تواجهنا مشكلات يومية عدة نبحث لها عن حلول فعالة، في أماكن مختلفة قد تكون بعيدة عن متناول أيدينا، وقد نبحث عن حلول تكنولوجية معقدة، بينما الطبيعة أو البيئة المحيطة بنا توفر لنا حلولاً بأقل جهد لمشكلات تبدو عويصة.
إليكم بعض الحلول التي تقدمها لنا حيوانات ونباتات أو مركبات طبيعية، قد تبدو لنا ضارة أو غير ذات فائدة، إلا أنها تقدم بديلاً بسيطاً وفعالاً لاختراعات بشرية تكنولوجية أو كيميائية.
"صرصور الحقل" المزعج: بديل لجهاز قياس درجة الحرارة
ذهبت في رحلة سفاري ونسيت جهاز قياس درجة الحرارة، وترغب في معرفة درجة حرارة المنطقة التي توجد بها، أنصِت إلى الصفير الذي يصدره أقرب "صرصور" إليك؛ فهذا الصفير لا يصدر عنه اعتباطاً؛ بل يحمل رسالة ما؛ حيث ينشط الصفير في الليالي الدافئة؛ وذلك لأن الصرصور من ذوات الدم البارد؛ أي يعتمد على درجة حرارة البيئة المحيطة من أجل تنشيط التفاعلات الكيميائية الداخلية مثل عمليات الأيض، وانقباض العضلات، وغيرها من التفاعلات الحيوية.
ويصدر الصفير نتيجة نشاط عضلي يقوم من خلاله بتحريك الجزء السفلي المُسنن من جناحيه على العلوي المسطح، ويحتاج النشاط إلى طاقة يستمدها من حرارة البيئة الخارجية المحيطة. ويمكنك تقدير درجة الحرارة بحساب معدل عدد المرات التي يُصدر فيها الصرصرة خلال فترة زمنية محددة. على حساب فهرنهايت، احسب عدد مرات الصفير خلال 15 ثانية، والناتج أضف إليه 40 درجة.
"البعوض" الحشرة المتطفلة: أداة لكشف هويات القتلة
يبدأ فريق البحث الجنائي، عند وقوع جريمة ما، بمسح المكان؛ للبحث عن أدلة تشير إلى هوية القاتل، قد تكون شعرة من رأس القاتل أو بصمات تركها دون قصد، وقد تكون أيضاً عينة من دمه، لكن كيف يمكن التوصل إلى تلك العينة؟!
إنه "البعوض".. فقد توصل الباحثون بجامعة ناجويا اليابانية، بعد إجراء عدة تجارب على متطوعين، إلى أن وجود البعوض في مسرح الجريمة قد يدلنا بطريقة غير المباشرة على هوية القاتل.
فسحب عينة من الدم الموجود في القناة الهضمية للبعوضة وفحصها يكشف عن الحمض النووي للقاتل.
"النورس": وحوش مجنَّحة توفر تحليقاً آمناً للطائرات من دون طيار
تنتج الرياح من اختلاف درجات الحرارة، فعندما يسخن الهواء تقلُّ كثافته فيصعد إلى أعلى ويحل محله هواء بارد وهكذا. وهى الفكرة نفسها التي ينتج منها تيار هوائي حول المباني السكنية، حيث يكون الهواء داخل المبنى أكثر سخونة من الهواء خارجه فيخرج الهواء الساخن من النوافذ ويحل محله هواء بارد فينشأ تيار صاعد، وهو ما يُعرف بنظام التهوية.
ومن جهة أخرى، توصل باحثون من جامعة سوانسي إلى أن طائراً مثل النورس يستغل هذا التيار في التحليق، حيث يضمن له تحليقاً آمناً دون رفرفة. تغيِّر الطيور مسارات رحلتها تلقائياً حسب ظروف الرياح، وتستغل التيارات الصاعدة من المباني من أجل تحليق آمن؛ لذلك وجد الباحثون أن من الضروري الاعتماد على تلك الطيور لاختيار المسار المناسب لتحليقٍ أمثل لطائرة الدرون (الطائرة من دون طيار).
وهذا يُظهر جانباً آخر إيجابياً لتلك الطيور، التي يسميها البعض "الوحوش المجنَّحة"؛ لما تقوم به من هجمات شرسة تتسببت في موجة من الرعب؛ شملت مهاجمة المواطنين، وإعاقة حركة الطيران، في العديد من بلدان العالم، حتى إنه في بريطانيا صدرت تحذيرات من إمكانية مهاجمتها الأطفال .
"لبن جوز الهند": وسيلة فعالة للحفاظ على الأسنان المكسورة
إذا تعرض شخص لحادث فقد إثره سناً من أسنانه، ويريد أن يحتفظ بالسن لحين إعادة تركيبه مرة أخرى، فعليه ألا يبحث كثيراً عن محاليل مُعدة كميائياً؛ فالاستفادة من قدرتها على حفظ السن ستكون قصير الأمد، بينما توفر الطبيعة محلولاً فعالاً للحفاظ علو الأسنان .
إذ يُحقق "لبن جوز الهند"، السائل التي تحتويه حبة جوز الهند، وأيضاً "لبن الصويا"، أحد منتجات فول الصويا، الغرض نفسه. والسبب الذي يجعل كلاً منهما يتفوق على المحاليل الكيميائية، هو الأس الهيدروجيني للبن جوز الهند، حيث يعد الوسط المناسب لحفظ النسيج الخلوي للسن، والبقاء على صلاحيته دون تحلل لأطول فترة ممكنة.
"درجة غليان الماء": وسيلتك لمعرفة كم متراً قد ارتفعت عن سطح البحر
يقل الضغط الجوي، وتنخفض درجة الحرارة كلما ارتفعنا عن سطح البحر، ينعكس ذلك على جسم الانسان؛ حيث يسبب الارتفاع صداعاً وضيقاً في التنفس؛ وذلك لنقص الأكسجين في الأعلى، وعليه يحرص متسلقو الجبال خلال رحلتهم على تحديد مقدار الارتفاع؛ لمعرفة ما قد يواجههم إذا ارتفعوا أكثر.
لهب، وإناء، وكمية من المياه، وترمومتر هذا كل ما تحتاجه لتقدير ارتفاعك عن سطح البحر؛ حيث تقول الفيزياء إن درجة غليان الماء تقل بمقدار 4 درجات فهرنهايت لكل 2000 قدم ارتفاعاً عن سطح البحر؛ إذ يسبب الضغط المنخفض غليان المياه عند درجات حرارة منخفضة. بإمكانك وضع الإناء على اللهب، وقياس درجة غليان الماء بالترمومتر، وتقدير كم متراً قد ارتفعت عن سطح البحر.