف. لذا أخلو من الأشياء المزعجة التي تقترن بمثل هذه العلاقات، لكن في الوقت نفسه، يمكنني تخفيف شعورهم بالوحدة".
الانتحار في اليابان
قال تقرير نشرته صحيفة Washington Post الأمريكية إن معدَّلات الانتحار بين الشابات زادت بشكلٍ ملحوظ في اليابان وكوريا الجنوبية، مِمَّا زاد من الاعتقاد بأن هناك روابط مُحتَمَلة بأن جائحة فيروس كورونا المُستجَد تصعِّد من مستويات التوتُّر والكرب، وتُفاقِم من حِدَّة الشعور بالوحدة والعزلة.
إحصاءات حكومية قالت إن إجمالي حالات الانتحار في اليابان ارتفعت إلى 2153 حالة في أكتوبر/تشرين الأول، وهو أعلى عدد شهري منذ أكثر من خمس سنوات، مع زيادةٍ أكبر بين النساء. وأظهرت تقارير أنه بين شهريّ يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول، انتحَرَت 2810 نساء يابانيات على الأقل، أي أكثر بنسبة 41% من النساء اللواتي انتحرن في الفترة نفسها من العام الماضي، وكان عددهن 1994. وتُظهِر البيانات الأوَّلية حسب الفئة العمرية الارتفاع الأكبر بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 29 عاماً.
لدى اليابان بالفعل أعلى معدَّل انتحارٍ بين مجموعة الدول الصناعية السبع- قبل الولايات المتحدة مباشرةً- وهي الدولة الوحيدة بين الدول السبع التي يُعتَبَر فيها الانتحار السبب الرئيسي للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و34 عاماً، بحسب إحصاءات وزارة الصحة اليابانية.
كما تدفَّقَت اتصالات المراهقين والشابات بخطوط المساعدة الخاصة بالانتحار، وطلبوا المساعدة على منصة تويتر وفي المنتديات وعبر الإنترنت.
يوكي نيشيمورا، من الرابطة اليابانية لخدمات الصحة النفسية قال إن فرصة وصول المتصل إلى الخط الساخن تبلغ حوالي 40% فقط.
أما جيرو إيتو، رئيس منظمة OVA غير الربحية المعنية بمحاولة منع الانتحار، فقال إن الأشخاص الذين يصلون إلى خط المساعدة الخاص بمنظمته لديهم في الأغلب شيءٌ واحدٌ مشترك، ألا وهو الوحدة.
وشكَّل الرجال 70% من حالات الانتحار البالغة 20169 حالة في اليابان العام الماضي.