أطلقت عليه السلطات الأمريكية لقب "متعقب الليل"، ريتشارد راميرز كان واحداً من أكثر القتلة المتسلسلين خطورة في تاريخ أمريكا الحديث، مارس الطقوس الشيطانية، وقتل 14 ضحية، واغتصب وعذّب رقماً مماثلاً، ومكث على دَور الإعدام 24 عاماً حتى أُعدم، بعدما روَّع ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وما حولها.
ريتشارد راميرز والبداية المنطقية لقاتل متسلسل
وُلد ريكاردو منوز راميرز Ricardo "Richard" Muñoz Ramírez الذي اشتهر باسم ريتشارد راميز، في فبراير/شباط عام 1960، بمقاطعة إل باسو في ولاية تكساس الجنوبية، لأب وأم يحملان الجنسية المكسيكية.
انتقل والده للعيش في ولاية تكساس قبل ولادته، هو وشقيقه، وعانا غلظة الأب الشرطي، والأم المتطرفة دينياً.
كما عانى ريتشارد عدة أ=إصابات في الرأس بطفولته، أورثته نوبات صرع كان يعانى معها بشدة، وهو ما أثر في ميوله الاجتماعية؛ ولما كان يعاني الوحدة وقلة الأصدقاء، اختار راميرز أن يتجه لرفقة، كانت أحد أهم أسباب تحوّله إلى السفاح الذي كانه، وهو ابن عمه ميجيل.
ابن العم.. مجرم حرب فيتنام الذي أشعل جذوة القتل
عندما عاد ابن عمه ميجيل من أحد أكثر الحروب دموية وإثارة للفوضى؛ حرب فيتنام، نظر إليه ريتشارد على أنه الصديق والأخ شديد البأس، والبطل ذو الصورة المثالية، ولكن الأمر لم يكن كذلك تماماً.
فكان أول ما تفاخر به ميجيل أمام ابن عمه المراهق، صوراً أحضرها معه من ميدان المعركة تُظهره برفقة مجموعة من الجنود الأمريكيين وهم يعذبون فتيات فيتناميات، ويغتصبوهن بوحشية، ثم كانت الصور الأكثر وحشية والتي احتوت رؤوس الفتيات المقطوعة بعد التعذيب والاغتصاب، وبدلاً من أن يُظهر ريتشارد راميز امتعاضه، أو خوفه من تأثير هذه الصور؛ اعترف لاحقاً بأنها أثارت بداخله شهوة ما، مزيجاً بين الشهوة الجنسية، والرغبة في السيطرة على النساء وإيذائهن، وهو ما كان فعلياً بداية مرحلة الدم في حياته. لاحقاً أطلق ابن عمه ميجيل النار على زوجته وقتلها، وأُودع مصحة نفسية بعد قضاء 4 سنوات في السجن، وهو ما حمله معه ريتشارد بألمٍ تفجّر في المرحلة التالية.
من ممارسة الشيطانية إلى السرقة.. ثم بدأ سيل الدم
بدأ راميرز في سنوات مراهقته بالانجذاب إلى المخدرات، والطوائف الشيطانية Satanism وممارساتهم الشاذة، وبدأ ممارسة جرائم السرقة والاقتحام المنزلي. وفي أوائل الثمانينات حاول ريتشارد راميرز اغتصاب امرأة، وقبض عليه، ولكن الضحية لم تكمل إجراءات المحاكمة ولم تشهد ضده؛ فأسقطت عنه تهمة محاولة الاغتصاب.
في يونيو/حزيران 1985 عثرت السلطات على جثة أولى ضحايا ريتشارد راميرز مقطوعة العنق، وتعاني آثار اغتصاب، وهي جيني فينكو البالغة من العمر 79 عاماً.
وفي العالم التالي، اعتدى راميرز على ضحيته الثانية وهو رجل في الثلاثينيات؛ لم يفلح في الإفلات من قبضة ريتشارد عندما حاول إنقاذ شريكته في السكن ماريا هيرنانديز التي حاول راميرز اغتصابها، ولكنها استطاعت الهرب.
بعد هذا الحادث بدأ جنون القتل بالاشتعال في ذهن راميرز، الذي صار لا يتحرك إلا ليلاً في أستار الظلام، ويختار ضحية بعينها، ويعقبها بصبر مدداً تصل إلى أشهر أحياناً.
وبحلول أغسطس/آب 1985، كان الرعب يستشري في أنحاء ولاية كاليفورنيا بعدما اغتصب وقتل ريتشارد راميرز ما يقرب من 10 ضحايا، واعترف لاحقاً بإجبار ضحاياه على القَسم بالولاء للشيطان ذاته قبل أن يقتلهم، ولكن في الـ24 من الشهر نفسه جاءت آخر وكبرى جرائم ريتشارد راميرز، والتي تسببت في سقوطه بأيدي الأجهزة الأمنية.
الجريمة الأخيرة وسقوط متعقّب الليل
على بُعد 50 ميلاً من مدينة لوس أنجليس، كان راميرز يتعقب كلاً من إينز إريكسون البالغة من العمر 27 عاماً، وخطيبها بيل كارنز 29 عاماً، وعندما أتيحت له الفرصة، اقتحم شقتهما، وأطلق الرصاص على بيل وأرداه قتيلاً، ثم قام بتعذيب إينز وإجبارها على قَسم الولاء والحب للشيطان، ثم اغتصبها جنسياً وفموياً، ثم قيَّدها وهرب.
بعد فترة من المعاناة والصدمة استطاعت إينز إريكسون تحرير نفسها، واتصلت بالشرطة وأدلت بأوصاف راميرز بدقة، وبعد عدة أيام من التحريات عثرت على سيارته المسروقة في الأساس، ومنها حصلت الشرطة على بصماته، وتعرّف هويته؛ ثم لم يلبث أن سقط في قبضة قوات شرطة ولاية كاليفورنيا وأُودع السجن.
حوكم ريتشارد راميرز بتهم القتل والاغتصاب والتعذيب، والاقتحام، وظل مسجوناً بانتظار حكم نهائي ما بين أعوام 1988 و1989، وأُعلِن مذنباً، ولكن بعد عدة معارضات رفعها راميرز ومحاموه؛ نجح في تعطيل حكم الإعدام 24 عاماً، حتى تم تنفيذ الحكم أخيراً عام 2013، وأُعدم بالحقنة السامة.