بعدما سدد رجل الأعمال الجزائري رشيد نكّاز، غرامات النقاب المفروضة على المسلمات في 6 دول أوروبية، أعلن أنه يعتزم تسديدها بالدنمارك أيضاً.
وكان نكّاز سدد سابقاّ 1538 غرامة مالية مفروضة على النساء المسلمات لارتدائهن النقاب في فرنسا، وبلجيكا، وسويسرا، وهولندا، والنمسا، وألمانيا، مخصِّصاً مليون يورو لمهمته.
كما دفع رجل الأعمال الجزائري غرامات فرضتها السلطات الفرنسية على نساء كنّ يرتدين ألبسة البحر الشرعية "البوركيني".
وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، أكّد نكّاز، الذي يُعرف في فرنسا باسم "محامي المنتقبات"، أن هذا النوع من الغرامات يعتبر تضييقاً على إطار حياة وحرية المسلمين في أوروبا.
بين إيران والدنمارك
ويقول نكاز إنه يدافع عن حرية ارتداء المرأة المسلمة النقاب أو الحجاب، لافتاً إلى أنه سافر إلى إيران في "يوم المرأة العالمي" (8 مارس/آذار 2018)؛ للتضامن مع 29 امرأة معتقلة على خلفية معارضتهنَّ ارتداء الحجاب.
ومطلع فبراير/شباط 2017، اعتقلت الشرطة الإيرانية 29 امرأة خلعن الحجاب الإسلامي؛ احتجاجاً منهن على قانون يُلزم النساء بارتدائه.
ويضيف نكاز أنه "انتقل من إيران إلى الدنمارك؛ لتأكيد معارضته العقوبات المفروضة على النقاب". ويوضح: "سبب وجودي هنا ليس الدفاع عن الدين، إنما الدفاع عن الحريات".
وفي فبراير/شباط 2018، أعلنت الحكومة الدنماركية عزمها فرض حظر كامل على ارتداء النقاب، أو "البرقع"، في الأماكن العامة، محذرةً من تغريم المخالفات بمبلغ يصل إلى 1500 يورو.
ويعتبر نكاز أن "مبدأ الحرية حق عالمي"، ويقول إنه لهذا السبب يتضامن "في أوروبا مع النساء اللاتي يرغبن في ارتداء النقاب، وبإيران مع اللاتي يُعرِضن عن ارتدائه".
مليون يورو
ويشدد رجل الأعمال الجزائري على أهمية تعريف الحكومة الدنماركية بأن بعض النساء المسلمات يرغبن في ارتداء النقاب بناء على حريتهن الشخصية.
وخصص نكاز مليون يورو لتسديد غرامات النقاب، وقال لـ"الأناضول": "سددت 1538 غرامة مالية في 6 دول أوروبية"، مضيفاً: "وسأدفع الغرامات في الدنمارك أيضاً".
وأردف أن الحكومة البلغارية أيضاً ستفرض غرامات على النقاب في المستقبل القريب.
وعن تضييق الحكومات الأوروبية على الحريات، شدد نكّاز على "أهمية توجيه رسالة لتلك الحكومات بخصوص أنها لا تستطيع فعل ما تريده، وفي حال فرضت دولةٌ ما غرامات على النقاب، فسأكون أنا من يدفع تلك الغرامات".
ويرى رجل الأعمال الجزائري، المولود بفرنسا في 9 يناير/كانون الثاني 1972، أن الأوضاع ليست وردية بالنسبة للمسلمين في القارة العجوز.
ويحذر من أن "الوضع خطير جداً بالنسبة للمسلمين المقيمين بأوروبا؛ لأن الحكومات الأوروبية لا تصدر قرارات تقود إلى تأقلمهم على أراضيها".
"ولهذا السبب، يجب على المسلمين أن يصبحوا أكثر قوة؛ لحماية مصالحهم هناك. وفي ظل استمرار الوضع الحالي، لن يتمتع المسلمون في أوروبا بمستقبل لامع" ، يختم نكاز حديثه لـ"الأناضول".
ويعد رشيد نكاز ناشطاً سياسياً، وأعلن في 2013، تنازله عن جنسيته الفرنسية؛ من أجل استكمال الإجراءات القانونية لخوض انتخابات الرئاسة الجزائرية في 2014، وفاز فيها عبد العزيز بوتفليقة، بولاية رابعة ولم يتسنّ لنكاز خوضها؛ بسبب "عدم جمع توقيعات كافية للترشح"، وفق السلطات.
وقام بعدها بعدة احتجاجات فريدة في الجزائر، منها: قطعه أكثر من 600 كم سيراً على الأقدام من شرق البلاد باتجاه وسط العاصمة نهاية 2014، في إطار ما سماه "مسيرة للتغيير السلمي".
نقطة البداية
من جهتها، قالت الطالبة الدنماركية من أصل تركي، سارة (30 عاماً)، وهي منتقبة، إنها شاركت في تظاهرة أمام مبنى البرلمان الدنماركي؛ للاحتجاج على مقترح حظر النقاب.
وأضافت لـ"الأناضول"، أنه في حال صدور قرار حظر النقاب، فإنهن لن يصبحن قادرات على الخروج إلى الشارع.
ولفتت سارة إلى أن عدد النساء المنتقبات في الدانمارك، التي يبلغ عدد سكانها قرابة 5.7 ملايين نسمة، هو 50 امرأة تقريباً.
وأشارت إلى أن هناك موقفاً سلبياً تجاه المسلمين في الدنمارك وأوروبا عموماً، شبيهاً بالموقف السائد ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945).
وأوضحت الطالبة أن قرار حظر النقاب بالدنمارك -في حال صدوره- سيكون نقطة البداية للقرارات المعادية للمسلمين.
وأفادت في هذا الصدد، بأن "الحكومة لن تمنع النقاب لأنه يخفي الوجه، إنما لأن من يرتديه هنّ النساء المسلمات، سيأتي يوم ستمنع فيه الحجاب أيضاً؛ ومن ثم ستحظر اللحوم الحلال، وكل ما يخص المسلمين فيما بعد".
ولفتت سارة إلى أن حظر النقاب سيؤدي إلى التضييق على حريات المسلمات، مخاطبةً السياسيين الدنماركيين بقولها: "تتحدثون عن الحريات ليل نهار، لكن أين حرياتنا نحن؟! لماذا لا تُتيحون لنا فرصة تغطية الوجه كيفما نشاء؟".
وأضافت: "الطقس في الدنمارك بارد للغاية، لدرجة تجعل الجميع يغطون أوجههم بأوشحة، لكن الأمر يتحول إلى مشكلة عندما نغطي نحن وجوهنا بالنقاب".