يُعد هرم مصر الأكبر بالجيزة واحداً من الإنجازات الهندسية القديمة، مع وقوع النصب بإتقان شبه تام على طول النقاط الرئيسية الأربع: الشمال، والجنوب، والشرق، والغرب.
وقد احتار علماء الآثار منذ فترةٍ طويلة حول كيفية تمكُّن المصريين القدماء من تحقيق الاصطفاف شبه المثالي، لكنَّهم يعتقدون الآن أنَّهم قد حلّوا اللغز، بحسب تقرير صحيفة New York Post الأميركية.
عندما أمر الفرعون المصري خوفو ببناء الهرم الأكبر في الجيزة منذ حوالي 4500 سنة، تمكن البُناة من تحقيق مثل هذه الدقة، باستخدام الاعتدال الشمسي في الخريف- في منتصف انقلابات الشمس في الصيف والشتاء، عندما يكون النهار والليل متساويين في الطول.
واستكشف غلين داش، وهو مهندسٌ يدرس أهرامات الجيزة، مؤخراً، النظرية الناشئة حول مركز الهيكل البالغ طوله 450 قدماً، في ورقةٍ بحثية نُشِرَت في مجلة "العمارة المصرية القديمة".
وكتب داش: "قام بُناة هرم خوفو الأكبر بوضع النصب الكبير بمُحاذاة النقاط الرئيسية بدقة أفضل من تلك التي في 4 دقائق من القوس، أو 1/ 15" (دقيقة القوس هي وحدة لقياس الزاوية تساوي 1/ 60 من الدرجة، وأربع دقائق تساوي 1/ 15 منها).
وأضاف داش أنَّ هرم خفرع (الموجود أيضاً في الجيزة)، والهرم الأحمر (الذي يقع في قرية دهشور في محافظة الجيزة بمصر) يتقاسمان نفس الدرجة العالية من الدقة، فيما يتعلَّق بالنقاط الأربع الرئيسية.
الهرم الأحمر بدهشور
جميع الأهرامات الثلاثة تُظهِر نفس النوع من الخطأ
وكتب داش: "جميع الأهرامات الثلاثة تُظهِر نفس النوع من الخطأ، حيث تدور بعض الشيء عكس اتجاه عقارب الساعة من النقاط الرئيسية".
ومن أجل بحثه، وضع داش قضيباً على منصةٍ خشبية، وعلَّم على موقع ظلها طوال اليوم خلال الاعتدال الشمسي الخريفي.
وكتب داش: "أيُّ مراقبٍ للاعتدال الشمسي يمكنه أن يرى أنَّ طرف الظل يمر في خط مستقيم بشكلٍ شبه مثالي شرقاً وغرباً".
وقال داش إنَّ ميل الأرض في الاعتدال الشمسي يسمح للظل بالتحرك في هذا الاتجاه من الشرق والغرب، مع وجود درجة ضئيلة من الخطأ عكس اتجاه عقارب الساعة، على غرار الخطأ الذي عُثِرَ عليه في الهرم الأكبر، وهرم خفرع، والهرم الأحمر.
وعلى الرغم من أنَّ التجربة أُجرِيَت في ولاية كونيتيكت الأميركية، يثق داش في أنَّ تقنية العمل كانت ستكون ناجحةً في الجيزة، وذلك إذا تمكَّن المصريون من تحديد يوم الاعتدال الشمسي في الخريف، عن طريق العد إلى الأمام 91 يوماً بعد انقلاب الشمس في الصيف.
وعلى الرغم من أنَّ نظرية داش لها جدارتها، فقد اعترف بأنَّ المصريين من المحتمل أن يكونوا قد استخدموا أساليب أخرى أيضاً، تتضمَّن الشمس أو النجوم لمُحاذاة الأهرامات.
وتابع داش: "لسوء الحظ، لم يترك لنا المصريون سوى القليل من الدلائل. لم يُعثَر على وثائق هندسية أو خطط معمارية تُقدِّم تفسيراتٍ تقنية للطريقة التي صفَّ بها المصريون القدماء أياً من معابدهم أو أهراماتهم".
ومع ذلك، يعتقد داش أنَّ طريقته لها ميزة في أنَّها أقل تعقيداً من النظريات الأخرى.
وأضاف: "من الصعب تصوُّر طريقة يمكن أن تكون أبسط، سواء من الناحية النظرية أو من الناحية العملية".