هوس البيع على فيسبوك.. كيف يُكسِب الأشخاص المؤثّرون الأطعمة شهرة واسعة؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/08/09 الساعة 14:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/10 الساعة 06:15 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية عن النشطاء على فيسبوك/istock

تجربة تستحق الرصد قصتها لوسي زي التي تعمل مراسلة تلفزيونية ومنتجة مقاطع فيديو تعيش في نيوزيلندا لموقع Stuff النيوزيلندي عن تأثير المشاهير على الأطعمة واسعة الانتشار.

وقالت لوسي: سأعترف بالأمر أمام نفسي، من السهل التأثير على رأيي. بصفتي امرأة مُستقلّة في الثلاثينيات من عمرها، أتخذ قراراتي بنفسي، فقد قررت بمفردي تماماً أن أشتري مشروب الشوكولاتة الساخنة التي نشرت عنه واحدة من الشخصيات المؤثّرة، ذات حاجبين رائعين، على إنستغرام.

وتابعت لوسي: اللحظة التي عرفت فيها أنني مُغفّلة في ما يتعلّق ببدع الطعام الذي يظهر على مواقع التواصل الاجتماعي كانت حين نشر صديق لي عن مدى جودة صندوق حلوى الكعك بالشوكولاتة من سلسلة متاجر Cole الأسترالية، قال إنه كعك مثالي بقطع الشوكولاتة، وبالتأكيد، راسلت مباشرة عبر إنستغرام صديقي الذي يعيش في مدينة ملبورن الأسترالية لكي يُرسل لي صندوق كعكِ من هناك.

وكان ردّه: حقاً؟ أهو جيّد لهذه الدرجة؟ 

فقلت له: ليست لديّ فكرة، ولكنّي أريد أن أجرّبه.

بالطبع، لم يكن الكعك بهذه الجودة، ولكنني شاركت على حسابي على موقع إنستغرام منشوراً بشأنه على أيّ حال، وبعدها بلحظات، راسلني أحد المُتابعين ليسألني ما إذا كان الكعك جيد حقّاً، وقلت "نعم".

عصر الشهرة الذهبي 

إن شهرة وسائل التواصل الاجتماعي تمر بعصرها الذهبي؛ فصناع المحتوى المشهورين على YouTube يذهبون إلى حفلات عالمية سنوياً، والشخصيات المؤثّرة على إنستغرام يشاركون في عروض الأزياء. لم يشهد العالم اقتحام الناس العاديين ذوي الحياة اليومية العادية هوليوود وعالم الأزياء في من أيّ وقت أكثر من الآن.

بالنسبة لنا، هم أشخاص حقيقيون، يظهرون لنا عيوبهم، ومخاوفهم، وعلامات تمدد الجلد لديهم، ونحن نثق بهم. نحن نثق في آرائهم؛ لذا إذا قال حساب Sarah.Sassy.Mum.Nails على أي من مواقع التواصل  الاجتماعي إن سروال اليوغا الذي تستخدمه صاحبة الحساب هو أفضل سروال اشترته في حياتها، لدرجة أنّه قصير بالقدر الكافي ليلائم ساقها، نعم، سأشتريه أنا أيضاً. ولكن إذا ظهرت إحدى لاعبات كرة الشبكة ذوي الشهرة وهي في أوج تفوقها الرياضي على إحدى لوحات الإعلانات الخارجية الكبيرة الحجم وهي مُرتدية سروال اليوغا هذا نفسه، فأنا آسفة، لن أجد صلة تربطني بالأمر. 

القوة الصامتة للمؤثرين

لدى المؤثّرين على مواقع التواصل الاجتماعي قوّة صامتة متمثّلة في أنهم يعرفون أن مهام حياتهم اليومية تعنينا وتثير اهتمامنا. ما هو نوع ورق المرحاض الذي يستخدمونه؟ ما رأيهم في خدمة الإنترنت التي يستخدمونها؟ ماذا يأكلون؟ والقوّة التي يكتسبونها في ساحة الطعام والمطاعم قويّة للغاية، لدرجّة أن منشوراً واحداً منهم بإمكانه أن يُغيّر مطعمك المحلّي الهاديء إلى ساحة مزدحمة يتدافع عليها الزوّار، وتقييم سلبي واحد بإمكانه أن يدفع بنشوب حرب بين رجلين بشأن صورة رغيف خبز.

إنهم يقولون "صورة واحدة بألف كلمة" ولكن، في عام 2019، صورة واحدة تبيع اليوم ألف عُلبة من مسحوق مشروب الشوكولاتة الساخنة الفوري.

خبيرة التجميل كريستن فيشر، التي يحظى حسابها على إنستغرام Kirsten.fisher.eyebrows بنحو 31 ألف متابع، شاركت مع متابعيها منشوراً يتحدث عن شغفها بمنتج مشروب الشوكولاتة الساخنة من شركة Avalanche النيوزيلندية. وفي ليلة وضحاها، نفدت كل عبوّاته من على أرفف المتاجر، وكاد ينفد كلياً من جميع أنحاء أستراليا.

كان متابعوها يعثرون على عبوات المُنتج وينشرون الصور مع الإشارة إلى حسابها، وهو فعل يؤثّر دون دراية منهم على متابعيهم أيضاً، وعلى عائلاتهم، وأصدقائهم، وزملائهم، وحتّى الذين لا يكنّون لهم مشاعر طيّبة، حتّى وصلت الصورة إلى شاشتي، ووجدّت نفسي أفكّر في شراء عبوّة أيضاً. ربما كان أصحاب علامة Avalanche التجارية هم أكثر من صُدِموا من النجاح الذي حققه المنتج خلال ليلة وضحاها. فإن تجارة الشركة النيوزيلندية المتواضعة في ضاحية كيلستون قد تضاعفت 10 مرّات بسبب الطلب عليها.

الترويج للشيكولاتة

ويبدو أن الشوكولاتة هي المنتج الأكثر رواجاً في بِدع الأغذية التي تلقى انتشاراً هائلاً على وسائل التواصل الاجتماعي في نيوزيلندا، وكانت إحدى أكبر هذه الوقائع ضجة مع حليب الشوكولاتة من إنتاج شركة Lewis Road Creamery في عام 2014.

حينها لم أشاهد على الإطلاق إعلاناً واحداً على شاشة التلفزيون أو في مجلةٍ للترويج المنتج، لكنني لم أكن بحاجة لذلك لأنه لم يكن هناك مفرّ من المنشورات التي تتحدّث عنه بمواقع التواصل الاجتماعي، فكانت الصور تلو الصور تُنشر لأشخاص يبدون اهتماماً بالنكهة، أو يشكون من السعر، أو يعبّرون عن استيائهم من المُغالاة في التوقّعات، أو عن فرحتهم المطلقة لأنهم أخيراً حصلوا على المشروب. 

جن جنون نيوزيلندا بشأن الحليب، كان الناس يصطفّون لساعات من أجل شراء المنتج الذي يخضع للحراسة الأمنية، ويخوضون حروباً للحصول عليه عبر موقع TradeMe، وحتى أنه كان يباع في السوق السوداء، فالشعب النيوزيلندي يفعل أي شيء من أجل هذا المذاق الحلو للحليب ذي نكهة الشوكولاتة. وكنت أنا جزءاً من ذلك أيضاً، إذ شربت الحليب بشراهة من أجل المزاح على سناب شات، فسكبته على وجهي، وأغرقت به عدساتي اللاصقة وتحممت به. ما لم أخبر به متابعييّ هو أنني مصابة بحالة مرضية تُدعى عدم تحمّل اللاكتوز -لا يهضم بسببها الجسم سكّر الحليب- وأن ما حدث لاحقاً لم يكن يستحق كل هذا الضجيج.

سبب شهرة المنتجات الغذائية

حين تناولت كيساً من حلوى Perky Nana هذا الصباح تساءلت لماذا يبدو أن المنتجات الغذائية تشتهر بسرعة هائلة؟ فلا يبدو أن الملابس والسيارات والمجوهرات تنفد من فرط الإقبال عليها بالطريقة نفسها، ومع ذلك من أجل قطعة واحدة من الشوكولاتة ستتخطّى والدتك في طابور الزبائن لتجرّب مذاقها الجديد.

أعتقد أننا مهووسون بالمُنتجات الغذائية في نيوزيلندا، لأن الطعام هو الأمر الذي يتفق عليه الجميع.

يمكن الوصول إلى معظم هذه المُنتجات الجديدة التي تلقى شهرة واسعة، ويمكننا جميعاً أثرياءً ومُفلسين، صغاراً وكباراً، أن نواكب أحدث صيحات الأغذية.

قد لا يكون لديكِ المال اللازم للسفر إلى ملبورن لشراء هذا الفستان الجميل الذي يرتديه الجميع، ولا يمكنك إنفاق 300 دولار لتناول الطعام في هذا المطعم الجديد الفخم الذي شوهد فيه أحد المشاهير المحليين.

لكن ما يمكنك فعله هو الذهاب إلى السوبر ماركت بالقرب من منزلك من أجل شراء عُلبة من مسحوق مشروب الشوكولاتة الساخن، يمكنك شراؤه مقابل 5 دولارات فقط، ويمكنك مشاركته مع الأصدقاء، ويمكنك التحدث عنه عبر الإنترنت، والتواصل مع دائرتك الاجتماعية أكثر قليلاً، أو ربما حتّى تغيير حياة عمل تجاري صغير لأحد النيوزيلنديين بمنشور واحد على موقع من مواقع التواصل الاجتماعي. 

علامات:
تحميل المزيد