من بين قصص السفاحين أو القتلة المتسلسلين في العالم تبرز أسماء كثيرة في عالم الغرب أكثر من الشرق، مثل إدموند كيمبر وجون واين جاسي وتيد باندي وغيرهم، ولكن قصة السفاح الإيراني القاتل المتسلسل محمد بيجي واحدة من القصص التي روّعت إيران، واشتهرت في الشرق الأوسط بأسماء مثل "مصاص دماء الصحراء"، و"سفاح الأطفال الإيراني".
في تقريرنا التالي نتابع قصة محمد بيجي، وبداياته، وكيف تحوّل إلى سفاح ينتشي بدماء ضحاياه، حتى إعدامه علانية عام 2005 في مدينة باكدشت، التي تبعد حوالي 20 كيلومتراً عن العاصمة الإيرانية طهران.
هكذا نشأ السفاح محمد بيجي
وُلد محمد بيجي في إقليم خراسان الرضوي الإيراني عام 1982 في منزل متواضع، وكان هو السابع بين إخوته، وعانت الأسرة الكبيرة بين جدران المنزل الصغير، وما زاد الوضع سوءاً هو وفاة والدته وهو لا يزال في الرابعة من عمره، إثر إصابتها بالسرطان، وتركه لأب قاسٍ، وصفه محمد بأنه "همجي" وعنيف.
بعد وفاة والدته وتراكم أعباء التربية على الأب القاسي، بدأت معاناة محمد في التبلور، فكان أبوه يضربه كثيراً باستخدام العصيّ الخشبية، ويربطه لفترات طويلة بسلاسل حديدية، بحسب اعترافات محمد.
وفي سن السادسة بدأ محمد يتلقى جرعة كبيرة إضافية من القسوة، عندما تزوج أبوه من امرأة صعبة المراس، عاملته بجفاء وعنف طيلة الوقت.
هكذا تبلور الانتقام داخل محمد بيجي
برغم أن محمد بيجي أراد أن يكمل دراسته ومسيرته التعليمية، بحسب اعترافاته، فإن الظروف التي عاشها دفعته لترك الدراسة، خاصة بعدما أجبرته زوجة والده على العمل للاستفادة من دخله. فبدأ العمل وهو لم يبلغ 11 عاماً في أحد أفران الطمي، التي تنتج قوالب أحجار البناء.
وفي سن 12 عاماً تعرض للتحرش من زملاء أكبر منه، والأسوأ أتى حينما تعرّض محمد للاغتصاب مِن أكثر من شخص قبل أن يبلغ الخامسة عشرة من عمره، وهو ما اعترف محمد لاحقاً أنه كان السبب الذي حبس في داخله رغبات شديدة الانتقام والدموية ممن أساءوا له.
عندما بلغ محمد سن الـ20 انتقل إلى مدينة باكدشت الإيرانية، التي تبعد قرابة 20 كيلومتراً عن العاصمة الإيرانية، حيث عمل مثل أغلب سكان المدينة الصغيرة في مجال صناعة الطوب وأحجار البناء، وهي المدينة نفسها التي شهدت جميع جرائمه.
المنطقة الجديدة التي عاش بها محمد وعمل بالقرب منها كانت تحيطها العشوائيات السكنية وأكوام القمامة، وانتشرت بها كافة أشكال الجريمة، خاصة مع قلة التواجد الأمني، وهو ما ساهم في تسهيل الخيالات العنيفة لدى بيجي، وتحول إلى سلسلة من الاغتصاب والقتل.
بداية الجرائم.. والصديق المدمن
خلال عمل محمد في مصنع الأحجار تعرف على زميل يصغره بعامين، يدعى "علي باغي"، والذي كان بدوره ضحية اغتصاب في صغره، وعانى من طفولة قاسية، وهو ما جعل الصداقة بينهما تزداد، خاصة عندما اعترف له صديقه بأنه مدمن للمخدرات.
وما إن تأكد محمد بيجي من أن صديقه الصغير مدمن لمخدر الهيروين، حتى استغل تشوش ذهنه وأقنعه بأن يساعده في أولى جرائمه، فانطلق الصديقان يبحثان عن صبي من أطفال المنطقة العشوائية، ثم أقنعاه بالذهاب معهما لاصطياد الثعالب من الصحراء القريبة وبيعها.
وهناك قام محمد بيجي باغتصاب الصبي البالغ من العمر 13 عاماً، ثم قتله بحجر على رأسه، ودفنه في حفرة ضحلة.
الجرائم التي توالت
عندما بدأت تحقيقات الشرطة حول اختفاء الصبي، بدأ محمد بيجي في تقليل نشاطه، ولكن أسلوب عمل الشرطة الإيرانية في التحقيقات العشوائية أوقعه في الحبس لعدة أشهر من دون أي دليل إدانة، بعدها أُطلق سراحه ليمارس القتل بشكل أكبر وأعنف.
في الفترة ما بين مارس/آذار وسبتمبر/أيلول عام 2004، قتل واغتصب محمد بيجي أكثر من 15 صبياً تتراوح أعمارهم ما بين 13 إلى 15 عاماً، مستخدماً قصصاً جديدة مع كل ضحية، فتارة يقنعهم بالبحث عن مفقودات، أو بالتنقيب عن أنواع نادرة من الكائنات الصحراوية، أو يعود للقصة القديمة بإقناعهم بالبحث عن الثعالب التي يجلب بيعها أموالاً كثيرة.
وكان أحياناً يتعمد أن يقتل الضحية بعنف، ليشاهد الدماء تنزف منه؛ لأنه بحسب اعترافاته كان يشعر بالنشوة من رؤية الدماء، وهو ما أكسبه لقبه الشهير "مصاص دماء الصحراء".
الاعتقال والإعدام
في أواخر عام 2004 سقط محمد بيجي في قبضة الشرطة، بعد أن رآه بعض الضباط يراقب بعض الفتية الصغار أثناء استحمامهم عرايا في إحدى القنوات الضحلة، بالقرب من حدود المدينة. وعند استجوابه ارتبك محمد، وخاصة عندما واجهته الشرطة ببعض رفات الأطفال الذين كان يتخلص من جثثهم بتقطيعها؛ اعترف بيجي بارتكابه الجرائم كلها.
وفي مطلع عام 2005 أدلى محمد بيجي باعترافات كاملة التفاصيل عن مقتل ضحاياه، وحوكم، وصدر ضده الحكم بـ100 جلدة، ثم الإعدام العلني.
وفي مارس/آذار أُخد محمد بيجي إلى ساحة كبيرة في مدينة باكدشت، وجُلد 100 جلدة بعد انتزاع ملابسه، وسط ما يقرب من 5 آلاف شخص، ثم أعدم شنقاً فوق صاري أحد الأوناش الضخمة.