إن كنت تكره عملك فمحاولاتك المستمرة بالتمسك به قد تضرك أكثر بكثير من خسارته، فقد نُشرت دراسة حديثة تؤكد ارتباط الوظيفة بمعدلات الانتحار بشكل مباشر
دراسة حديثة تؤكد ارتباط الوظيفة بمعدلات الانتحار بشكل مباشر
بحسب مجلة Science Alert الأميركية، أشار تقرير صدر حديثاً عن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، حول الوفيات الناجمة عن الانتحار، إلى أن الأعمال المرتبطة بمجالات البناء والتشييد واستخراج النفط والمعادن تمثل القطاع الذي يتصدر أعلى معدلات انتحار في مكان الدراسة بالولايات المتحدة.
ويعكس ترتيب معدلات الانتحار لعامي 2012 و2015 ارتفاعاً صادماً في عدد الأشخاص الذين يُقدمون على الانتحار في مختلف الوظائف.
وفي حين لم يستطع التقرير تفسير سبب ارتفاع تلك الأرقام، إلا أن بإمكانه على الأقل تقديم محور للتركيز بهدف وضع استراتيجيات وقائية أفضل.
ارتفاع متزايد في معدلات الانتحار
خلال السنوات الـ16 الأولى من هذا القرن، ارتفعت معدلات الانتحار باطراد من 12.9 إلى 17.3 لكل 100 ألف شخص، ما يعني تجاوزه الثلث!
ورغم أن هذا الاتجاه يُنذر بالخطر، إلا أنه لا يبدو أن المسؤولية تقع على عاتق عامل واحد فقط.
التغيرات التي تطرأ على الأمن الاقتصادي والعزلة الاجتماعية وغيرها من أشكال الضغوط النفسية يمكن أن تفسر هذه الأرقام.
كما كان لتعاطي المخدرات دور أيضاً في بعض الحالات، وكذلك تدهور الصحة العقلية.
بيد أنه من الواضح أن مسألة الانتحار أعقد من أن نجد لها تفسيراً واحداً بسيطاً يناسب جميع الحالات.
فبدلاً من البحث عن تفسيرات عامة لهذه المشكلة الملحة، تقترح مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أن نحول التركيز إلى تحديد من هم الأكثر عرضة للخطر ووضع استراتيجيات فردية لتلافي المشكلة.
تقول مديرة المركز الوطني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، ديب هوري، "تمثل زيادة معدلات الانتحار اتجاهاً مثيراً للقلق، يولد مآس للعائلات والمجتمعات المحلية ويؤثر على القوى العاملة.
ويمكن لمعرفة الفئات الأكثر عرضة لخطر الإقدام على الانتحار أن يساعد في إنقاذ الأرواح من خلال جهود الوقاية المركزة".
العمل سبب أساسي للانتحار
يقضي غالبية البالغين معظم ساعات يومهم في العمل، لذا من المنطقي أن يكون لدينا فهم أفضل للكيفية التي تؤثر من خلالها حياتنا المهنية على خطر إقدامنا على الانتحار.
حتى الآن، قدمت معظم البرامج المهنية موارد لتدابير الكشف المبكر والتدخل لمنع حالات الانتحار.
وقال مؤلفو الدراسة، "مع ذلك، هناك حاجة لمزيد من البحوث حول دور مكان العمل في الوقاية الأولية من الانتحار، بما في ذلك تحسين ظروف العمل والحد من الإجهاد".
وتستند هذه الأرقام إلى البيانات المأخوذة عن نتائج النظام الوطني للإبلاغ عن الوفيات العنيفة في عامي 2012 و 2015، والتي تغطي أكثر من 22 ألف مواطن أميركي تتراوح أعمارهم بين 16 و 64 عاماً في 17 ولاية.
أرقام الانتحار المخيفة
شهد عام 2015 وفاة أكثر من 1,400 عامل في قطاع البناء والتشييد واستخراج النفط والمعادن نتيجة للانتحار.
وهو ما يعادل 53.2 عامل لكل 100 ألف، بزيادة عن معدل العام 2012 الذي وصل إلى 43.6، مما يجعلها المجموعة المهنية الأكثر تضرراً حتى الآن.
وجاءت قطاعات الفنون والترفيه والرياضة والإعلام في المرتبة الثانية، حيث شهدت أيضاً ارتفاعاً بنسبة 50% بين عامي 2012 و 2015 – وانتقلت من 26.9 إلى 39.7 لكل 100 ألف رجل عامل في تلك القطاعات.
مثلت نفس الفئة المهنية أعلى معدل للانتحار بالنسبة للنساء، بما يعادل 11.7 في عام 2012 و15.6 في عام 2015 لكل 100 ألف.
كما احتلت الوظائف المرتبطة بخدمات الوقاية والرعاية الصحية مراتب متقدمة في الترتيب.
شهد مجال تجهيز وتقديم الطعام ارتفاعاً هائلاً بالنسبة للنساء، بزيادة تعادل 54% من 6.1 إلى 9.4.
عملك قد يزيد من تمسكك بالحياة أيضاً
ومن جهة أخرى، جاءت الوظائف في الأنظمة التعليمية والمكتبات في آخر الترتيب، ممثلةً أقل معدلات الانتحار لكل من الرجال والنساء.
لحسن الحظ، كان هناك أيضاً مؤشرات على انخفاض معدلات الانتحار في بعض المجالات المهنية.
بالنسبة للرجال الذين يعملون في الوظائف المرتبطة بالزراعة وتربية الماشية على سبيل المثال، انخفضت المعدلات من 44.9 إلى 32.2.
وعلى الرغم من أنه لا يزال معدلاً مرتفعاً نوعاً ما، فإنه على الأقل يسير في الاتجاه الصحيح.
كما شهدت معدلات الانتحار بالنسبة للنساء اللواتي يعملن في المهن القانونية انخفاضاً يقارب 17%، من 11.1 إلى 9.2.
حرفياً، أقدم عشرات الآلاف من الأشخاص في جميع أرجاء الولايات المتحدة على الانتحار في عام 2016، مما يضع الانتحار ضمن أهم عشر أسباب رئيسية للوفاة.
وأكثر من نصفهم لم يشخصوا بحالة مرض نفسي، مما يزيد من تعقيد المسألة.
ليست هناك طريقة سهلة لتفسير هذه المسألة، بيد أن الوصول إلى أولئك الذين يمكن أن يستفيدوا بشكلٍ أكبر، يعتبر خطوة كبيرة نحو معالجة هذه الأزمة.