نشر سكان منطقة تعدين الفحم في سيبيريا مقاطع فيديو على شبكة الإنترنت تُظهر شوارع ومناطق مغطاة برمتها بالجليد الأسود السام، الذي يصفه المنتقدون بكونه إشارة إلى كارثة بيئية من صنع الإنسان.
ويُظهر مقطع فيديو سُجِّل في بلدة كيسيليفسك الواقعة بإقليم كوزباس امرأة تقود سيارتها عبر أكوامٍ من الجليد المُلوَّن بلون الفحم تكسو الأفق، وتغطي ملعباً للأطفال والباحات الخلفية للمباني السكنية. وقد وصفت وسائل الإعلام الروسية هذه المشاهد بأنها تصوِّر "ما بعد نهاية العالم"، حسبما نشرت صحيفة The Guardian البريطانية.
مناجم الحفر بسيبيريا تتسبب في مشكلة بيئية
يأتي غبار الفحم الذي يغير لون الجليد إلى الأسود في إقليم كوزباس من عدد من مناجم الحفر المفتوحة. وقد صرح الناشطون البيئيون بأن تلك المناجم كانت لها عواقب صحية وخيمة على سكان المنطقة البالغ عددهم 2.6 مليون نسمة. فيقل متوسط العمر في تلك المنطقة بنحو 3 إلى 4 سنوات عن متوسط عمر السكان في روسيا، وهو 66 عاماً للرجال و77 عاماً للسيدات.
هذا، وترتفع معدلات الإصابة بالسرطان، والشلل الدماغي للأطفال، والدرن في كوزباس عن المعدلات الطبيعة ببقية البلاد.
قال فلاديمير سليفياك، عضو منظمة إيكو-ديفانس غير الحكومية الروسية المعنية بالدفاع عن البيئة: "إنه من الصعب العثور على الجليد الأبيض في أثناء الشتاء مقارنة بالجليد الأسود"، مضيفاً: "هناك قدر كبير من غبار الفحم العالق في الهواء طوال الوقت، ولكنه يصبح ظاهراً عند تساقط الجليد. ومع أنك لا تستطيع رؤيته بقية العام، فإنه ما زال موجوداً".
وتعتمد سيبيريا على روسيا في استيراد الفحم
ومع وجود توترات سياسية بين موسكو ولندن، فإن روسيا هي المورِّد الأساسي للفحم إلى بريطانيا. فقد أمدت المناجم الروسية بريطانيا بنصف كمية الفحم البالغة 8.5 مليون طن والتي وُرِّدت إليها في عام 2017، وقد أتت 90% من هذه الكمية من إقليم كوزباس. ويُستخدم الفحم في بريطانيا لأغراض عديدة، منها: تصنيع الأسمنت والصلب، وتشغيل محطات الطاقة التي تلتزم الحكومة إخراجها من الخدمة بحلول عام 2025.
يدعو بعض الناشطين البيئيين الروس بريطانيا إلى مقاطعة الفحم الروسي. وقال سليفياك: "أفضل طريقة للضغط عليهم هي وقف شراء الفحم إلى أن يحسّنوا الوضع".
غبار المناجم يحتوي على الزرنيخ
ويقول الناشطون البيئيون إن الغبار يحتوي على مجموعة متنوعة من المعادن الثقيلة الخطرة، من ضمنها الزرنيخ والزئبق. هذا، وتتفاقم المشكلات البيئية عند تحميل الفحم على عربات القطار المفتوحة من أجل تصديره. فترسب الرياح والأمطار الغبار على البلدات والأنهار التي يمر بها القطار.
يقول المنتقدون إن السلطات الروسية تتجاهل الانتهاكات الروتينية لمعايير السلامة وضوابطها؛ فكثير من المناجم المفتوحة قريبة بصورة خطيرة من المدن والقرى. وقال أندريه بانوف، نائب حاكم منطقة كوزباس، إن الأسباب المحتملة للجليد الأسود تتضمن المصانع التي تحرق الفحم، والتلوث الناجم عن النقل، وأعمالاً أخرى غير محددة.
ومع أن التظاهرات المطالبة بالحفاظ على البيئة لم تكن معروفة قبل ذلك في إقليم كوزباس، فإن عددها آخذ في التزايد مع الإعلان عن العشرات منها بالسنوات الماضية، في ظل استخدام السكان المحليين الإنترنت لتنظيمها.
وقد كان مسؤولون ببلدة ميسكاي الواقعة في الإقليم نفسه محل سخرية مؤخراً، لأنهم قاموا ضمن محاولة واضحة منهم لتحسين مظهر مزلق جليدي للأطفال، بطلاء الجليد الأسود باللون الأبيض.