يراهن المغرب على استضافته لبطولة الأمم الإفريقية في كرة القدم للمحليين "شان"، لاستعراض إمكاناته التنظيمية وبناه التحتية لدعم ترشيحه لمونديال 2026، إلا أن ناقدين ومواطنين يعتقدون أن نواقص كثيرة شابت تنظيم البطولة القارية، ما يطرح علامات استفهام حول القدرة على تنظيم حدث أضخم.
وقال رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم فوزي لقجع في أول ندوة عقدتها اللجنة المكلفة بملف ترشح المغرب لاستضافة المونديال الأسبوع الماضي، إن "نجاحنا في تنظيم بطولة إفريقيا للاعبين المحليين خير دليل على جاهزية المغرب لتنظيم تظاهرات رياضية عالمية"، معتبراً أن تنظيم البطولة الإفريقية التي تستمر حتى 4 شباط/فبراير، يعد "تجربة ناجحة".
وقال الرئيس المنتدب للجنة المنظمة للبطولة الإفريقية، حمزة الحجوي، إن الأخيرة هي "بمثابة تدريب أو تسخينات، رغم أن البعض يعتبرها تظاهرة رياضية ثانوية، إلا أن لها أهميتها بالنسبة لنا".
وأضاف: "خصصنا 4 ملاعب في 4 مدن لاستقبال 16 منتخباً، وهناك تحد أول مرتبط بالجانب التنظيمي، ثم تحدي استقطاب الجمهور، وهما تحديان نجحنا فيهما خلال النصف الأول من البطولة".
وبحسب اللجنة المنظمة، بلغ عدد المشجعين الذين تابعوا مباريات دور المجموعات الذي اختتم يوم الأربعاء 24 يناير 2018 أكثر 150 ألف شخص توافدوا على ملاعب الدار البيضاء ومراكش وطنجة وأكادير.
وفاق عدد المشجعين في المباراة الافتتاحية وجميع مباريات المنتخب المغربي 30 ألف متفرج، وجندت اللجنة حوالي 1000 متطوع للمساهمة في تنظيم ولوج الجمهور إلى الملاعب. إلا أن مباريات "الشان" في مدن مراكش وطنجة وأكادير لم تشهد حضوراً كبيراً.
بلغة التاريخ المغرب في نهائي "الشان"https://t.co/i4mmfd5o6J
— MEDI1TV (@Medi1TV) ٣٠ يناير، ٢٠١٨
وتعتبر "الشان" ثاني بطولات المنتخبات القارية من حيث الأهمية بعد بطولة الأمم "كان". إلا أن حدثاً كالمونديال تفوق تحدياته التنظيمية بأشواط بطولة كهذه، وعادة ما يستقطب أعداد تقدر بمئات الآلاف من المشجعين من حول العالم.
وأعلن المغرب في آب/أغسطس، ترشحه لتنظيم مونديال 2026، في مسعى هو الخامس للمملكة التي تتنافس هذه المرة مع ترشيح مشترك للولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وركزت لجنة الترشيح المغربية في مؤتمرها الصحافي الأول، على إبراز تجاوز البلاد لمشاكل البنى التحتية. وقال رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم "الآن نتوفر على ملاعب بمواصفات دولية وبنيات تحتية رياضية وغيرها، حان الوقت لاستغلالها في تنظيم تظاهرات رياضية عالمية".
طموح يصطدم بالنقد
إلا أن طموح المغرب يلاقي نقداً لدى الخبراء والمغاربة.
ويرى الباحث والناقد الرياضي يحيى السعيدي أن هناك "مبالغة" باعتبار أن بطولة مثل "الشان"، "قادرة على إقناع العالم بقدرات المغرب التنظيمية"، مضيفاً لوكالة فرانس برس "الحديث عن استغلال بطولة إفريقيا للاعبين المحليين للترويج لملف المغرب مغالطة، لأن الشان تظاهرة رياضية سهلة التنظيم ولا تتطلب إمكانات ضخمة".
وإذا كان المغرب خصص 4 ملاعب لمباريات البطولة الإفريقية التي يشارك فيها 16 منتخباً، إلا أن متطلبات استضافة المونديال ستكون أعلى، لاسيما مع مشاركة 48 منتخباً للمرة الأولى، بدلاً من 32.
وسيكون المغرب مطالباً بتخصيص إمكانات مالية وبنية تحتية وملاعب مهمة ليكون منافساً جدياً للاستضافة، وهو جانب تفادى المسؤولون المغاربة من الإجابة عنه. وقال وزير الشباب والرياضة المغربي رشيد الطالبي العالمي أن قضية الملاعب "لا يجب تضخيمها كثيراً".
#الشان_سيبقى_في_المغرب pic.twitter.com/35PFtW4B5y
— Imad abatane (@abatane_imad) ٣٠ يناير، ٢٠١٨
ولاقى تنظيم "الشان" انتقادات على مستوى الترويج، إذ اعتبر بعض مشجعي كرة القدم أن البطولة لم تحظ بترويج إعلامي كافٍ.
ويقول مهدي (35 عاماً)، وهو موظف في مصرف: "لم أعلم بتنظيم البطولة الإفريقية في المغرب إلا يوم مباراة الافتتاح، رغم أني أقطن بمدينة الدار البيضاء" التي استضافت مباريات المنتخب المغربي.
وشكلت الاستراتيجية الترويجية محور انتقاد أساسي في مقال لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية هذا الشهر، تحدثت فيه عن ضعف التواصل المغربي على صعيد الترويج لملف استضافة كأس العالم.
وفي حين أشارت الصحيفة إلى أن الملف الأميركي المكسيكي الكندي يتم التحضير له منذ عام، رأت أن "لا شيء يعكس رغبة المغرب في احتضان كأس العالم للمرة الثانية في إفريقيا" (بعد جنوب إفريقيا 2010).
وتعليقاً على ما نشرته الصحيفة، قال رئيس لجنة ملف ترشيح المغرب مولاي حفيظ العلمي إن "المغرب بلد آمن ومستقر وهناك من البلدان المرشحة من يصنف في خانة الأخطر في العالم".
وأقامت اللجنة المنظمة لـ"شان" حفل افتتاح بنكهة إفريقية في ملعب محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء، أكبر ملاعب المملكة. وكلف الحفل، وفق وسائل إعلام مغربية، 350 ألف يورو، واستمر 14 دقيقة.
#ليبيا
ليبيا تتأهل لنصف نهائي الشان بأقصائها الكونغو وتواجه المغرب الأربعاءhttps://t.co/GCKX8B7ous pic.twitter.com/5YpvSeDerE— ليبيا الخبر (@LibyaAlKhabar) ٢٩ يناير، ٢٠١٨
الرهان على إفريقيا
وسبق للمغرب أن واجه مشاكل في تنظيم البطولات الكروية.
ففي نهاية 2014، أقال الملك محمد السادس وزير الرياضة محمد أوزين على خلفية مشاكل تنظيمية ولوجستية شابت كأس العالم للأندية. وفي العام نفسه، سحب الاتحاد الإفريقي تنظيم بطولة "الكان" من المغرب التي كانت مقررة في 2015، بعدما طلبت المملكة إرجاءها بسبب مخاوف من انتشار فيروس إيبولا.
في ترشيحه للمونديال، يعول المغرب بشكل أساسي على دعم رئيس الاتحاد الإفريقي أحمد أحمد وأصوات أعضائه الـ54 (بمن فيهم المملكة)، ويعتبر أن ترشيحه هو "ترشيح للقارة الإفريقية بأكملها".
وتستضيف الدار البيضاء هذا الأسبوع الجمعية العمومية للاتحاد الإفريقي، بقرار من رئيسه الداعم بقوة للترشيح المغربي.
إلا أن التعويل على تصويت الدول الإفريقية لن يكون كافياً لضمان الفوز بحق تنظيم كأس العالم 2026، بحسب السعيدي الذي يوضح أن التركيز فقط على الدول الإفريقية "خطأ فادح. هناك عمل كبير ينتظر الدبلوماسية الرياضية المغربية لتعبئة أكبر وشاملة في الأسابيع القادمة".
ومن المقرر أن يتم التصويت على اختيار مضيف مونديال 2026، في 13 حزيران/يونيو المقبل عشية انطلاق مونديال روسيا 2018. وتشارك في التصويت للمرة الأولى، كل الاتحادات المنضوية ضمن الاتحاد الدولي (فيفا)، والبالغ عددها 211.