في حادثة نادرة وغريبة في فلسطين، حضر "علي"، وهو طفل فلسطيني في عامه الرابع، الثلاثاء 16 يونيو/حزيران 2020، حفل عُرس والديه، وذلك بعد أن غادر والده "صلاح" سجون الاحتلال بعد 15 سنة من الاعتقال، ليحتفل مع أمه بحفل زفافهما الذي تأجل كل هذه السنوات.
الزوجة شيرين، التي عقد قرانها على زوجها صلاح، لكن حالت ظروف الاعتقال دون إتمام الزفاف، قضت سنوات اعتقاله في الانتظار حتى خروجه.
هذا الحفل، الذي أقيم في بلدة بيت دقو، شمال غربي مدينة القدس المحتلة، لفت أنظار سكان القرية وكل فلسطين، ولقي تغطية إعلامية كبيرة من قِبل الإعلام الفلسطيني، فهي لحظة فرح تشاركها سكان القرية مع صلاح حسين (49) سنة، بعد أن قضى 15 سنة كاملة في سجون الاحتلال، وهي أيضاً فرصة لحضور حدث "نادر"، يشاهد فيه الابن عرس والديه.
قصة إنجاب فريدة: في 2008، عقد صلاح قرانه على شيرين نزال، لكن اعتقاله حال دون الاجتماع بها، فأصر الزوجان على تحدي المنع الإسرائيلي، وإنجاب طفل عبر تهريب "نطف" من داخل السجن.
شارك المئات من بلدة بيت دقو وخارجها في زفاف صلاح وشيرين، مساء الثلاثاء، على وقع أغانٍ ورقصات شعبية فلسطينية.
على أكتاف مشاركين في حفل الزفاف، حُمل صلاح ونجله علي، وهما في سعادة غامرة.
اعتُقل صلاح نهاية 2004 بتهمة المشاركة في عمليات مسلحة ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين.
بعد الإفراج عنه قبل أيام، أعادت السلطات الإسرائيلية اعتقال صلاح ليوم واحد، ثم أطلقت سراحه.
اعتقلت إسرائيل، بحسب بيانات فلسطينية، نحو مليون فلسطيني منذ 1967، وهو عام احتلالها الضفة الغربية وقطاع غزة.
فيما يبلغ عدد الفلسطينيين القابعين داخل السجون الإسرائيلية حالياً حوالي 5 آلاف معتقل، بينهم نحو 700 معتقل مريض و41 سيدة.
من رحم المعاناة: قالت صحيفة "رام الله نيوز"، الثلاثاء، إن الأمر يتعلق بـ"تجربة فريدة من نوعها حول العالم، وإبداع يتفرّد به الأسير الفلسطيني، يقوم بعض الأسرى بإنجاب أطفالهم عبر تهريب نطفهم إلى الخارج وتلقيحها في أرحام زوجاتهم".
تضيف الصحيفة أن هذه التجربة بدأت عام 2012، إذ استطاع عدد من الأسرى في سجون الاحتلال تهريب حيواناتهم المنوية إلى زوجاتهم بهدف التلقيح، لإنجاب من أصبحوا يسمّون "سفراء الحرية".
كتبت أيضاً أن هذه الظاهرة شكلت "تحدياً يخوضه الأسرى للتعبير عن حقهم في الحياة، وممارسة حقوقهم المشروعة والمكفولة على أكمل وجه، وبناء أسرة لهم خارج الأَسْر".
فيما تقول مصادر صحفية عربية وفلسطينية، إن هناك أكثر من 70 طفلاً فلسطينياً وُلدوا بهذه الطريقة.
أما عن قصة صلاح وشيرين فهي تعود لأكثر من 18 سنة، عندما تعرّف عليها في الجامعة، قبل أن يُعتقل صلاح في سجون الاحتلال إثر مطاردة دامت لفترة غير قصيرة، كان ذلك عام 2022، قبل أن يعقدا القران سنة 2008، عبر وكالة للإنجاب، أما الإنجاب بالتلقيح فقد كان سنة 2013.