اتهموه بالمساس بـ”الأمن الروحي” للمغاربة.. منع كتاب “صحيح البخاري.. نهاية أسطورة”.. ومُؤلِّفه: عادت محاكم التفتيش!

منذ صدوره نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2017، استَمَر كتاب "صحيح البخاري.. نهاية أسطورة" في إثارة الجدل حول الأفكار التي ضَمّها بين دفتيه، موجِّهاً انتقادات مشكِّكة في صحة جملة من الأحاديث النبوية التي جمعها الكتاب، الأصح بعد القرآن الكريم.

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/15 الساعة 11:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/15 الساعة 11:34 بتوقيت غرينتش

منذ صدوره نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2017، استَمَر كتاب "صحيح البخاري.. نهاية أسطورة" في إثارة الجدل حول الأفكار التي ضَمّها بين دفتيه، موجِّهاً انتقادات مشكِّكة في صحة جملة من الأحاديث النبوية التي جمعها الكتاب، الأصح بعد القرآن الكريم.

من أجل ذلك، أصدَرَ القضاء المغربي قراراً بمنع الكتاب وحجز أعدادِه، في سابقة من نوعها بالبلاد، بداعي "تضمُّن صفحاته ما يشكل مسّاً بالأمن الروحي للمواطنين المغاربة، ومُخالفة للثوابت الدينية المتفق عليها"، وفق منطوق حكم قضائي صادر عن محكمة الاستئناف بمدينة مراكش (جنوب المغرب).

القرار القضائي لم يكن أكثر ما أثار استغراب مؤلف الكتاب رشيد أيلال؛ إذ وجد أنه من الغريب أن يقوم والي جهة مراكش آسفي، (المحافظ)، شخصياً بوضع طلب لمنع وحجز الكتاب، وهو ما تفاعلت معه المحكمة إيجاباً، آمرةً بتنفيذه بشكل مستعجل، وفق منطوق الحكم.

حجز سري دون إبلاغ


المؤلِّف أيلال، أكد لـ"عربي بوست"، أن القرار القضائي، الصادر بشكل استعجالي يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وهو نفس يوم وضع المشتكي طلبه، "لم يَعرِف به إلا الأسبوع الماضي عن طريق الصدفة، كما أنه لا يمنع الكتاب من جميع مكتبات المملكة؛ بل يتم تطبيقه على مكتبة واحدة بمدينة مراكش لا غير".

الكاتب، الذي زار مكتبة "الآفاق" بحي الوحدة الرابعة في المدينة الحمراء، راغباً في الاطلاع على نسبة المبيعات، فوجئ بإخباره بأن المؤلَّف مُنع من البيع، كما قامت السلطات بمُصادرة جميع النسخ على مستوى المكتبة ذاتها دون ما سواها، يقول الكاتب بنبرة استغراب: "لم أفهم ماذا يقع! سُحبت النسخ من مكتبة واحدة، في حين أن الكتاب يُعرض ويُباع بشكل عادي بمكتبات أخرى على بُعد أمتار فقط!".

وتساءل الكاتب، في حديثه لـ"عربي بوست"، عن الصفة التي خولت لوالي الجهة الحديث عن الثوابت الدينية للمغاربة، لافتاً إلى أن هذا الأمر من اختصاص المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، "وإلا فإن أي مواطن لم ينل كتابٌ رضاه، سيقوم برفع دعوى قضائية والحصول على قرار بالحجز والمنع".



حاكِموا الكاتب!


وحتى قبل صدوره، أثار الإعلان عن عنوان الكتاب وغلافه على الشبكات الاجتماعية، ردود فعل متباينة في الأوساط المغربية والعربية المتتبعة للشأن الديني.

وفي الوقت الذي اعتبر منتقدوه أنه طعنٌ وتجريح لرجال علم الحديث وضرب لمصداقيتهم، فإن أيلال يؤكد أن مجهوداته عبر هذا الكتاب تنصبُّ على الدفاع عن القرآن والسنّة النبوية وتنقيتهما من النصوص المغذِّية للخُرافة، والمُعارِضة للعقل والمُهينة للمرأة، وفق تعبيره.

الشيخ حسن الكتاني، عضو رابطة علماء المغرب العربي، أخذ على مؤلِّف الكتاب جهله بعلم الإسناد وعلم الحديث، "أيلال ليس مؤهلاً علمياً ليكتب في موضوع عظيم كهذا، وعدد من الباحثين الكبار أثبتوا أنه يتكلم بغير علم، معتمداً على جملة من المصادر"، يقول الكتاني لـ"عربي بوست".

وعن قرار المنع الذي يهم مكتبة واحدة، اعتبر المتحدث أنه يؤيد قرار المحكمة طالما يقترب من الصواب، "إلا أنه يبقى حكماً قاصراً ورمزياً يجب تعميمه، على الرغم من أن الحجز لا يمنع من اطِّلاع الناس عليه ما دامت له نسخ رقمية منتشرة بكثرة".

الشيخ حسن الكتاني، دعا إلى محاكمة الكاتب رشيد أيلال بدعوى "تجرُّؤه على غير تخصصه، ومنعه من الحديث في هذه المواضيع، التي من شأنها أن تؤدي إلى إضلال الناس وإساءة الظن بأصحِّ كتاب بعد القرآن الكريم".

المطالبة بمحاكمته، دفعت الكاتب والصحفي رشيد أيلال إلى القول لـ"عربي بوست": "إذا كان رأيُ شخص في الدفاع عن المقدسات يُدخله السجن فأهلاً به، لكنها ستبقى وصمة عار في تاريخ المغرب".

ويرى المتحدث أن ما يقع تراجع خطير وتضييق لحُريات التعبير والإبداع، وحملة مسعورة من طرف ظلاميين ضد الفكر الحر، عازماً على الطعن في الحكم القضائي.

الكاتب ختم كلامه قائلاً: "منذ شهور والدعوات تتجدد لمحاكمتي وسجني؛ بل هناك فتاوى تقول بحرقي رفقة نسخ الكتاب، كما أتلقى تهديدات تلو الأخرى، وكل ما فعلته أني أحاول تنقية التراث الإسلامي من الشوائب"، مستطرداً: "الفكر يُواجَه بالفكر، فهل عدنا لزمن محاكم التفتيش؟!".

علامات:
تحميل المزيد