قتل أحدهم بقطعة شيكولاته.. كتاب يروي قصصاً مثيرة عن اغتيال الموساد الإسرائيلي لأعدائه

عدد القراءات
2,900
عربي بوست
تم النشر: 2020/06/23 الساعة 11:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/23 الساعة 11:52 بتوقيت غرينتش
أجرت عناصر الموسات تحقيقها مع المعتقلين باللغة العربية

"الموساد.. أكبر مهام جهاز المخابرات الإسرائيلي" كتاب آخر عن الموساد.. الاسم الذي أصبح علماً معروفاً في العالم مثله مثل الـ"سي آي إيه" والـ"كي جي بي" وباقي أجهزة الاستخبارات العالمية، رغم أنه يخص دولة صغيرة لا تقارن بروسيا وأمريكا، لكنه أثبت خلال عمر إسرائيل قدرة كبيرة على النفاذ إلى من تعتبرهم إسرائيل أعداءها، كما تميز بقدرته على تقديم خدماته القذرة لأجهزة كثيرة، وليست العبرة عنده بالخدمات وإنما بفوائدها لدولة إسرائيل، رغم أن الكتاب جديد فإنه تضمن أحاديث عن أمور قديمة، ويبدو أن الهدف من ذلك هو حشد صور البطولة عن الموساد، مما يمكن اعتباره محاولة لترسيخ هيبة الموساد في النفس العربية.

 يبدو من الكتاب أن من أولويات الموساد استكشاف وتدمير أي محاولات لبناء قدرة نووية منافسة لإسرائيل، يتحدث الكتاب عن عدد من المسؤولين الإيرانيين والباكستانيين الذين استجابوا لإغواء المال أو المعارضة للنظام فانشقوا، وأدت المعلومات التي أخذها الموساد منهم إلى تعطيل البرنامج النووى الإيراني عشر سنوات.

عمل الموساد على تدمير صناعة السلاح في الدول العربية بدأ مبكراً، فالمعلومات التي عرفها الموساد كشفت العلماء الألمان الذين استقطبهم نظام ناصر في مصر واستطاعوا تطوير صواريخ القاهر والظافر، وكادوا يصلون إلى بناء طائرة مصرية مقاتلة، استطاع الموساد فضحهم ودفع بلادهم لاستعادتهم حتى توصل إلى أن أجهض المشروع المصري في أطواره الأخيرة، أما المشروع النووي السوري، الذي كان يتطور بالتعاون مع كوريا الشمالية بعيداً عن الأنظار وضمن إجراءات أمنية فاعلة تمكنت من إخفاء سره منذ ابتدأ عام ٢٠٠٠ حتى عام ٢٠٠٦، انشق علي رضا أصغري نائب وزير الدفاع الإيراني، وحمل معه بعض المعلومات التي أدت في النهاية إلى قيام الطائرات الصهيونية بتدمير المشروع، ولم يكتفِ الموساد بذلك بل اغتال اللواء محمود سليمان المستشار العلمي للرئيس السوري، الذي أشرف على بناء المفاعل النووي كما أشرف على صناعة صواريخ مضادة للطائرات مكنت حزب الله من حماية أجواء لبنان بفاعلية. 

أما تدمير المشروعات التسليحية العراقية فيحتاج حديثاً طويلاً، فمن تدمير المفاعل النووى أوزيراك إلى قتل العالم الكندي الذي تعاون مع العراق لإنجازه، وكذلك قتل العالم المصري يحيى المشد الذي كان من المشرفين على تطوير المشروع النووي العراقي، وما خفي أعظم.

 كما أنيط بالموساد معاقبة واغتيال كل من اعتبرته إسرائيل خلف قتل أحد من الشعب اليهودي، ومهما تقادم العمر على الاتهام يبقى صاحبه هدفاً للموساد، يحوي الكتاب قصصاً مثيرة عن اختطاف إيخمان النازي الذي اعتبرته إسرائيل مسؤولاً عن جرائم ضد الشعب اليهودي، وكذلك زميله النازي كوكورز، إلى ذلك يفصل الكتاب عن خطة الموساد لقتل القادة الفلسطينيين الذين اعتبرتهم مسؤولين عن تدبير أعمال ضد إسرائيل في العالم، وخاصة قادة منظمة أيلول الأسود التي كانت خلف عملية ميونيخ، وعملية مطار اللد. تمكن الموساد من قتل وائل زعيتر في روما وقتل المؤرخ محمود الهمشري والقانوني باسل الكبيسي والممثل الجزائري محمد بودية في باريس، كما نفذ عملية فردان التي قتل فيها ثلاثة من القادة الفلسطينيين، أبويوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر، ولم يستعص عليهم إلا أبوالحسن سلامة الذي كان معروفاً عندهم بوصف الأمير الأحمر، ورغم أن عمليات أيلول الأسود قد انتهت في عام ١٩٧٣ فإن الموساد استمر في ملاحقته وقتل محمد بوشيكي النادل المغربي في النرويج اشتباهاً بأنه الأمير الأحمر، لكنه أخيراً أفلح في اغتياله عام ١٩٧٨ بعد تكرر ظهوره في النوادي البيروتية برفقة زوجته اللبنانية ملكة جمال العالم جورجينا رزق.

اللبناني عماد مغنية الذي اشتهر بعملياته الدموية ضد إسرائيل وأمريكا  ورغم ملاحقته المحمومة من قِبل أجهزة استخبارات كثيرة فإن الموساد لم يفلح في قتله إلا عام ٢٠٠٨، استعصت صورة مغنية على الموساد حتى تمكنوا من الحصول عليها بالرشوة من المستشفى الألماني الذي أجرى فيه آخر عملياته التجميلية لتغيير شكله، إذ قام بخلع مجموعة من أسنانه وإعادة استبدالها بأسنان صناعية، كما قام بقطع وإعادة تثبيت فكه، مما أدى إلى تغيير شديد في صورته، عندما عرف الموساد شكله الجديد تابعه عن طريق عميل له في البقاع عمل ٢٠ عاماً مع الموساد.

يتحدث الكتاب أيضاً عن تفاصيل اغتيال الدكتور فتحي الشقاقي زعيم جماعة الجهاد في مالطا، وكيف وصلوا إلى معرفة تحركاته عن طريق زرع عميل له في مكتبه تم تجنيده عندما كان طالباً في بلغاريا.

 تعددت طرق الموساد في اغتيال أعدائه؛ وديع حداد القائد الذي أشرف على عمليات خطف طائرات إسرائيلية عديدة مات بمرض غريب عجز أطباء ألمانيا الشرقية عن معرفة سببه، وكان في حقيقته ناشئاً عن تفاعل سم بطيء  وُضع له في قطعة شوكولاتة بلجيكية من النوع الذي كان يعشقه أهديت إليه عن طريق أحد العملاء، و لعل هذه هي الطريقة التي اغتيل بها عرفات أيضاً.

وحدة الأبحاث البيولوجية التابعة للموساد هي التي ركبت السم الذي كاد ينجح في اغتيال القائد الحمساوي خالد مشعل، ولولا الأخطاء التي أدت إلى متابعة أربعة من عملاء الموساد في السفارة الإسرائيلية بعمان واحتجاز اثنين آخرين لدى الشرطة الأردنية لما سلمت إسرائيل الترياق المضاد للسم الذي تلاه إفاقة مشعل من غيبوبته.

اغتيال القيادي القسامي محمود المبحوح، كان عملية استعراضية تمكن فيها ٢٧ عميلاً للموساد معظمهم من الإسرائيليين مزدوجي الجنسية، يحملون جنسيات بريطانيا وأيرلندا وأستراليا، وبفضل دقة متابعة أجهزة التصوير في دبي التي صورت كل العملاء ونشاطاتهم منذ وصولهم إلى أراضي دبي حتى مغادرتها، اللقطتان الوحيدتان اللتان لم يتم تصويرهما كانتا دخول المبحوح الأخير إلى غرفته ولقطة اغتياله، ورغم ما أحرزته سلطات دبي الأمنية من نجومية بما استطاعت الوصول إليه من تفاصيل الاغتيال، ورغم الأزمة الدبلوماسية التي تسببت بها العملية لإسرائيل مع الدول التي ذكرناها، فلم يتم الوصول إلى أي من القتلة، وبالتالي نجح الاستعراض البهلواني المصور للموساد في عمل دعاية ناجحة لكفاءته أكسبته شهرة في العالم.

يتحدث الكتاب بالتفصيل عن عملية اعتقال اليهودي فعنونو في روما الذي كشف أسراراً لم تكن معروفة عن قدرات إسرائيل النووية، مثل امتلاكها لـ٢٠٠ قنبلة نيوترونية وهيدروجينية، ويعيد الكتاب رواية قصة عميل إسرائيل الذي أُعدم في سوريا إيلي كوهين تفصيلاً.

كما يفصل الكتاب عن أشرف مروان صهر الرئيس المصري، وعن عملية استعادة فعنونو الصهيوني الهارب  الذي فضح أسرار المفاعل النووي الإسرائيلي.

اعتبر الموساد أنه مسؤول عن حماية المجتمعات اليهودية خارج إسرائيل واستثمار إمكانيات هذه الجاليات لخدمة إسرائيل، وكذلك تشجيع هجرتها إلى أرض الميعاد، من الفصول التي خصصها الكتاب فصل إعدام في بغداد عن نشاط الموساد في أوساط الجالية اليهودية في العراق، وكذلك فصل عن أسرار طائرة الميغ ٢١ الطائرة السوفييتية المتطورة، والتي تمكن عملاء الموساد في العراق من إغواء طيار عراقي ظُلم لتجاوزه في الترقية، قام الطيار بالهرب بطائرته الميغ والهبوط في إسرائيل، وبذلك أتيح لإسرائيل وأمريكا أن تكتشفا سر الطائرة الروسية، كما تمكن الموساد عن طريق المهاجرين من أوروبا الشرقية وعملائه بينهم من أن يعثر على خطاب الرئيس خرشوف الشهير، الذي كان سرياً تحدث فيه عن فضائح الحقبة الستالينية، الأمر الذي أدى إلى قلاقل في جمهوريات أوروبا الشرقية الشيوعية.

يفصل الكتاب عملية تهجير يهود الفلاشا إلى إسرائيل في مراحلها الثلاثة، المرحلة الأولى كانت بتبادل الأسلحة مع الزعيم الإثيوبي منغستو، المرحلة الثانية باستخدام مطارات سودانية مهجورة ومنتجعات سياحية بفضل رشاوى نالها موظفو نميري، أما المرحلة الثالثة فكانت بتدبير مشترك مع المخابرات الأمريكيه أيام كان بوش (الأب) مسؤولها وبالاتفاق مع حكومة نميري في السودان التي وافقت على أن يكون ترحيلهم عبرها، ولكن إلى غير إسرائيل، فكان ترحيلهم عن طريق بلجيكا.

كتاب مهم لمن يريد أن يعرف الوجه القذر لإسرائيل، ومهما حاول الكاتبان الحديث عن نبل أهداف الموساد، إلا أن ذلك لا ينطلي على أحد، فأين النبل من الجرائم؟! لكن يظل دور القارئ الواعى مهماً، إذ يجب ألا نأخذ ما يقوله الموساد عن نفسه بالتسليم المطلق، فالصهاينة بارعون في الحرب النفسية، ولا يستبعد أن يدعوا بطولات لم تحدث ويشوهوا شرفاء من أجل إحداث مزيد من الهزيمة في نفسية أعدائهم.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

صالح الشحري
طبيب فلسطيني
طبيب فلسطيني واستشاري أمراض نساء و توليد. مهتم بالشأن الثقفي وقضايا المجتمع وسبق أن كتبت عدة مقالات في موقع huffpost النسخة العربية.
تحميل المزيد