مصر تواجه العطش بالمسرحيات.. توعية المزارعين لتوفير المياه والتعامل مع الطقس

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/08/23 الساعة 15:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/24 الساعة 08:57 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية لفلاح مصر/istock

الحل في المسرحيات.. مصر تواجه نقص المياه والحرارة الزائدة بجلسات توعوية 

احتشد قرويون مصريون في مسرح مفتوح في الهواء الطلق، بالقرب من مدينة الأقصر الأثرية القديمة، لمشاهدة عرض مسرحي عن تغيُّر المناخ، وتعالت أصوات الضحك، على الرغم من أنَّ أحداث المسرحية تدور حول الحياة والموت، بحسب تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.

وفي أحد مشاهد المسرحية، يلاحظ المُمثّل الذي يؤدي دور مزارع، تضاعف حجم محصول القمح لدى جاره، فيسأله: "ما سرّك؟"، فيردُّ المُمثّل الآخر قائلاً: "أنا أتكيّف مع التغيّرات المناخية"، فيقول الأول: "الملوخية؟"، في لفتة كوميدية مثيرة للضحك، ناجمة عن الخلط اللفظي بين كلمتى المناخية والملوخية؛ الحساء التقليدي.

كيف تتعامل الحكومة مع الحر

تأتي عروض الفرقة المسرحية ضمن استجابة حكومية للتعامل مع موجات الحرارة العالية على شاكلة الموجة الحارة، التي ضربت مصر قبل تسع سنوات وألحقت أضراراً جسيمة بإنتاجية محصول القمح، الذي يُعد سلعة استراتيجية أساسية لسكان مصر، البالغ عددهم 100 مليون نسمة. تُشجّع المسرحية المزارعين على التعاون من خلال دمج حيازتهم الزراعية الصغيرة لتعظيم الإنتاج واستخدام تقنيات الري والزراعة الحديثة، لمواجهة التغيّرات المناخية والطقس الحار على نحو متزايد في جنوب البلاد.

يُعتبر الاحترار العالمي مشكلة ضخمة بالنسبة لمصر، حيث يوفر قطاع الزراعة نحو 28% من إجمالي الوظائف في البلاد. وأعلن برنامج الأغذية العالمي، الذي يموّل هذا المشروع الفني التوعوي، إنَّ التغيّرات المناخية تُهدّد بتراجع إنتاج الغذاء في جنوب مصر، بنسبة 30% على الأقل بحلول عام 2050.

الفريق المسرحي الذي يقوم بالتوعية/ بلومبيرغ

وقال علي حزين، المسؤول عن التنمية الريفية ومشاريع المعونة الغذائية في وزارة الزراعة المصرية، إنَّ الموجة الحارة عام 2010، التي دمَّرت محصول القمح في البلاد، كانت بمثابة "جرس إنذار" لمشكلة تغيُّر المناخ في مصر.

وتسرد مسرحية جديدة أخرى، عُرضت في قرية البغدادي بالقرب من مدينة الأقصر أيضاً، قصة مزارع يرفض التعاون مع جيرانه لمكافحة التغيّرات المناخية، أو للمساهمة في دفع تكاليف تبطين إحدى قنوات الري، لكنه يدرك خطأ ما فعله لاحقاً عندما واجه الموت، إثر تعرّضه للدغة ثعبان.

تتنقل فرقة التمثيل بانتظام عبر حوالي 50 قرية في جنوب مصر، وتعرض مسرحياتها بقصص نابعة من الثقافة المحلية، باستخدام اللهجة المميزة لسكان قرى صعيد مصر.

تحديات أمام المشروع

واجه هذا المشروع بعض التحديات في البداية. قال عثمان الشيخ، رئيس المبادرة، إنَّ واحداً من المزارعين كبار السن سأله في أحد الاجتماعات: "كيف سنغير مناخ ربنا؟" .  

ملياردير إسرائيلي مصر
المزارع محمد خليل يتحدث إلى مسؤول من وزارة الزراعة المحلية في حقل قطن "الجيزة 88″/رويترز

ومع ذلك، باتت فوائد تلك المسرحيات التوعوية ملموسة في قرى مثل قرية البغدادي. إذ تُعلِّم المزارعين كيفية الحفاظ على المياه، وتُشجِّعهم على إزالة السياج والجدران الفاصلة بين حيازات الأراضي. وقد استُبدلت مضخات مياه الري، التي تعمل بالطاقة الشمسية، بمضخات الديزل باهظة التكلفة، وتُبث تحذيرات الطقس في المساجد المحلية وعبر تطبيق على الهاتف النقّال.

وأوضح عثمان الشيخ أنَّ تلك التدابير أدَّت إلى زيادة إنتاج القمح بنسبة من 30% إلى 40% وقصب السكر بنسبة من 25% إلى 30%، في حين انخفض استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 30%. ويأمل مسؤولو المشروع في توسيع نطاقه ليشمل خمس محافظات أخرى باتجاه الشمال مع تمويل إضافي.

المشروع آتى ثمارَه

وقال الشيخ: "الآن تستطيع سؤال أي طفل عن تغيُّر المناخ، وسيعرف الإجابة" .

وتظهر ثمار هذا المشروع التوعوي عند الحديث مع هدى ناجوي، وهي أرملة وأم لثلاث بنات. بدأت هدى مشروعاً لتربية البط والماعز، بعد أن علمت عن قروض المشروعات الصغيرة من خلال أحد العروض المسرحية قبل عامين.

وقالت هدى، وهي جالسة مع أسرتها في مقاعد الصف الأمامي بالمسرح لمشاهدة العرض: "أصبحت الآن مستقلة مادياً، لكنني جئت إلى هنا للاستمتاع والضحك" .

ومن جانبه، أشار علي مرتضى، مزارع في قرية البغدادي شهد الموجة الحارة عام 2010، إلى أنَّ التدابير ساعدت في مضاعفة محصوله من القمح.

وقال: "قد يكون تغير المناخ شيئاً ينظر إليه العالم باعتباره سيناريو مستقبلياً مثيراً للقلق، لكننا نشهد هذا السيناريو الآن ونتعايش معه" .

علامات:
تحميل المزيد