يومان من الرعب عاشهما سكان الباهاما.. يواجهون إعصار دوريان المدمر، وتركهم بلا مأوى

حول إعصار دوريان المدمر حياة 500 شخص إلى جحيم بعد أن دمر جزيرتهم وحول كل ما عليها إلى حطام، عجزوا عن مواجهته طيلة 40 ساعة التي قضاها فوق منطقتهم.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/09/05 الساعة 16:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/05 الساعة 20:08 بتوقيت غرينتش
إعصار دوريان خلف دمارا هائلا في الجزيرة/ رويترز

حول إعصار دوريان المدمر حياة 500 شخص إلى جحيم بعد أن دمر جزيرتهم وحول كل ما عليها إلى حطام، عجزوا عن مواجهته طيلة 40 ساعة التي قضاها فوق منطقتهم.

فقد صار متجر نيو بلايموث للمعدات الإلكترونية الواقع بجزيرة غرين ترتل الصغيرة، حطباً متناثراً، والأمر الأهمُّ هو أنَّ ذلك كان المصير نفسه الذي لاقاه متجر كاري للبقالة. وتحوّلت كذلك بعض القوارب في متنزّه دوني مارينا بفعل الإعصار إلى شذرات خشبية متفرّقة، في حين ظلّت قوارب أخرى مُلقاة على جانبها بقارعة الطريق.

تقول صحيفة Washington Post الأمريكية: "لقد كانت جزيرة غرين تيرتل الصغيرة الواقعة قبالة جزيرة غريت أباكو شمال جزر الباهاما بالفعل مُستقلة بذاتها. وعندما عصف إعصار دوريان بالجزيرة، يوم الأحد 1 سبتمبر/أيلول، كانت غرين تيرتل مُنعزلة تماماً".

ويقول كريغ كاري، البالغ من العمر 55 عاماً: "نحن لم نغادر، لأننا تعرّضنا سابقاً لعواصف أخرى، ولكنا لم نتعرّض لمثل هذا من قبل، فلم يكن الإعصار الأخير شبيهاً بأي شيء رأيناه في أي وقتٍ مضى".

إعصار دوريان يحوّل الجزيرة إلى حطام بائس 

وقضى كاري يومين يصارع إعصار دوريان في منزله؛ فحين أطاحت الرياح بالنافذة الأولى لمنزله، سدّ فتحتها بطاولة الطعام، وأطاحت الرياح بنافذتين أخريين، ثم باب منزله، ومن ثمّ، احتمى كاري بالطابق السفلي من المنزل.

وقال: "لقد حاربنا هذا الإعصار يومين، والآن نحن بلا مأوى، ولم يتبقّ أي شيء".

وتُعدُّ جزيرة غرين ترتل الصغيرة مجتمعاً ضيّقاً يبلغ عدد سكانه نحو 500 شخص، والجميع هناك بمثابة عائلة؛ إما لأنهم أقارب بالفعل وإما لأنهم عاشوا هناك معاً فترة طويلة.

والآن، تحولت جزيرتهم الشبيهة بالجنة إلى جحيم، إذ يكافح سكانها في غياب الكهرباء، والمياه، ومن دون إمدادات يُعتمد عليها من الطعام.

وأجرى خفر السواحل عمليات إنقاذ في وقت سابق من يوم الأربعاء 4 سبتمبر/أيلول، إذ قام الطاهي الإسباني خوسيه أندريس ومجموعته العالمية غير الربحية World Central Kitchen بجلب صناديق محمَّلة بالأرز والدجاج، ورددت السلطات التحذيرات التي لا تخفى على أحد بشأن جزر أباكوس، وغراند باهاما، وبيميني، وغيرها من الجزر التي أطاحت بها العاصفة. 

والخوف منتشر بين الناس

إذ يقول رونتونيو ليفاريتي، قائد أحد القوارب البالغ من العمر 35 عاماً: "إننا في حاجة إلى أغطية مضادة للمياه، ولوازم طبية، ونحتاج مياهاً، ومناشير خشب، ولا يمكننا القيام بالأمر بمفردنا".

وتحطَّم يخت ليفاريتي، الذي كان يحمل اسم ليفو ماكو، إلى أن صار قِطعاً صغيرة في العاصفة.

واتجه صحفيون من Washington Post إلى غراند أباكو على متن طائرة هليكوبتر استأجرتها مؤسسة World Central Kitchen. 

وظهرت الجزيرة على بُعد 25 دقيقة من ناسو، عاصمة جزر الباهاما، حيث بدت الشواطئ ذات الرمال البيضاء والمياه الفيروزية في النصف الشمالي الذي لاقى جِماح الإعصار دوريان. وفي الجنوب، كانت الخلجان المائية والأشجار القصيرة تُظهِر الطبيعة الأخّاذة للجزيرة.

وما تزال المياه تغمر أجزاء عديدة من الجزيرة؛ فالمنازل ما تزال غارقة، والأراضي الداخلية تحوّلت إلى مستنقعات، وهناك غابات من الأشجار التي أسقطها الإعصار.

واعتمدت بلدة مارش هاربر في دخلها على السياحة سابقاً، ولكن الإعصار قد نسف بنيتها التحتية، وتعطّلت محطتان لتوليد الطاقة، ودُمِرت المراسي، وصارت مزرعة "أباكوس بيج بيرد" المحلّية للدجاج حطاماً.

ويقول ترافيس كيلي، قبطان أحد المراكب البالغ من العمر 33 عاماً، إنَّ "الناس يائسون، فهناك أسطول من 100 قارب صيد مُحطّم في الشوارع، وإمدادات المياه صارت مُلوّثة بالبنزين والبراز".

وأضاف كيلي أن الشقة التي يقيم فيها منذ تدمير منزله تعرضت للسرقة يوم الثلاثاء 3 سبتمبر/أيلول، وشملت المسروقات هاتفه المحمول والبطاريات والطعام والماء. 

خاصة مع طول مدة الإعصار العاصف

ويعاني كيلي جرحاً وعدوى في قدميه منذ أن غمرت المياه الشوارع، ويقول: "لقد اتحد المجتمع معاً، حيث نقتسم الطعام والماء والمأوى، ولا يوجد حظر تجوال، لأنه لا يوجد من يفرِضه هُنا. إننا في اليوم الرابع من الأزمة وما زالوا (يُقيّمون الوضع)!".

ومن بين 20 حالة وفاة أسفر عنها إعصار دوريان في جزر الباهاما، شهدت جزر أباكوس 17 حالة. ووصف رئيس وزراء جزر الباهاما، هوبير مينيس، الخسائر قائلاً إنّ 60% من خسائر المنازل كانت في مارش هاربر، وتدمّر حي المود، وهو حي فقير للعمال الهايتيين، وغمرت المياه المطار. 

ومع ذلك، شهدت الجزر الأخرى مأساةً أيضاً، حيث ظلَّت العاصفة، التي أطاحت بالمنطقة يوم الأحد كإعصار من الفئة الخامسة، تجتاح غراند باهاما 40 ساعة، من الأحد إلى الثلاثاء.

وكان من المتوقع أن ترتفع حصيلة القتلى مع انتشار جهود البحث في مزيد من المناطق التي حطّمتها العاصفة.

ونقلت مروحيات خفر السواحل المرضى من الجزر الأشد تضرراً إلى مناطق المرافق الطبية في العاصمة ناساو، وانضمّت البحرية الملكية البريطانية ومجموعات إغاثة ومتطوعين إلى جهود الإنقاذ والإغاثة.

وقال الملازم البحري كريستوفر إنسلي، قبطان زورق خفر السواحل بول كلارك الذي يبلغ طوله 154 قدماً (نحو 50 متراً)، إن "حجم الدمار كارثي. إنها مأساة". 

إجلاء السكان إلى جزر ومدن أخرى

وفي ناسو، التي عانت أشدّ ويلات الإعصار، تجمع الأقارب في المطار الدولي؛ على أمل استقبال أحبّائهم الذين تم إجلاؤهم من الجزر الشمالية، أو استقبال خبرٍ -على الأقل- يقول إنهم بخير.

لدى ساندرا كوك عائلة تعيش في الجزر الصغيرة الواقعة بالقرب من أباكوس، وقالت إن الاتصالات كانت صعبة، والوضع حرج.

وأضافت ساندرا: "لقد ضاع كل شيء، ورئيس الوزراء والسلطات لا يتكلّمون حتّى عن تلك الأمور، إنهم حتّى لم يحلّقوا بطائرة فوق تلك الجُزر، لقد صارت ركاماً يُساوي الأرض التي نقف عليها".

وفي مدينة فريبورت الرئيسة بجزر غراند باهاما، وصفت غيل وون، البالغة من العمر 60 عاماً، ليلةً "شاقّة" في ملجأ إغاثة، حين فتح شخص ما نافذة، فانهار السقف.

وفرّت غيل وآخرون إلى الكنيسة، التي كانت -بحسب قولها- واحدة من المباني القليلة التي لم تنهَر أو تغرق.

وقالت: "المباني هنا مُعدّة فقط لتحمُّل رياح تبلغ سرعتها 150 ميلاً في الساعة (ما يعادل نحو 240 كيلومتراً في الساعة)، لذا ليست هناك فرصة للنجاة".

وعادت غيل وون إلى منزلها الذي غمرته الفيضانات يوم الأربعاء، لإنقاذ ما تستطيع إنقاذه، ألا وهو مُولّد طاقة يُحدث ضجيجاً.

لقد عاصرت غيل إعصارَي "فرانسيس" و "جين" في عام 2004، ولكنها تقول: "لا يوجد شيء مثل هذا، إنه شيء لم يسبق أن تعرّضنا له من قبل".

علامات:
تحميل المزيد