يتسلق البولندي ماريو جبل المُقطم جنوب شرق العاصمة المصرية القاهرة، ليبدأ بالنحت على الصخور الموجودة في أحد أجزاء دير القديس سمعان، المحفور في صخور الجبل، ليضيف لمساته الفنية على منحوتاته.
وأمضى الفنان البولندي أكثر من عقدين في نحت الصخور في مجمع كنائس الدير السبع المحفورة في باطن جبل القاهرة الشهير، بتصاميم مستوحاة من قصص الكتاب المقدس، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وأنجز ماريو هذا العمل تلبية لرغبة كاهن أبرشية الدير الذي قابله في أوائل التسعينيات من القرن الماضي في القاهرة. وقبل ذلك الوقت كان البولندي قد أتى إلى مصر في مهمة تعليمية.
تحول الجبل لكتاب مفتوح
ويتذكّر ماريو ما طلبه منه الكاهن بشأن الدير قائلاً للوكالة الفرنسية: قال لي: "أريدك أن تحول الجبل إلى كتاب مقدس مفتوح".
في ذلك الوقت، لم يكن لماريو أي خبرة في النحت، لكنه اشترى مثقباً كهربائياً وإزميلا وأنهى أول منحوتة له في غضون أيام.
ويحكي الدير قصة معجزة تحريك جبل المقطم المنسوبة لحرفي من القرن العاشر عُرف باسم سمعان الخرّاز، وقام بها لإثبات قوة إيمانه المسيحي، وتمت تسمية الدير على اسمه.
ويظهر القدّيس سمعان في إحدى منحوتات البولندي، وهو يحمل إبرة قبل أن يفقأ عينه كعقاب لنفسه على انسياقه وراء شهوته.
ويقول ماريو: "إنجاز منحوتة قد يستغرق ما بين خمسة أيام إلى ستة أشهر، تبعاً للتصميم"، ويضيف أن أعماله "تهدف إلى سرد حكايات روحية عن هذا الجبل وعن المسيحية في شكل عام. أريد أن تحيا هذه الحكايات من أجل أن تتعرف إليها الأجيال المقبلة".
دير القديس سمعان
وبدأ بناء المجمع في سبعينيات القرن الماضي بعد ألف عام من تاريخ واقعة نقل جبل المقطم في نوفمبر/تشرين الثاني 979.
وبعد أن زار كاهن الدير الحالي المعروف باسم الأب سمعان المنطقة، قرر أن يحولها الى دار للعبادة، ثم بدأ البناء.
ويقول الأب سمعان: "فكرت في ذلك الحين لماذا لا ننقش معجزات يسوع على الجبل (…) سوف يكون ذلك مفيداً للناس وينقل صورة حية عن هذه القصص".
ويقع دير القديس سمعان عند قمة جبل المقطم ويطل على العاصمة المصرية الكبيرة، ولذلك يُعتبر الوصول إلى قمة الجبل ليس بالأمر الهين. وتتطلب رحلة التسلق أن يمر الزائرون عبر "حي الزبالين" الفقير والمزدحم وسط شوارع غير معبدة مليئة بأكوام القمامة.
وعلى الرغم من صعوبة الوصول إليه، يحتضن الدير آلاف الأشخاص أسبوعياً يتوافدون لحضور القداديس، كما يستضيف أعداداً كبيرة من الأقباط الذين يشكلون 10 % من عدد سكان مصر البالغ زهاء 100 مليون نسمة، في الأعياد والاحتفالات بالمناسبات الدينية المختلفة.