ألغت محكمة الاستئناف في"بوردو" الفرنسية أمراً بترحيل رجل بنغلاديشي، يبلغ من العمر 40 عاماً، من فرنسا، لأنه سيواجه "تدهوراً في أمراض الجهاز التنفُّسي بسبب تلوُّث الهواء" في موطنه الأصلي، وهو الحكم الذي يُعتَقَد أنه الأول من نوعه في فرنسا، لينقذ بذلك الرجل المصاب بالربو من الطرد، بعد أن قال محاميه إن الترحيل يخاطر بتعرُّضه لتدهورٍ شديدٍ في صحته، ما قد يؤدِّي إلى موتٍ مُبكِّر بسبب مستويات التلوُّث المرتفعة في وطنه.
ونقل تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 13 يناير/كانون الثاني 2021، تصريحاً لودوفيك ريفيير، محامي الرجل الذي لم يذكر اسمه صرح فيه قائلاً: "حسب علمي هذه هي المرة الأولى التي تعتمد فيها محكمةٌ فرنسية المعايير البيئية في قضيةٍ من قضاياها"، وأضاف: "قرَّرَت المحكمة أن حياة موكِّلي ستتعرَّض للخطر بسبب نوعية الهواء في بنغلاديش".
التلوث يهدد حياته
إذ يصنِّف مؤشِّر الأداء البيئي لجامعتيّ بيل وكولومبيا بنغلاديش في المرتبة الـ179 في العالم من حيث جودة الهواء في العام 2020، في حين يصل تركيز الجسيمات الدقيقة في الهواء إلى ستة أضعاف الحد الأقصى الموصى به من منظمة الصحة العالمية.
كان تلوُّث الهواء، سواء في البيئة أو في المنزل، عامل خطرٍ شديد الارتفاع في 572,600 حالة وفاة في بنغلاديش سببها الأمراض غير المعدية في العام 2018، وفقاً لأرقام منظمة الصحة العالمية.
كما أخذت المحكمة في الاعتبار حقيقة أن الأدوية التي يتلقَّاها الرجل في فرنسا غير متوافرة في بنغلاديش، وأن النظام الصحي البنغلاديشي لا يوفِّر سوى معدات التهوية الليلية التي يحتاجها الرجل في حالة توقُّف التنفُّس أثناء النوم في المستشفى.
المحامي ريفيير قال أيضاً إنه قدَّم أيضاً أدلةً على وفاة والد الرجل بنوبة ربو عن عمرٍ يناهز الـ54 عاماً، وأنه منذ وصوله إلى فرنسا وبدء العلاج زادت قدرته التنفُّسية من 58% في 2013 إلى 70% في 2018.
كما أضاف: "لكلِّ هذه الأسباب قرَّرَت المحكمة أن إعادة موكِّلي إلى بلده ستعني تعريضه لخطر الموت الحقيقي". وأضاف: "سيكون فشل الجهاز التنفُّسي نتيجة نوبة ربو أمراً لا مفر منه تقريباً".
قرار الترحيل
كان الرجل قد وَصَلَ إلى فرنسا بعد فراره من الاضطهاد في وطنه، واستقرَّ في مدينة تولوز، وعمل نادلاً، وفي العام 2015 حصل على تصريح إقامة مؤقَّتة كمواطنٍ أجنبي يحتاج إلى علاجٍ طبي.
ومع ذلك، أوصى الأطباء الذين ينصحون سلطات الهجرة الفرنسية، في العام 2017، بأن حالته "يمكن علاجها بشكلٍ مناسب في بنغلاديش"، وبعد ذلك بعامين أصدر إقليم أوت غارون، الذي تتبعه مدينة تولوز، أمراً بطرده.
وألغت محكمة أدنى في تولوز أمر الترحيل في يونيو/حزيران الماضي، لمجرد أن الأدوية الخاصة به غير متوافرة في موطنه. وتمادت محكمة بوردو إلى رفض استئناف الإقليم قائلةً إنه يجب أيضاً أخذ المعيار البيئي في الاعتبار.
خطر حقيقي
هل تلوث الهواء يقتل حقاً ما يقرب من 800 ألف شخص كل عام في أوروبا، و9 ملايين شخص حول العالم؟ هذا هو الاستنتاج الظاهري لدراسة تزعم أن تلوث الهواء يتسبب في 800 ألف حالة وفاة في كل عام بأوروبا.
لكن هذه الأرقام لا تعني أن هناك 9 ملايين شخص يموتون في الحال بسبب تلوث الهواء وحده، لكنها طريقة للتعبير عن الضرر الناجم عن هذه الظاهرة.
تشير الدراسة التي نشرتها مجلة New Scientist البريطانية. إلى أن تلوث الهواء يتسبب في قتل أناس أكثر من التدخين، الذي يُقدر بالطريقة ذاتها أنه يتسبب في 7 ملايين حالة وفاة إضافية حول العالم سنوياً.
يقول خوسيه ليليفيلد، المؤلف الرئيسي للدراسة من معهد ماكس بلانك للكيمياء في مدينة ماينتس، بألمانيا: "أعتقد أن الرسالة المهمة في هذه الدراسة هي أن تلوث الهواء أصبح الآن من بين عوامل الخطر الرئيسية مثل ارتفاع ضغط الدم، ومرض القدم السكرية، والسمنة، ولا يمكن الاستهانة به.
تزايد الضرر
لكن ينبغي أن نفهم من أين أتت هذه الأرقام، فحساب مقدار الضرر الناتج عن تلوث الهواء أصعب بكثير من حساب ظواهر لها أضرار واضحة.
لذلك استند فريق البحث على إجراء دراسات طويلة المدى، للمقارنة بين الناس الذين يعيشون في مناطق ذات مستويات مختلفة من التلوث الجزيئي للهواء ومعرفة كيف يؤثر ذلك على خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والجهاز الدوري.
وأشارت النتائج إلى أن تلوث الهواء يساهم بشكل ضخم في تطور أمراض الجهاز الدوري، إذ دَمَجَ فريق ليليفيلد بيانات عن معدلات تعرض الأشخاص إلى الهواء الملوث في أوروبا، لمعرفة أعداد الوفيات المبكرة، ويقول "هناك 790 ألف حالة وفاة، كان من الممكن أن يعيشوا أطول من دون تلوث الهواء".