يبدو أنّ حركات الرقص المتنوعة لم تعد مقتصرة على البشر وحسب، بل تخطت ذلك لتصل إلى الحيوانات وتحديداً طائر الببغاء.
الببغاء سنوبول أبهر المشاهدين، وأصبح أحد مصادر البهجة على الإنترنت بعد انتشار فيديو له وهو يرقص على أنغام أغنية One Bites the Dust لفرقة Queen.
الببغاء سنوبول يميّز الموسيقى ويستمتع بها مثلنا!
ووفق صحيفة The New York Times الأمريكي تمكَّن المقطع الممتد لأربع دقائق من حصد أكثر من سبعة ملايين مشاهدة، استطاع الببغاء فيها رسم بسمات على وجوه الناس بنفس العدد.
ولكن حينما شاهدته مجموعة علماء عَلِموا أن قيمته تتجاوز مجرد التسلية.
فلو كان حقيقياً، سيقدم الدليل الحقيقي الأول للادعاءات التي قدمها داروين قبل 148 عاماً، التي لم تُثبت حتى الآن وهي: "الحيوانات تميز الموسيقى وتستمتع بها مثلما نفعل تماماً".
العلماء يؤكدون أن الببغاء لا يرقص وحسب وإنما له حركاته الخاصة
نشر فريق العلماء ما توصلوا إليه في مجلة Current Biology العلمية، مثبتين أن قدرات سنوبول ليست مقصورة على التمايل على أنغام الموسيقى دون تدريب، بل إنه يمتلك أيضاً حركات راقصة خاصة به.
وقال أحد العلماء إن هذا "يشير إلى أن الحساسية الموسيقية، أو القدرة على إدراك الموسيقى، يشترك فيها الإنسان مع غيره من الحيوانات، وقد يكون لها تاريخ تطوّري طويل وحافل".
وأوضح أيضاً أن البحث حول رقص سنوبول أقنعه بأن الذوق الموسيقي قدرة فطرية بيولوجية كاللغة، وليست قدرة مكتسبة كالقراءة.
يرقص بحسب الموسيقى
لا تزال مسألة ارتباط الذوق الموسيقي بعلم الأحياء موضع جدل كبير.
أنيرود باتيل، الطبيب الذي قاد البحث المتعلق بسنوبول، قال: "حلمي لمسيرتي المهنية أن أتمكن من إجابة هذا السؤال بنوع من الشعور باليقين".
إذا كان الذوق الموسيقي شيئاً شُكلت أدمغتنا لفعله، فإن هذا يخاطب تساؤل البشر حول الطبيعة البشرية.
ويطرح البحث أيضاً سؤالاً حول ما إذا كانت أدمغة البشر قد طوّرت مناطق دماغية متخصصة في معالجة الموسيقى، مثلما حدث مع اللغة.
شاهد الطبيب باتيل سنوبول لأول مرة على موقع يوتيوب عام 2008، واتصل بإيرينا شولتز، التي كانت تدير الملجأ الذي يعيش فيه الببغاء.
كانت لها خلفية عن علم الأحياء، فوافقت على المشاركة في دراسة بحثية. اختُبرت قدرة سنوبول على مجاراة الإيقاع بسرعة 11.
لم يكُن مثالياً -بل كان كطفلٍ صغيرٍ في صفّ الموسيقى- غير أن حركاته تسارعت وتباطأت مع تسارع وتباطؤ الموسيقى.
كما أنه لم يكن معه في الغرفة أي إنسان يرقص، أو يكافئه على رقصه بالطعام، لكنه تلقى مكافأة اجتماعية، كتشجيعِه بعبارة "فتى جيد!".
الببغاء يدرك أن الناس معجبون برقصه
الببغاء الراقص يهز إحدى ساقيه 12 مرة تقريباً، ثم يهز الأخرى. ويتحرك للأمام والخلف قليلاً على غصنه المبطن.
يهز رأسه قليلاً ثم يميله من جنبٍ إلى الآخر، ويتوقف قليلاً بين الحركات كأنه يفكر فيما سيفعله بعد ذلك.
جمع الباحثون مجموعةً من 14 حركة لم يعلمها له أحد بشكل صريح.
لُوحظت قدرة سنوبول على الرقص ﻷول مرة على يد أحد مالكيه السابقين، حيث رآه في يوم ما هو وابنته يتمايل على أنغام أغنية لفرقة Backstreet Boys، فغَمروه بالثناء.
لذلك قال د. باتيل إن سنوبول يدرك بالتأكيد إعجاب الناس برقصه.
ومن المرجح أن تكون الحيوانات التي تستطيع التحرك مع الإيقاع هي التي تتعلم عن طريق محاكاة الأصوات، مثل الببغاوات وربما أيضاً الدلافين والحيتان (لم يختبر أي منهما بعد).
لكن كلب بحرٍ يُدعى رونان، يتحدى هذه الفرضية بهز رأسه مع الإيقاع. وإلى الآن لا يوجد أي تفسير لقدرة حيوان لا يقلد الأصوات ككلب بحر على القيام بهذا.
وأوضح د. باتيل أن رونين كان يُمنح مكافآت من الطعام على تمايله، ما يشير إلى أن تأثره بالموسيقى مكتسب عن طريق التعلم وليس فطرياً.
كما أن القردة، وهي أقرب الحيوانات إلى البشر، يمكنها النقر على بندول إيقاع.
لكنها مهارة مكتسبة ويصعب تعليمها لهم. إذ إنها أكثر قدرة على التجاوب مع الإيقاعات من توقعها للإيقاع القادم.
وتشير الثقافة العامة إلى أن الكثير من الحيوانات تستطيع تمييز الموسيقى والاستمتاع بها مثلنا.
فكر في الدببة الراقصة، وصيحة رقص الكلاب الحر على الإنترنت، بالإضافة إلى ابتذال استخدام الموسيقى في ترويض الوحوش البرية.
لكن الأبحاث تشير إلى أن الدببة والكلاب تستجيب لإشارات من أصحابها؛ لكنها لا تولّد الإيقاع بنفسها.
وتعد فصيلة ببغاء كوكاتو التي ينتمي إليها سنوبول أكثر فصيلة ببغاوات تستطيع تقليد صوت البشر، كما يوجد منه حوالي 18 نوعاً، منها 11 نوعاً يعيش بصفة أساسية في أستراليا، في حين أن هناك سبعة أنواع فقط تعيش في جزر الفلبين وإندونيسيا وغينيا الجديدة وجزر سليمان.