تعد الرقصات وغناء الكاريوكي باستخدام السماعات الطبية جزءاً من المهام الوظيفية لبعض العاملين في مجال الصحة في مستشفى كلينيكوم دورتموند، الموجود في منطقة راين-رور الحضارية في غربي ألمانيا وفقاً لما نشرته شبكة Deutsche Welle الألمانية.
ستجد على حساب المستشفى على تطبيق "تيك توك"، مقاطع فيديو يظهرون فيها وهم يضغطون على زجاجات المواد المطهرة على أنغام موسيقى إلكترونية تعود لحقبة الثمانينيات، وهم يرقصون على موسيقى من بلدهم، أو ينعشون دجاجة مطاطية على خلفية أغنية "Staying Alive".
وهم مؤدون نموذجيون في التطبيق الذي يعرض مواهب الناس وهم يحركون شفاههم لتتزامن مع إيقاع أغنياتهم المفضلة أو يعرضون مهاراتهم الإبداعية.
ولم يكن كل المرضى متحمسين لهذه الحالة الجديدة، إذ كتب أحدهم يشكو "لهذا السبب نضطر دائماً للانتظار لوقتٍ طويل"، لكن غالبية ردود الأفعال كانت إيجابية.
شبكات التواصل الاجتماعي للتوظيف
أما المرضى فليسوا الجمهور الأساسي لمقاطع الفيديو هذه، بل العاملين الآخرين في مجال الصحة وطواقم عمل المستشفيات الأخرى.
ويقول مارك راشكي، مدير الاتصالات في العيادة: "يأتي جميع المتدربين لدينا عبر أنشطتنا على مواقع التواصل الاجتماعي". هم يعلمون هذا دائماً خلال مقابلات العمل.
وأنشأ مارك قناة "تيك توك" في ربيع عام 2019، بعد أن علم بشأن التطبيق في مؤتمرٍ بمدينة نيويورك. ويقول: "نحن لا نزور معارض، ولا نوزِّع منشورات، ويقول جميع المتقدمين للعمل لدينا، دون استثناء، إنهم عثروا علينا عبر قنوات التواصل الاجتماعي".
باتت شبكات التواصل الاجتماعي الوسيلة الوحيدة للتوظيف في العيادات بالمستشفى.
ولا يقتصر الأمر على تطبيق "تيك توك"، إذ يستخدمون تطبيقات أخرى مثل إنستغرام، وتويتر، وفيسبوك، ومجموعات "WhatsApp Academy" لأطفال المدارس، فضلاً عن تطبيق "Blood Drive"، وتطبيقهم الخاص بالعثور على وظائف للترويج للمستشفى.
المنافسة من أجل تعيين موظفين ماهرين
ويصعب العثور على أشخاص للعمل في طواقم المستشفيات في ألمانيا نظراً لنقص العمالة الماهرة من ناحية وجهود الرقمنة التي تُنافس عمل الأشخاص من ناحية أخرى.
وفي بداية العام الحالي، توقعت شركة رولاند برغر الاستشارية وجود عجز في المستشفيات الألمانية بنحو 20 ألف وظيفة في 2019. ودخلت المستشفيات في حرب تنافسية للحصول على موظفين جدد.
فيما أعلن مستشفى فيفانتس، وهو أكبر مستشفى إقليمي في محيط برلين، عن مكافأةٍ للموظفين الجدد. ويتلقى العاملون في مجال الصحة ما يصل إلى 9920 دولاراً إذا انضموا إلى طاقم عمل المستشفى وبدأوا العمل في عيادة سباندوا في برلين في نهاية العام الحالي.
ويقول مارك راشكي متباهياً بأنشطة المستشفى على مواقع التواصل الاجتماعي: "لقد عيَّنا متدرِّبين جدداً في جميع الوظائف الشاغرة لدينا والتي تبلغ حالياً 500 وظيفة، ولم نضطر إلى إيقاف بعض خدامتنا بسبب نقص العمالة لدينا مثلما هو حال المستشفيات الأخرى".
ويرفض راشكي دفع أموال مباشرةً للناس مقابل الانضمام إلى فريق عملهم.
"تيك توك" لتقوية روح فريق المستشفى
ويؤمن راشكي باستخدام هذه الأدوات لتقوية روح الفريق وجذب اهتمام الناس للعمل في المستشفى، إذ يقول: "مقاطع الفيديو مهمة للغاية كأداةٍ داخلية. كل مقطع فيديو يُصوَّر هو حدثٌ في حد ذاته، وهو شيءٌ سيشاهده فريق العمل ليلاً عندما يعودون إلى منازلهم".
فيما نشأت استراتيجية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي عندما بدأت عيادة كلينيكوم دورتموند -واحدة من أكبر العيادات العامة في ألمانيا- تعاني.
ولم تكن العيادة فقط في حاجةٍ إلى تصحيح أوضاعها المالية بل كانت في حاجة إلى استعادة ثقة العاملين لديها.
ولدى العيادة حالياً قوائم انتظار لطلبات تصوير مقاطع فيديو جديدة، وتتلقى عدداً هائلاً من التعليقات من أشخاص يقولون إنهم يودون العمل في عيادة تقدمية كهذه.
ورغم انفتاحها الرقمي، لا تشجع الإدارة تصوير عروض أدائية خاصة داخل المستشفى خوفاً من وقوع حوادث مؤسفة قد يكون لها عواقب قانونية.
ماذا عن أمن البيانات؟
وتتعرض شركة بايت دانس الصينية، المالكة لتطبيق تيك توك، لضغوطٍ متزايدة خلال الشهور الأخيرة بشأن مخاوف تتعلق بالرقابة وخصوصية البيانات، وتراقبها بعض الحكومات الغربية عن كثب.
غير أن شركة بايت دانس تنفي علاقتها بحكومة بكين. وتحاول الشركة حالياً فصل تطبيق تيك توك عن الأنشطة الأخرى التابعة للشركة بعد أن بدأ المشرعون الأمريكيون يتشككون في مدى أمن البيانات الموجودة في تطبيق تيك توك، وفقاً لمصادر وكالة Reuters الإخبارية.
لكن المستشفى لا يشعر بالقلق إزاء حماية بياناته. يقول راشكي: "تكون العلاقة دائماً مع هذه المنصات عبارة عن أخذ وعطاء مهما كان البلد الذي تأتي منه".
وتابع معلقاً على الإجراءات الأمنية التي تحمي خصوصية بيانات المستشفيات حول العالم: "وحتى إذا كانوا يستمعون إلى ما نفعله، ولا علاقة لهذا مطلقاً ببيانات المرضى".
وتطبيق إنستغرام المملوك لفيسبوك هو المنصة التي اختارتها العيادة حالياً للتواصل مع الجمهور لأنه يسمح بنشر محتوى أكثر عمقاً وذا سياق.
لكن تطبيق تيك توك يحظى بزخم كأدة توظيف، ولدى راشكي نصيحة لهؤلاء الذين يأملون في أن يحققوا نجاحاً مماثلاً على هذه المنصة: "على تطبيق تيك توك، يجب أن تكون أغرب وأكثر سطحيةً من أي منصة أخرى. يجب أن تكون مستعداً لأن تمنح جمهورك هذا".
هذه مقولة مجازية نموذجية لقصص النجاح على مواقع التواصل الاجتماعي: يجب أن تكون حقيقياً!