كتبت أماندا سميث في حسابها على إنستغرام @wanderingggirl في شهر مايو/أيار:"كانت بالي تجربةً لا تُنسى، يجب أن يكون هذا المكان في قائمة زياراتك المُقبلة"، مع صورةٍ لها وهي مستلقيةٌ على أرجوحةٍ معلقةٍ في بيت شجرة يطل على غابةٍ كثيفة. وقبل ذلك بأسابيع كانت في نيوزلندا، ونشرت صوراً خلَّابةً للمحيط والمنحدرات.
وقبل ذلك بأسابيع أيضاً نشرت صوراً لوجبات التاكو الشهية في مدينة تولوم بالمكسيك. وكانت قبل ذلك في أوروبا، ونشرت صورها مع قوارب التزلج، بحسب موقع Buzz Feed.
لا يبدو أنَّ أماندا تعمل بمهنةٍ محددة، فهي فقط شابة جميلة شقراء تسافر كثيراً وتكتب عن رحلاتها على إنستغرم، وتُوجِّه الشكر للفنادق والمطاعم في بعض الأحيان.
من ناحية، لم يكن من المفترض نشر هذه الصور، ومن المدهش أنَّ أماندا سميث على قيد الحياة من الأساس. إذا كان اسمها مألوفاً لديك فربما تكون قد سمعت بالفعل عن حساب @wanderingggirl من قبل؛ فهو حسابٌ شهير على إنستغرام لديه 63 ألف متابعٍ، وتبين أنَّه زائفٌ تماماً.
اختلق هذه الشخصية فريقٌ بوكالة التسويق الرقمي Mediakix. نشر الفريق على الحساب مجموعةً من الصور البراقة، واشتروا عدداً كبيراً من المتابعين، كتجربةٍ لمعرفة مدى سهولة عقد صفقات الترويج للعلامات التجارية بحسابٍ مُزيَّف.
وصارحت وكالة Mediakix الصحافة الصيف الماضي بشأن خدعتها، لتوضح المدى الذي يمكن أن يصل إليه أي شخص بحسابٍ زائف لشخصيةٍ شهيرة، ولتُظهر أنَّ العلامات التجارية والمعلنين لا يملكون الفطنة الكافية لرصد المتابعين الزائفين أو التفاعلات غير الحقيقية على إنستغرام. وتوقعت الوكالة أن يُغلق إنستغرام الحساب بعد أن كُشِفَ الأمر، لكنَّ هذا لم يحدث. ولذا قررت الوكالة الإعلانية الاستمرار، لكن في مجال السفر هذه المرة.
في ثاني خدع وكالة Mediakix، قالت الوكالة إنَّ الاختيار وقع على ثمانية فنادق وتسعة مطاعم في مدينتي فيلادلفيا وناشفيل، وعدة مدن أخرى متوسطة الحجم. واختيرت الفنادق والمطاعم وفقاً لحصولها على تقييماتٍ جيدةٍ على موقع السفر TripAdvisor، لكنَّها لم تختر الأغلى ولا الأفضل من ناحية التقييم. وأرسلت رسائل عبر البريد الإلكتروني لهذه الأماكن لطلب إقامةٍ مجانية أو وجبةٍ مجانية مقابل منشورٍ على الشبكات الاجتماعية.
أصبح إنستغرام منصةً مهمةً في مجال الفندقة، خاصةً بالنسبة للمطاعم، التي أصبحت جدارتها بالذكر على إنستغرام عاملاً مهماً يمكنُه إنجاح العمل التجاري أو التسبب في خسارته، وبالتالي أصبح إنستغرام بنفس أهمية مواقع ترشيحات السفر مثل Yelp أو TripAdvisor. ولذا امتلأت المطاعم والفنادق بالشخصيات الشهيرة على إنستغرام الذين يطلبون خدماتٍ مجانية مقابل النشر عن المكان.
وقال إيفان أسانو، الرئيس التنفيذي لوكالة Mediakix (هناك توضيح لمنهجية الوكالة على مدونتها): "هذه الفكرة واسعة الانتشار في مجال الفندقة، ولا تستطيع كل الأماكن أو تملك المصادر للتدقيق في الأمر. التسويق من خلال المؤثرين زاد للغاية، وترى الأعمال التجارية الصغيرة ذلك، وتريد أن تصبح جزءاً منه فلا يسعها إلا أن توافق على طلباتهم".
ومع ذلك، فعالم التسويق من خلال الأشخاص المؤثرين مليءٌ بالمتاعب. فمن السهل جداً وغير المكلِّف لمالك حسابٍ زائفٍ أن يشتري متابعين زائفين وتفاعلاتٍ زائفة، وفقاً لما أوضحه تحقيقٌ لموقع BuzzFeed News عن إنستغرام.
وبينما تعد الفوائد من خداع الأعمال التجارية لإثبات حقيقةٍ ما أمراً مشكوكاً فيه، أكد أسانو لموقع BuzzFeed أنَّ وكالة Mediakix تقوم بعملٍ جيد في الحقيقة. وقال: "الأشخاص السيئون هم الذين يفعلون ذلك حقيقةً، فيفعلون الأمر نفسه مع فنادق أو مطاعم، ويشترون جمهوراً في وقتٍ من الأوقات".
وبسؤاله عن بقاء @wanderingggirl حتى بعد مرور عامٍ على كشف زيف الحساب، قال أسانو: "لم نتوقع أن يتغير تعامل الأعمال التجارية مع الأمر على الفور، ولكن هناك زيادةٌ كبيرة في الوعي بالمشكلة".
أمَّا كايت ماكولي (@adventurouskate)، وهي شخصيةٌ مؤثِّرة حقيقية في مجال السفر ومصورة فوتوغرافية تقيم بمدينة نيويورك، فاتفقت مع فكرة أنَّ وجود المتابعين الزائفين مشكلةٌ حقيقية، وقالت: "هناك العديد من الأشخاص المؤثرين الذين يشترون المتابعين، بل وأكثر من ذلك يستخدمون البرامج الآلية على إنستغرام".
أما كلوي تينغ (@chloe_t)، وهي مدوِّنة أسترالية في مجالي السفر والرياضة، فقد صرحت لموقع BuzzFeedNews قائلةً: "يمكنك أن تعرف [الشخص الذي يستخدم البرمجيات الآلية] بمجرد النظر لصفحة النشاط لترى هذه الحسابات تُعجَب بالصور من كافة أنحاء العالم وتكون موجودةً على الإنترنت طوال اليوم ولـ7 أيام في الأسبوع".
أما بالنسبة لحساب @wanderingggirl، فهذه المرة عرضت أربعة فنادق من أصل ثمانية تواصلت معها وكالة Mediakix بالفعل إقامةً مجانيةً أو مُخفَّضةً لأماندا سميث. (لم تستفد بها الوكالة في الحقيقة).
وكان رد أحد الفنادق في مدينة سكوتسديل بولاية أريزونا الأميركية: "من الممكن أن نوافق على هذا، ولكنَّنا نحتاج إلى 5 – 10 صور عالية الجودة حقوق استخدامها غير حصرية حتى نتمكن من ذلك. وسنفتتح مطعماً جديداً بنهاية يونيو/حزيران، ونفضل أن يكون هناك بعض المحتوى عن المكان والطعام كجزءٍ من الاتفاق".
وكتب فندقٌ آخر: "للأسف لا يمكننا تقديم عرضٍ مجاني، ولكن يسرُّنا أن نقدم لكم سعراً مُخفَّضاً".
أما بالنسبة للمطاعم، فواحدٌ فقط من التسعة رفض العرض. وكتب مطعمٌ في ناشفيل: "يسرُّنا أن نستضيفكم، ولكن هل بإمكانكم كتابة منشورٍ على صفحتكم وفي قسم قصص إنستغرام؟"
وباتصال BuzzFeed بالفناق والمطاعم، لم يرد أيٌّ منها على طلب التعليق، وكذلك يم يرد موقع إنستغرام على طلب التعليق.
وقالت كايت ماكولي لموقع BuzzFeed News إنَّه بوجود أشخاص مخادعين في عالم الشخصيات المؤثرة، تقع "المسؤولية على العلامات التجارية في التدقيق بشأن الأشخاص المؤثرين. أشعر بالأسف على الأعمال التجارية الصغيرة التي استغلَّها أولئك المؤثرين الزائفين، ولكن يصعب اليوم وفي هذا العصر ادعاء الجهل".
ووفقاً لما ظهر من نجاح @wanderingggirl، يبدو أنَّ الإغراء يدفع الأعمال التجارية لتصديق هذا الوهم.