لا بد من الاعتراف أنه ليس هيناً على أي واحد منا أن يعيش حالة اليأس والتشاؤم، وخاصة أنه يعيش وسط أحوال ومتغيرات كثيرة، تعود في أساسها إلى غياب القيم الإنسانية، ينظر الإنسان حوله فيشاهد التشرذم الاجتماعي، والأزمات الاقتصادية والسياسية، وبالمقابل هناك بعض الأشخاص متفائلون بالفطرة بيد أنّ التفاؤل ليس من السمات الثابتة لدى الإنسان إنه قرار! ولكن، يبقى السؤال الأكثر أهمية وإلحاحاً هل نحن نختار أن نعيش حالة اليأس والتشاؤم أو حالة الفرح والتفائل؟
لقد أظهرت الأبحاث أن الأشخاص المتفائلين قادرون على تحمل الضغط أكثر من المتشائمين كما أنهم أقل عرضة للمرض، ويعيشون أكثر، بالإضافة إلى ذلك إنهم أكثر سعادة ونجاحاً، وعن الأفكار التي تجعل منك شخصاً أكثر تفاؤلاً، تقول الكاتبة الأمريكية ومدربة التنمية البشرية آنجيل تشيرنوف:
أولاً – جد فرصة في كل صعوبة تعترضك
إن الشخص المتفائل هو الذي يركز على الناحية الإيجابية في الأمور، فإن فقدت امرأة متفائلة يدها اليسرى في حادث سير مثلاً، قد تقول بصوت يرن بالأمل: "أنا على قيد الحياة! لقد فقدت يدي اليسرى لكن لدي اليمنى وأمامي حياة لأكملها."
إن التفاؤل لا يعني أن تتجاهل المشكلة بالكامل، بل أن تفهم بأن النكسات في حياتك لا يمكن تجنبها وهي غالباً ما تكون مؤقتة، كما أنك تملك المهارات والقدرات على مواجهة التحديات التي تعترضك، قد يكون ما تواجهه صعب جداً لكن من المهم أن تبقى مليئاً بالأمل وبالإيجابية لمستقبل أكثر إشراقاً، إن التفاؤل يبعث على مشاعر الأمل كما يعزز الثقة المطلوبة كي تستفيد بشكل كامل من الفرص المتاحة أمامك.
تذكر دائماً أن أروع أقواس القزح تأتي من إشراق ضوء الشمس بعد عاصفة مظلمة جداً!
ثانياً- املأ حياتك بالأشخاص الإيجابيين
إن حالتك ترتبط بنوع صحبتك إلى حد كبير، فإن كنت محاطًاً بأشخاص متشائمين لن تستطيع أن تبتسم بينهم، فلتكن مهمتك تفادي البيئة السلبية ، املأ محيطك بأشخاص داعمين ويتمتعون بمظهر إيجابي، طبق المثل القائل: "إن كنت تريد أن ترتفع مع النسور فلا تتسكع مع البط".
إن التفاؤل هو عادة مكتسبة ومعدية، لذا أحط نفسك بأشخاص ينقلون إليك عدوى الايجابية، وانقلها أنت إلى صديق أو حتى إلى شخص غريب، قد يكون ذلك بأن تؤمن له مكاناً لوقوف سيارته أو أن تقدمه إلى المحاسب لأنه يحمل أغراضاً قليلة، إن التصرفات اللطيفة وإن كانت بسيطة ترفع من مستوى الإيجابية لدى الطرف الآخر.
ثالثاً- امنح حباً وخذ حباً واستثمر في الحب
إن للحب قوة كبيرة، إنه الكنز الذي لأجله يضحي الإنسان بكل ما يملك! إنه لا يكلفك شيئاً كما أنه غير محدود فهو يسع العائلة والأصدقاء والغرباء.
إن الحب يعزز الإيجابية ويشكل درعاً واقياً من السلبية، فبالحب يشفى الإنسان وبالحب يغفر وبه يشجَع وبه يلهم،
امنح حباً، وتلقّ حباً واستثمر في الحب كل يوم، لأنك إن استثمرت في الحب ستكتسب حياتك.
رابعاً- كن واقعياً وتوقع تقلبات الدهر
يعتمد التفكير الواقعي على وضع الأمور في نصابها الصحيح، فكونك متفائلاً لا يعني أنك لن تمر في أيام عصيبة، فالحياة ليست دائماً عبارة عن ألوان مبهجة وفراشات براقة.
أن تحاول البقاء إيجابياً 100% طوال الوقت كمحاولتك أن تكون بحراً فيه ترتفع الأمواج دون أن تتحطم، فكما أن حركة الأمواج هي جزء من البحر نفسه، إن تقلب الأحوال هو جزء من الحياة، وعندما تدرك هذه الحقيقة سيسهل عليك تخطي الأمور والتصالح مع الأحداث.
يعني: استعد للأسوأ متأملاً حصول الأفضل، لأن هذا الاستعداد يجعل منك شخصاً عقلانياً، أما الأمل فيجعل منك شخصاً متفائلاً.
خامساً- ألهم نفسك بالابتسامة وبعبارات التذكير الإيجابي
إن توقعت الأسوء سيتحقق، إن سمحت للاستياء ان يتملكك سيفعل، لكن إن واجهت الحياة بابتسامة ستسهل أمامك الأمور،
فقد أظهرت الدراسات أن تبسمك يؤثر في جزء من دماغك وبالتالي ستصبح أكثر سعادة وتفاؤلاً حيال الحاضر والمستقبل.
يمكنك أيضاً أن تغذي تفاؤلك برسائل تذكير بالتفكير الإيجابي، اكتب عبارات قصيرة تلهمك، وضعها في أماكن تراها كل يوم مثل مرآة الحمام، وداخل الخزانة، وعلى شاشة الكمبيوتر
"كل شيء ممكن"
"عش حياتك بإيجابية"
"الشيء الوحيد الذي يمكنني التحكم فيه هو موقفي تجاه الحياة"
"أنا أملك دائماً الخيار"
"إن أطول الرحلات تبدأ بخطوة واحدة"
"سوف أنظر إلى الجانب المضيء من كل شيء وأنير روحي بالتفاؤل".
سادساً- اعمل على أشياء يمكنك التحكم بها
إن التشاؤم غير عملي لأنه يدفعك إلى هدر وقتك وأنت تركز على أمور سلبية لم تحدث بعد، بينما يمنعك من إنجاز ما يجب عليك الآن، إنه يولد التردد! بل إنه يهدر وقتك بلا طائل، والوقت مورد محدود لا ينتظر.
إن كل دقيقة تقضيها بالقلق تسلب منك الاستمتاع بما منحته لك الحياة.
الحل؟ اعترف بالأشياء التي لا يمكنك التحكم بها ولا تتحول إلى ضحية! توقف عن التفكير بما يحدث لك وفكر في ما باستطاعتك أن تفعل حياله، واعلم بأنك دائماً تملك خياراً للحل، هل عملك هو المشكلة؟ ابحث عن آخر! لست مستعداً؟ احتفل إذاً وتذكر أنك أنت من اختار البقاء.
سابعاً- عدد نعمك
كثيرة هي الأمور الجيدة التي حققتها، وكبير هو حجم الجمال الذي يحيط بك، وعذب هو الحب الذي يملأ حياتك، لديك الأسباب الوافية اليوم لتكون راضياً! امنح نفسك فرصة لذلك ولتنزع من عقلك الأفكار السلبية.
ابدأ باقتناء دفتر فارغ واملأه بكل ما يجعلك تبتسم، صورة لمن تحب، أو رأي إيجابي قيل فيك، استخدمه لكتابة إنجازاتك والاحتفاء بانتصاراتك.
لا تضع في هذا الدفتر إلا ما هو إيجابي والجأ إليه عندما تشعر بالإحباط.
ثامناً- لا شيء يدوم في الحياة
أظهرت الأبحاث أن الأشخاص المتفائلين يختلفون عن الأشخاص المتشائمين في تحديد أسباب النجاح والفشل. فالمتشائمون يعزون أسباب الأحداث السلبية إلى عوامل دائمة وشخصية وشاملة. أما المتفائلون فيعزون أسباب الأحداث السلبية إلى عوامل غير دائمة وغير شخصية وغير شاملة، نقصد بالعامل "الدائم" ذاك الذي يرافقك طوال حياتك، والعامل "الشخصي" هو المرتبط بك شخصياً أما العامل "الشامل" هو الذي يؤثر على مجالات حياتك كافة.
تاسعاً- ركز في الحاضر
غالباً ما يشغل الناس تفكيرهم بالماضي وبالمستقبل لكن الحياة تكمن في اللحظة الحاضرة، لا يمكنك اكتساب شيء من الحاضر أو صناعة ذكرى منه إن كان تفكيرك عالقاً في زمن آخر.
يتطلب الأمر ثماني ثوان من التركيز كي تخزن معلومة جديدة في الذاكرة طويلة المدى، فلتبق مسيطراً على حياتك وعقلك، عوضاً عن الغرق في ذكريات الماضي عن القلق من المستقبل، مرن نفسك على الحضور والعيش في اللحظة الحاضرة.
تذكر أنّ "الآن" تمثل اللحظة الوحيدة التي تملكها، "الآن" هي الحياة! لا تفوتها.
وانطلاقاً من كل ما سبق، نقول.. لا تترك نفسك تصل إلى حالة من التشاؤم واليأس، واجعل السعادة قراراً من قراراتك، وكن سعيداً وراضياً عن حياتك، يـُصاحبك الأمل ويرافقك النجاح، واعلم أن لا شيء دائم والأحوال تتبدل أكانت جيدة أم سيئة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.