في مملكة الحيوان بأكملها، يشتهر ذكر فرس البحر Seahorses بأنه الذكر الوحيد في العالم الذي يحمل وينجب ذريته في موسم التزاوج. لكن فرس البحر ليس الحيوان الوحيد الذي يظهر عكس هذا الدور التزاوجي المعتاد في الطبيعة.
ففي الواقع، حمل الذكور سمة مميزة لفصيلة بحرية تدعى زمارات البحر Syngnathidae، وإليها ينتمي كل من فرس البحر والسمك الأنبوبي وسمك تنين البحر، والتي يأخذ الذكور فيها على عاتقهم مهمة الحمل والولادة.
ما هو حيوان فرس البحر؟
هو حيوان بحري يتراوح طوله ما بين 1 و30 سنتيمتراً، ولديه رأس حصان وذيل ثعبان،
ولكن تصنيفه العلمي يتبع طائفة أسماك شعاعية الزعانف فصيلة زمارات البحر.
يتميز جسد فرس البحر بأنه يتكون من دروع عظمية، وتظهر الحلقات العظمية بوضوح في الذيل.
كما يتميز فرس البحر بالذيل الملفوف الذي يعد علامة مميزة لدى بعض الثدييات كالقرود والليمور، حيث يساعدها على التشبث بفروع الأشجار والتحرك بسهولة.
بالمثل، الذيل الملفوف لفرس البحر يساعده على التشبث بالأعشاب البحرية، وعندها يتمكن من إخفاء نفسه بالتمويه عندما يغيّر لونه، ليظهر كجزء من تلك الأعشاب البحرية.
على الرغم من أن فرس البحر يتبع الأسماك علمياً، فإن آلية السباحة لديه تختلف كثيراً عن معظم الأسماك الأخرى التي نلاحظها عادة.
يعتبر فرس البحر سباحاً ضعيفاً، ويعتمد بدلاً من ذلك على التمويه؛ لحماية نفسه من الافتراس.
والسبب أنه عكس الأسماك الأخرى التي تسبح أفقياً، يسبح هو في وضع مستقيم، وهو ما يعرضه لمقاومة الماء ويبطئ سرعته.
التكاثر في فرس البحر
في حالة الكائنات التي تلد، مثل البشر، فإن الحيوانات المنوية من الذكور تدمج في بيضة الأنثى.
يحدث هذا الاندماج في الجهاز التناسلي للأنثى. ومن ثم، فإن اندماج الخليتين يؤدي إلى الإخصاب، وتسمى الخلية المشكَّلة حديثاً باسم الزيجوت.
يخضع الزيجوت للتطور، وبعد فترة زمنية معينة، تحدث تقلصات شديدة في الرحم. وهذا يؤدي إلى خروج الجنين المتطور بالكامل خارج جسم الأنثى.
في حالة الكائنات الي تبيض، تتشابه العملية الأولية إلى حد ما مع الحيوانات التي تلد، ولكن بعد الإخصاب، قد تطلق الأنثى البيض، وغالباً ما تراقبه حتى تفقس.
ومع ذلك، في بعض الحيوانات، مثل الضفادع، يحدث الإخصاب خارج جسم الأنثى في الماء، حيث سبق أن أطلقت بيضها.
في حالة فرس البحر يكون الذكر هو منتِج الحيوانات المنوية وفي الوقت ذاته هو الذي يحمل.
سلوكيات التزاوج لفرس البحر
تجتمع أزواج ذكور وإناث فرس البحر في بداية موسم التكاثر، الذي يستمر عادة من الربيع إلى أواخر الخريف.
لا يعلم العلماء بالضبط كيف يتم اختيار الأزواج، ولكن قد تستخدم مزيجاً من الإشارات البصرية والكيميائية، كما قد يكون الاقتران حسب الأحجام.
قبل أن تُودع الأنثى بيضها في كيس الذكر، سيجري زوج فرس البحر رقصة طويلة للمغازلة، يمكن أن تستمر مدة تصل إلى ثماني ساعات، حيث يقوم الزوجان بمزامنة تحركاتهما ويسبحان معاً، وبعد ذلك ستودع الأنثى بيضها في كيس الذكر.
بعد أن يتلقى الذكر بيض شريكته، يطلق حيواناته المنوية في مياه البحر؛ وسرعان ما يجد الحيوان المنوي طريقه إلى كيس الذكر.
تفقس الخلايا التي
تتشكل لاحقاً في هذا الكيس أيضاً، ويتطور الصغار في حين يحافظ الأب على ملوحة
الماء بالحقيبة إلى حدود مواتية.
هذا يعدُّ الصغار للحياة في البحر، حيث سيكون عليها البقاء بعد الميلاد.
اعتماداً على الأنواع، عادةً ما تحمل ذكور فرس البحر البيض مدة تتراوح بين أسبوعين وأربعة أسابيع، وتلد ما بين 100 و1000 في وقت واحد.
حينما يحين موعد الولادة، يتعرض الذكر لانقباضات عضلية ينجب على أثرها، لكنه لا يشارك في تربية نسله.
وبدلاً من ذلك، فإن شريطته ستضع بيضها مرة أخرى في كيس الذكر بعد الولادة بفترة وجيزة. تستمر هذه الدورة لبقية موسم التكاثر.
كيس الحمل في فرس البحر
الكيس مجرد امتداد للجلد في فرس البحر الذكور والذي يستخدم لإيواء الأطفال النامية.
هناك بعض الأنواع من فرس البحر لا يوجد لديها كيس، ولكن في هذه الأنواع يلتصق بيض الأنثى على سطح جسم الذكر.
ينتمي فرس البحر والذكور الأخرى التي تلد إلى فصيلة زمارات البحر، إلا أن ذكور السمكة الأنبوبية وتنين البحر المورق يحملان بيضاً بمنطقة في الجانب السفلي من أجسامهم، حيث يوفرون المواد الغذائية والأكسجين من خلال اتصال يشبه المشيمة.
التطور وتوزيع المهمات
يفترض العلماء أن الذكور في فصيلة زمارات البحر تطورت لحمل الصغار، لأنها تزيد من سرعة ولادتها؛ ومن ثم تزيد فرص البقاء على قيد الحياة.
وبينما يحمل الذكر الصغار، تنشغل الإناث بتحضير مزيد من البيض؛ لزرعه في الذكور بعد الولادة مباشرة.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن طريقة التكاثر هذه توزع تكاليف الطاقة للعملية بأكملها بالتساوي بين الذكور والإناث.
ففي حين يلد الآباء فرس البحر، إلا أنهم لا يرعون الصغار، ويسلمونهم إلى الأمهات بمجرد ولادتهم.
ومع ذلك؛ نظراً إلى الحماية التي يوفرها آباء فرس البحر في أثناء الحمل، فإن معدل بقاء فرس البحر للأطفال بالواقع مرتفع إلى حد ما، مقارنة بمعظم أنواع الأسماك الأخرى التي تتخلى عن البيض بعد الإخصاب مباشرة.