يساور أسرة سورية نازحة من حماة إلى ريف إدلب (شمال)، قلق كبير مع اقتراب فصل الشتاء، خاصة وأنها تقيم في نفق تحت طريق الملاذ الآمن الذي قد يتحول مع مياه الأمطار إلى نهر جارف.
أسر سورية نازحة تخشى من قدوم الشتاء
وقد نزحت الأسرة الحموية من بلدة اللطامنة بريف حماة الشمالي إلى ريف إدلب في أول سبتمبر/أيلول 2019، بعد أن أدى قصف قوات النظام وداعميه إلى دمار منزلها.
سمية (أم أحمد)، مثلها مثل مئات الآلاف من المدنيين نزحت من منطقتها جراء القصف الجنوني لقوات النظام والطائرات الحربية الروسية.
تقطعت السبل بسمية الأم لخمسة أولاد ولم تجد منزلاً يأويها وصغارها، خصوصاً وأن بعض المؤجرين طلبوا منها 100 دولار في الشهر لقاء منزل تحتمي بين جدرانه.
إلا أن سمية وأولادها وجدوا وبطريق الصدفة، نفقاً صغيراً مخصصاً لتصريف مياه الأمطار والجدوال، قرب الحدود السورية التركية.
قررت الأسرة الاحتماء بهذا النفق، ووضعت أغراضها الشخصية داخله، وبنت منصة بدائية وضعت فوقها قدراً لطهي الطعام، ثم أسدلت بعض الأقمشة أمام فتحة النفق كي تشكل ساتراً يقيها وأسرتها أعين المارة، لاسيما وأن النفق يمر من فوقه عشرات السيارات والدراجات النارية يومياً.
وروت أم أحمد، التحديات والصعاب التي تواجهها مع أسرتها في النفق. مشيرة إلى أنها تصادف بين الحين والآخر العقارب والأفاعي تحت فراشهم أو بالقرب من النفق، ما يشكل خطراً كبيراً على حياتهم.
وأكدت الأم أنها تجد صعوبة كبيرة في تلبية الاحتياجات الضرورية مثل الطعام لأسرتها. مشيرة إلى الغلاء الكبير في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام والتي تتعرض للقصف بشكل شبه يومي.
وأضافت أم أحمد أن النفق يسترهم في الوقت الراهن، مستدركة أن مياه الأمطار والسيول المنحدرة من التلال المجاورة له، ستتدفق خلال الفترة القادمة من داخل هذا النفق، ما سيجعل الحياة فيه مستحيلة.
وقالت "عندما يأتي الشتاء، ستجرفنا المياه، ماذا عسانا أن نفعل؟ وإلى أين سنذهب؟ لا أدري".
ومع استمرار قصف نظام الأسد تزداد معاناة السوريين
وفي مايو/أيار 2017، أعلنت تركيا وروسيا وإيران توصلها إلى اتفاق "منطقة خفض التصعيد" بإدلب، في إطار اجتماعات أستانا المتعلقة بالشأن السوري.
وشملت منطقة خفض التصعيد بحسب الاتفاق محافظة إدلب وأجزاء من ريف حلب الغربي وريف حماه الشمالي وريف اللاذقية الشمالي.
إلا أن قوات النظام وداعميه تواصل شن هجماتها على المنطقة، رغم التفاهم المبرم بين تركيا وروسيا في سبتمبر/أيلول 2018، بمدينة سوتشي الروسية حيال تثبيت خفض التصعيد في المنطقة المذكورة.
وسبق أن حذّر وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أغسطس/آب الماضي من كارثة إنسانية في منطقة إدلب، شمالي سوريا، حال واصل نظام بشار الأسد هجماته عليها.
جاء ذلك في كلمة خلال اجتماع بالمعهد النرويجي للعلاقات الدولية في العاصمة أوسلو.
وأشار إلى قصف النظام "المدن والبلدات والقرى في إدلب واستهدافه المدنيين والمشافي بشكل خاص".
وتابع: "يريد النظام ومؤيدوه إثارة المشاكل لدى الأوروبيين من خلال موجات الهجرة الجماعية. لهذا السبب يستهدفون تحديداً مناطق سكنية يعيش فيها المدنيون".
وأوضح أن أكثر من 500 مدني لقوا حتفهم جراء هجمات النظام الأخيرة، ونحو مليون شخص نزحوا من أماكن إقامتهم، فيما نزح 200 ألف إلى الحدود التركية.
خاصة وأن نظام الأسد سبق أن أعلن استئناف القصف في إدلب
ففي 5 أغسطس/آب الماضي أعلن نظام الأسد استئناف عملياته العسكرية في المنطقة، رغم إعلانه الالتزام بوقف إطلاق النار خلال مباحثات أستانا.
وقال تشاووش أوغلو: "إذا استمر عدوان النظام (على خفض التصعيد)، ستحدث كارثة إنسانية جديدة، ويمكن أن تكون أسوأ مما شهدته حلب".
وتابع: "لا يزال المجتمع الدولي صامتاً. نريد رؤية دعم المجتمع الدولي، يجب عليه أن يصدر صوته، وإلا فإنه سيكون لما يحدث في إدلب عواقب مباشرة على أمن أوروبا".
وبخصوص تحرش النظام بنقاط المراقبة التركية، قال تشاووش أوغلو: "ناقشنا هذه المسألة مع الروس في موسكو. قدم لنا الروس ضمانة حول عدم مهاجمة النظام (النقاط). أعلنت لنا روسيا أنها لن تسمح بالهجمات على النقاط. ليست لدينا خطط لسحب قواتنا منها".
وأوضح أنه "جرى إقامة هذه النقاط كنتيجة لاتفاقنا مع روسيا بهدف إرساء الاستقرار في إدلب ومنع انتهاكات النظام أو المعارضة أو المتطرفين للاتفاق".