أشارت دراسة إلى أن ألمانيا تُحقق تقدماً كبيراً نحو دمج أعداد اللاجئين الهائلة بها في سوق العمل، حيث توضح البيانات الجديدة انخفاض معدل البطالة بين اللاجئين بنسبة 10% خلال العام الماضي.
وذكر تقرير صادر عن معهد بحوث العمالة الذي تموله الدولة، أن معدل البطالة بين اللاجئين قد انخفض من 50.5% إلى 40.5%، حيث أصبح هناك لاجئ واحد بين كل أربعة لاجئين يحظى بوظيفة بصفة رسمية، وهو تحسن هائل مقارنة بمعدلات العام الماضي، وفقاً لما ذكرته صحيفة Financial Times البريطانية، الخميس 31 مايو/أيار 2018.
وقال هربرت بروكر، أستاذ الاقتصاد في جامعة هامبولدت، وأحد المشاركين الرئيسيين في إعداد الدراسة: "إننا نسير على الطريق السليم".
وأضاف أن نتائج الدراسة تشير إلى أن ألمانيا تسير في الاتجاه الصحيح نحو تشغيل حوالي نصف اللاجئين الوافدين إليها منذ ثلاث سنوات بحلول عام 2020.
تحدٍ كبير أمام ألمانيا
وتشجع تلك البيانات صانعي السياسة في برلين ولكنها تسلط الضوء أيضاً على حجم التحدي الذي يواجه ألمانيا بعد أزمة اللاجئين خلال عامي 2015/2016. فقد وصل أكثر من مليون مهاجر من سوريا والبلدان الأخرى التي تمزقها الحروب على مدار عامين، ما أدى إلى إجهاد نظام اللجوء بألمانيا.
وأثار تدفق اللاجئين جدلاً سياسياً واعتبره الكثيرون بمثابة دعم لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني قبيل الانتخابات في سبتمبر/أيلول القادم.
وذكر المنتقدون أن الأغلبية العظمى من اللاجئين – والقليل منهم يتحدثون الألمانية – لن يتمكنوا من دعم أنفسهم وسوف يعيشون على الدعم الذي تقدمه الدولة لهم على مدار سنوات.
ومع ذلك، أشار آخرون إلى تزايد أعداد للاجئين كحل محتمل لمشكلة نقص العمالة الهائل في البلاد.
وبحسب الصحيفة البريطانية، يبلغ معدل البطالة في ألمانيا حالياً 5.1%، وهو أقل معدلاته منذ إعادة توحيد ألمانيا عام 1990.
وقال البروفيسور بروكر إن "توظيف اللاجئين يعد أحد أكبر التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجهها ألمانيا اليوم"، وأضاف: "نعلم أن الاندماج بسوق العمل هو أساس دمج اللاجئين بالمجتمع ككل. ولهذا الأمر تبعات اقتصادية هائلة، نظراً لأنه يقلل من الأعباء التي تتحملها الموازنة الحكومية".
وتناولت الدراسة الصادرة عن معهد بحوث العمالة، أداء اللاجئين الوافدين من مناطق الحرب والبلدان التي تعاني من انعدام الاستقرار، ومن بينها سوريا وأفغانستان، والعراق، والصومال، وإريتريا، في سوق العمل ومقارنته بفئات المهاجرين الأخرى.
مزيد من التدريب تمهيداً للعمل
ووجدت الدراسة أنه رغم التحسن الحالي، إلا أن فرصة عثور اللاجئين على الوظائف في ألمانيا تقل كثيراً عن نظيرتها بين الأجانب الآخرين. حيث يبلغ معدل البطالة بين الأجانب في ألمانيا 13.8%، بينما تبلغ 8.4% فقط بين مواطني الاتحاد الأوروبي.
وتعد مهارات اللغة وانخفاض مستويات التعليم من العوامل الرئيسية التي تحول دون عثور اللاجئين من سوريا وغيرها من البلدان المنكوبة على الوظائف. فقد كان نحو 80% من اللاجئين الوافدين عام 2015 من غير الحاصلين على أي شهادات جامعية أو تدريب مهني، ما أدى إلى الحد من نطاق الوظائف المتاحة أمامهم.
وذكر بروكر أن نحو نصف العمال اللاجئين يعملون في وظائف مساعدة. ويعمل النصف الآخر في مواقع عمل مؤهلة، وعلى سبيل المثال في مجالات ميكانيكا السيارات أو الطهي أو المصانع.
وقد وجدت أقلية منهم وظائف في المناصب التي تتطلب مهارات عليا ودرجات جامعية. وسرعان ما أصبحت المهن والحرف التقليدية بألمانيا، والتي كانت تعاني نقصاً في العمالة على مدار فترة زمنية طويلة، توظف اللاجئين من مناطق الحرب.
وأعلن الاتحاد الألماني للحرف المهارية هذا الأسبوع أن أعداد اللاجئين الخاضعين للتدريب قد يرتفع بنسبة 140% سنوياً.
وفي أبريل/نيسان الماضي كشفت الوكالة الاتحادية للعمل في ألمانيا في تقييم إحصائي، عن زيادة عدد اللاجئين الذين يقومون بتدريب مهني.
وأوضح التقييم الذي تم إجراؤه لصالح وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن 27648 شاباً ينحدرون من أكثر ثمانية بلدان يأتي منها لاجئون، أتموا تدريباً مزدوجاً في ألمانيا حتى نهاية شهر أيلول/سبتمبر عام 2017.
ويزيد هذا العدد على ما تم رصده قبل عام بإجمالي 15400 شخص، وبنحو 21 ألف شخص على ما تم رصده في خريف عام 2015، وفقاً لما ذكره موقع DW الألماني.
وارتفع عدد اللاجئين في الوظائف المدفوعة الأجر بنسبة 60 في المئة إلى 216000 مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لأرقام ذكرتها وكالة التوظيف الألمانية، مما يشير إلى أن دمج أكثر من مليون مهاجر وصلوا إلى ألمانيا منذ بداية عام 2015 يعمل بشكل أفضل مما كان يتوقع البعض، بحسب ما ذكره موقع Euronews.