نشر موقع صحيفة The Guardian البريطانية تقريراً حول راكوفيوريتا أصغر قرى جنوبي إيطاليا والتي يخشى سكانها البالغ عددهم 187 بمتوسط أعمار فوق الستين وصول كورونا حيث إن انتشار الفيروس بينهم قد يخفي القرية بأسرها.
التقرير أضاف أنه حين تلقى عمدة روكافيوريتا الواقعة بين الغابات عند سفح جبل كالفا، مكالمة هاتفية في أكتوبر/تشرين الأول تُعلمه بأن موظفاً في مكتبه أصيب بكوفيد-19، انتفض قلبه بين ضلوعه.
عمدة القرية، كونشيتو أورلاندو قال: "حين رن الهاتف، كان مثل البرق في يومٍ مشمس. وبهذه الموجة الثانية القادمة في طريقها، ظننت لوهلة أننا سنُمحى من على الخريطة".
الأسبوع الماضي أصدرت الحكومة الإيطالية قراراً بشبه إغلاق للأنشطة لمحاربة فيروس كورونا، بعد الوصول إلى متوسط يبلغ 30 ألف حالة جديدة في اليوم الواحد. وانصب أكثر الانتباه على المدن الكبيرة مثل ميلان ونابولي، لكن في أنحاء البلاد تقاتل عشرات القرى من أجل البقاء على قيد الحياة.
من بين 8 آلاف قرية وبلدة ومدينة في إيطاليا، يقل عدد السكان في 70% منها عن 5 آلاف، وألفان منها يقل عدد السكان بها عن ألف شخص. وفي بعض المناطق يُعد ميلاد طفل حدثاً نادراً لدرجة أن أجراس القرية تُقرع احتفالاً بالخبر. عشرات من هذه القرى أُعلنت "منطقة حمراء" لفيروس كورونا، ما يعني أن خطر الإصابة بالفيروس عالٍ جداً ولا يمكن للناس المغادرة أو الدخول.
في 4 مناطق على الأقل، ضرب كوفيد-19 القرى الصغيرة، من بينها قرية غالاتي مامرتينو في صقلية، التي اعتُبرت منطقة حمراء في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني بعد إصابة 157 من سكانها البالغ عددهم 2400 شخص بفيروس كورونا. ويتفق الخبراء على أن التفشي من هذا النوع نتيجة لتقارب أبناء القرى، وهو أمر طبيعي في الحياة الاجتماعية في تلك المناطق.
بعد الحرب العالمية الثانية، بدأت روكافيوريتا تخلو من سكانها، إذ غادر الكثير منهم إلى الولايات المتحدة بحثاً عن وظيفة. وفي 2020، مات ثلاثة أشخاص ووُلد طفل واحد في روكافيوريتا.
لا تقتصر الظاهرة على المناطق الريفية، فمعدل المواليد في أنحاء البلاد في أقل مستوياته منذ توحيد إيطاليا. وللمرة الأولى منذ 90 عاماً، قل عدد سكان إيطاليا (بما لا يشمل السكان الأجانب) إلى 55 مليوناً، وفقاً لهيئة الإحصاء الوطنية. وعلى مستوى العالم، تأتي إيطاليا في المركز الثاني بعد اليابان من حيث نسبة كبار السن من إجمالي عدد السكان. والنتيجة هي تزايد أعداد القرى الشبحية، التي هجر سكانها أغلب المنازل. في روكافيوريتا 40% فقط من المنازل مسكونة.
العام الماضي، من أجل إعادة السكان إلى قرية سامبوكا، أعلن عمدتها عن بيع المنازل المهجورة مقابل يورو واحد لكل منزل، وتلقى 94 ألف رسالة بريد إلكتروني من جميع أنحاء العالم. وهذه القرية، في منطقة أغريجنتو، أُعلنت منذ وقت قريب "منطقة حمراء"، بعد 130 إصابة و8 وفيات بفيروس كورونا.
فابيو أورلاندو، رئيس مجلس المدينة في روكافيوريتا قال: "إن وفاة أحدنا ليست مجرد رقم. إنها تاريخ نخسره، ومنزل نهجره، وطريقٌ نغلقه وننساه للأبد".