فجّرت حادثة انتحار الطفل السعودي عبدالرحمن الأحمري (12 عاماً)، بعد أن مارَس لعبة "الحوت الأزرق"، مفاجأة غير متوقعة؛ إذ نفى مطور ألعاب سعودي وجود مثل هذه اللعبة، مقدّماً بعض الحجج التي قد تبدو منطقية.
وقال والد الطفل السعودي عبدالرحمن الأحمري، إن ابنه انتحر الخميس 28 يونيو/حزيران 201، بعد أن لعب بلعبة الحوت الأزرق عبر جهاز الكمبيوتر الخاص بالعائلة؛ إذ لم يكن الطفل الفقيد يملك جوالاً.
اللعبة غير موجودة
المهندس الإلكتروني ومطوِّر الألعاب السعودي سامي خنفور، نفى لـ"عربي بوست" وجود مثل هذه اللعبة بعد أن أجرى بحثاً مفصّلاً حولها، مقدّماً رواية تفيد بأن "مخترع اللعبة الروسي أتته فكرة بأن ينشئ مجموعة في أحد مواقع الشبكات الاجتماعية المستخدمة في روسيا بهوية مجهولة، ودعا المراهقين للانضمام إليها، وطلب منهم تحديات تثبت قوتهم، ووعد مَن يتجاوز جميع المراحل أن يضع اسمه كبطل للعبة"، ما أثار الحماس لدى المراهقين الذين بدأوا بالاستجابة لتعليمات الشاب الروسي اليومية.
حسب بحثي حول الحقيقة، إتضح لي التالي: #الحوت_الأزرق مخترع اللعبة الروسي جاب فكرة انه ينشئ قروب بأحد مواقع التواصل بهوية مجهولة ويدعو المراهقين للإنضمام ، ويطلب منهم تحديات تثبت قوتهم ، ووعد الي يتجاوز كل المراحل انه يحط اسمه كبطل للعبة، طبعاً الكل تحمس لها وبدأ يعطي تعليمات يومية
— سامي خنفور (@samikhanfor) July 1, 2018
ويشير خنفور إلى أن المخترع الروسي لم يأمر المراهقين بالانتحار مباشرة، وإنما كانت التحديات التي يقدّمها لهم تسبب الاكتئاب، ما دفع البعض للانتحار قبل إنهاء كل مراحل اللعبة، وبعد حالات الانتحار والتحقيق تم القبض على مخترع اللعبة ومحاكمته، وانتهى الغروب الذي تم إنشاؤه لهذه اللعبة، إلا أن البعض أعجبتهم الفكرة، وبدأوا ينشئون غروبات في أماكن ومواقع متفرقة، على حد قوله.
الصحافة مسؤولة عن انتشار اللعبة "غير الموجودة"
وحمّل الخبير التقني الصحافة دوراً كبيراً في التسويق للعبة "الحوت الأزرق" غير الموجودة، فهي مجرد مجموعات في مواقع تواصل اجتماعي مختلفة، كما يقول، "فلولا الصحافة لما أخذ الحديث عن اللعبة التي لم يقدم أحد فيديو أو صوراً تدلل على صحة وجودها، وجميع ما تم تقديمه حتى الآن مجرد أخبار ونصائح دون أي دليل عليها".
"وبعد مساهمة الصحافة في نشر اللعبة، أصبحت كل حالة انتحار تُربَط بلعبة الحوت الأزرق دون وجود أي دليل يثبت ذلك"، على حد تعبيره.
وهناك في المتاجر الإلكترونية العديد من التطبيقات التي تحمل اسم "الحوت الأزرق"، لكنها لا تمتّ لـ"لعبة الانتحار القائمة على التحدي بِصِلة"، وإنما تمت تسميتها بهذا الاسم لـ"التسويق" وركوب الموجة.
إشاعة لا غير
وفنّد مطوّر الألعاب أن تكون اللعبة قد كانت موجودة بالمتجر سابقاً وتم حذفها، مؤكداً أن نظام الأندرويد يتيح عبر مواقع الاحتفاظ بالتطبيق حتى بعد حذفه، مشيراً إلى أنه بحث ولم يجد أي تطبيق له علاقة، وإنّما كلّها تطبيقات مزيفة.
وشبّه ما يجري بخصوص لعبة الحوت الأزرق بما "شاع قبل عقدين من الزمن عن وجود الزئبق الأحمر في مكائن الخياطة، وقد صدّق ذلك معظم الناس رغم عدم وجود دليل على وجوده، وما إذا كان مادة سائلة أو حجراً كريماً، وكذلك الحوت الأزرق يؤمن الكثيرون بوجودها ولا يعرفون ما هي طريقة لعبها؟ وأين توجد؟ وكيف يصل المراهق لها. وكيف تؤدي لانتحاره؟".
واعتبر خنفور اللعبة "إشاعة محضة"، مرجعاً حالات الانتحار إلى انعدام وعي المجتمع بضرورة الاهتمام بصحة الأطفال النفسية، وخاصة المراهقين، مما أدى لظهور حالات انتحار في كثير من المجمّعات ولم يسلم منها المجتمع السعودي.
ودعا مطوّر الألعاب الجهات المختصة إلى التحقيق مع الوالدين والبيئة المحيطة بالطفل كالمدرسة أو الحي في حالة حدوث مثل هذه الحوادث، مؤكداً أن كثيراً من حالات الانتحار كشفت سوء تعامل الوالدين مع أبنائهم، بحسب قوله.
العديد من الأشخاص وافقوا خنفور فيما ذهب إليه، وأشار طارق ثلجي، المتخصص بالإعلام الاجتماعي، إلى أنه لم يجد دليلاً على أن حالات الانتحار التي وقعت ليس لها أي صلة بلعبة "الحوت الأزرق".
لم اجد اي دليل على ان جميع من انتحر مؤخراً هم من لعبة الحوت الازرق، اللعبة انتشرت سنة 2013 وتم القبض على الشخص وانتهت القصة الى ان ظهرت حالات انتحار مؤخراً نقلتها المواقع الصفراء وربطتها بهذه اللعبة. اجهزة الامن الاردنية والهندية نفت ريط حالات الانتحار الاخيرة بهذه اللعبة..
— طارق ثلجي / Tareq Thalji (@TThalji) July 1, 2018
اذا ممكن أضيف:
١. ليش فقط تجي في اجهزة الأطفال؟
٢. ليش تجي فقط عند العالم العربي ولا وجود لتحذيرات من منظمات دولية او في الأخبار العالمية.
٣. لو كان لدينا وسيلة نحن مصممي الالعاب الى خلق لعبة تأسرك الى حد الانتحار، لاصبحنا الأغنى في العالم.— Maan Ashgar (@alamed) July 1, 2018
ملابسات وفاة الطفل كما ذكرها والده
وكان والد الطفل عبدالرحمن الأحمري قال لـ"العربية نت": إنه لم يلاحظ أي تصرفات غريبة على ابنه، ولم يكن يمتلك جوالاً خاصاً به، وكان يستخدم كمبيوتر العائلة، مؤكداً أنه في يوم وفاته كان صائماً مع والدته، وتناول وجبة الإفطار ثم دخل إلى غرفته التي لا تبعد عن الصالة سوى أمتار بسيطة، بينما تستعد الأسرة للذهاب إلى زيارة بعض الأقارب.
وتابع: "فجأة فقدنا عبدالرحمن لنبحث عنه في زوايا المنزل وعند الجيران؛ لتكون الفاجعة في وجوده منتحراً بحبل الستارة الذي ربطه برقبته".
وأضاف الأحمري:" بعد وفاة ابني ذهبت لأبحث عن كل ما يكون يدور حول هذا الطفل البريء، وصعقت من المعلومات والحرب النفسية الموجودة في هذه اللعبة، والتنقل بين مراحل المنطقة الملعونة ومنطقة اللعنة، والتي تتطلب رقابة إلكترونية مشددة؛ لضمان عدم تكرار هذه الحادثة مع أطفال آخرين".
نشرت وسائل إعلام سعودية، منها صحيفة عاجل، صوراً للعبة Micky magic kingdom على أنها مأخوذة من لعبة الحوت الأزرق؛ إذ تصدر بعض الرسائل من اللعبة تحتوي على ألفاظ مريبة، مثل: "منطقة ملعونة"، "بحث في السحر"، وهو ما نفاه خنفور، مؤكداً أن اللعبة المذكورة ليس لها أي علاقة بلعبة الحوت الأزرق.
ما هي لعبة "الحوت الأزرق"؟
لعبة "الحوت الأزرق Blue whale"، التي تسمى أيضاً لعبة "البيت الصامت" أو "حيتان البحر"، هي عبارة عن تطبيق يتم تحميله من الإنترنت، ويتكون من 50 تحدياً أو مهمة.
يُعتقد أنها بدأت في روسيا، وانتقلت منها إلى دول آسيا الوسطى، ثم إلى إيران والهند، ثم بدأنا نسمع عن ظهورها في بعض الدول العربية مؤخراً.
وقد كانت أول إشارة صريحة إلى وجود اللعبة؛ من خلال مقال بصحيفة روسية في مايو/أيار 2016، ربطَ العديد من حالات الانتحار غير المتصلة بعضها ببعض، بعضوية في مجموعة تدعى "F57"، على شبكة تواصل اجتماعي روسية تدعى "فكونتاكتي".
وابتكر اللعبة طالب عِلم نفس سابق، يدعى فيليب بوديكين (21 عاماً)، عام 2013، بهدف القضاء على الأشخاص غير المنتجين في المجتمع، وبعدها وجدت اللعبة طريقها إلى أكثر من دولة.
وفي اللعبة، يجب على اللاعب أن يقوم بأداء المهمة أو التحدي اليومي، وتختلف هذه التحديات أو "القيم – Curator"، فيمكن أن يكون تحدي اليوم هو رسم صورة معيّنة، أو الاستماع لمقطع موسيقي، أو جرح اليد بأداة حادة، أو مشاهدة مقاطع مخيفة، أو الجلوس في مكان شاهق، وأخيراً التحدي الأخير؛ وهو الانتحار، الذي يُدفع اللاعب إليه لـ"يتحرر من الضغوط الأرضية".
اقرأ أيضاً:
"الحوت الأزرق" في المملكة، والد الطفل السعودي المنتحر يروي تفاصيل المأساة
"الحوت الأزرق" يزعج أمن مصر القومي.. النائب العام يأمر بحجب اللعبة وملاحقة المسؤولين عنها
جريمة سوهاج.. "الحوت الأزرق" بريء هذه المرة، والفتاة أحرقت أسرتها بالكامل لسبب غريب تماماً
هل يتأذى الأطفال بـ"الحوت الأزرق" فقط؟ كلا، هذه الألعاب "اللطيفة" تدفعهم للقتل وليس الانتحار فقط
