3 آلاف مصاب بـ”الحصبة” وآخر الوفيات طفلة! سكان الجنوب الجزائري غاضبون من السلطات: “يعتبروننا أصوات انتخاب فقط”!

للصغيرة زينب صورة مؤثرة للغاية، تظهر على أفرشة بالية يحوم حولها الرمل

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/15 الساعة 12:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/15 الساعة 12:44 بتوقيت غرينتش

مساء الأربعاء 14 مارس/آذار 2018، انتقلت زينب معتوقي وعمرها سنة ونصف، من قوافل البدو الرحل بالمناطق الحدودية بولاية الوادي جنوبي الجزائر، إلى قائمة ضحايا "وباء الحصبة أو "البوحمرون"، والمعروف بـ"داء الفقراء.

للصغيرة زينب صورة مؤثرة للغاية، تظهر على أفرشة بالية يحوم حولها الرمل، بينما أتى على وجهها الوباء بالكامل، يرقى منظرها من حيث البؤس والألم إلى حالة الأطفال ضحايا الكيمياوي بسوريا.


ليست هي فقط، فقد فتك وباء "البوحمرون"، في ولاية الوادي وحدها حسب مصادر غير رسمية بـ13 شخصاً، وأصاب الآلاف، وامتد إلى حوالي 13 ولاية جزائرية، في وقت أبدى سكان الجنوب انزعاجاً شديداً من طريقة تعامل السلطات وصناع الرأي العام مع القضية الخطيرة.

بؤر الوباء


في 25 يناير/كانون الثاني 2018، سجلت مديرية الصحة لولاية الوادي، أول إصابة بداء "البوحمرون"، وظل الأمر في خانة الحالات المعزولة الضيقة النطاق إلى الأسبوع الأول من شهر مارس/آذار، حين انتشرت على شبكات التواصل وفي صفحات الجرائد صور لمصابين داخل خيام استخدمت كمشافٍ مؤقتة.

وحسب حصيلة حديثة لوزارة الصحة، فإن الوباء قضى على 6 أشخاص وأصاب 3 آلاف و75 شخصاً.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن عضو اللجنة التقنية الاستشارية للتلقيح على مستوى وزارة الصحة السكان وإصلاح المستشفيات، البروفيسور ليلى سماتي قولها "حالات إصابة بالحصبة سجلت على مستوى 13 ولاية عبر الوطن، خاصة في ولايات الوادي وورقلة وبسكرة وكذا اليزي"، وتقع هذه الولايات كلها جنوبي البلاد.

وذكرت الوزارة في حصيلة أصدرتها الوزارة يوم 11 مارس/آذار تسجيل 1047 حالة بالوادي، و797 بورقلة، وكذا خمس وفيات منذ ظهور الوباء.

ويقابل هذه الأرقام الرسمية، إحصائيات أخرى تفيد بوفاة 13 مصاباً بولاية الوادي وحدها، ومردّ هذا التضارب يكمن في اعتماد الوزارة على أرقام الذين توفوا داخل المستشفيات فقط، بينما يهلك البعض داخل منازلهم.

استياء شديد


لا يذكر أهالي القرى المتنقلة في البلديات الحدودية لولاية الوادي، أنهم كانوا محل اهتمام لدى ممتهني السياسة وممارسي السلطة التنفيذية، إلا عند ضرورات خاصة تمليها في الغالب المواعيد الانتخابية، حيث يحتاجون أصواتهم لتحقيق طموحاتهم في بلوغ المجالس البلدية أو البرلمان.

وفي هذا السياق، قال الصحفي المتخصص في شؤون المنطقة رشيد شويخ، إن السكان مستاؤون جداً من طريقة تعامل السلطات المختصة معهم، ومن إهمال الرأي العام لهم.

وأفاد في تصريح لـ"عربي بوست"، أن "الناس هنا يشعرون بالإهمال، لأنهم يقارنون بين ما تفعله السلطات أيام الانتخابات، حين يجوبون كل تراب المنطقة شبراً شبراً، بينما في زمن الوباء لا يسألون عنهم".

ولفت المتحدث إلى تغييب المأساة عن اهتمامات الرأي العام الوطني عبر وسائل الإعلام، وهو أخذ بعداً جهوياً للقضية، موضحاً أن "الجميع يتذكر أن الدنيا قامت ولم تقعد بعد ظهور حفرة بطريق سريع بالعاصمة، بينما لم نر الاهتمام المطلوب بمرض خطير وقاتل اسمه البوحمرون".

أبعاد عنصرية


واضطرت قناة النهار الخاصة التي أفردت تغطية مباشرة 24/24 ساعة لحادثة ظهور حفرة في طريق رئيسي بالعاصمة سنة 2016، إلى تقديم اعتذار لسكان الجنوب الجزائري، عقب بثها لحلقة حملت عنوان "زحف البوحمرون من الجنوب إلى الشمال.. هل تم بفعل فاعل".

وقال مقدم الحلقة "درءاً لكل فتنة، أو شبه، أقدم اعتذاري لسكان الجنوب، ولن تكون القناة أداة للتفرقة".



وأخذ النقاش على شبكات التواصل أبعاداً جهوية، حيث اعتبر المنحدرون من الولايات الجنوبية أنهم يعاملون كحملة أمراض خطيرة، ورأوا أن من يروجون لأفكار خاطئة وعنصرية عليهم أن يتذكروا فضل بترول الصحراء عليهم وعلى البلاد ككل.



وانتشر فيديو على الشبكات الاجتماعية، لمدرب المجمع البترولي لكرة اليد والمنتخب الوطني سابقاً، رضا زقيلي، يُتهم فيه بتلفظه بعبارات مهينة خلال مواجهة فريق أولمبي الوادي ضمن منافسات الدوري الممتاز، ونُسب له أنه قال خلال مناوشات عقب نهاية اللقاء "أبعدوا عني البوحمرون".

ولم يتسن التأكد من صحة ما بدر من المدرب، نظراً لرداءة الصوت بالفيديو.



ما علاقة الإسلاميين وبن غبريت


وفجر الخلاف حول أسباب تفشي الوباء في المناطق الجنوبية أكثر من الشمالية، جدلاً أيديولوجيا بين التيار العلماني والتيار المحافظ، وكان بطله الكاتب الصحفي كمال داود، الذي كتب منشوراً مثيراً للجدل على فيسبوك.



ورد عليه الصحفي عبداللطيف بلقايم بمنشور طويل، يتهمه فيه ببيع الضمير للتيار الفرنسي، والجهل بالمجتمع الجزائري.

وكانت وزارة الصحة، قد أوضحت على لسان مسؤوليها أن ظهور الوباء في المناطق الحدودية لولاية الوادي، يعود إلى عزوف السكان عن التلقيح السنوي ضد البوحمرون.

بينما أفاد الإعلامي رشيد شيوخ، أن السلطات تتحمل جزءاً من المسؤولية في هذا العزوف، بعد ما كان يسمى وحدات العلاج المتقدمة، التي كانت تخفف عناء التنقل على البدو الرحل.

تحميل المزيد