قاتلة أو مقتولة.. لاعبة شطرنج تقتحم مسابقات الرجال بلقبي بطلة عالم و”أستاذ كبير”

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/11 الساعة 09:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/11 الساعة 09:23 بتوقيت غرينتش

بعدما حصلت لاعبة الشطرنج الصينية هو ييفان Hou Yifan على لقب "أستاذ كبير" في عمر الـ14 عاماً فقط، تحضر نفسها حالياً لمنافسة أعتى اللاعبين الذكور في مواجهة تكون فيها "قاتلة أو مقتولة".

افتتنت إيفان في صغرها بأشكال قطع الشطرنج، ودفعها فضولها وميلها الفطري تجاه اللعبة إلى الطريق الصحيح لتصبح أصغر امرأة تحظى بلقب "أستاذ كبير" في سن الـ14 فقط.

واليوم، أصبحت إيفان -التي تبلغ من العمر 23 عاماً- لاعبة الشطرنج الأعلى تصنيفاً بين السيدات، والمرأة الوحيدة ضمن أفضل 100 لاعب بالاتحاد العالمي للشطرنج، وثالث امرأة تدخل القائمة في تاريخها.

الشطرنج العادي والسريع والخاطف

لكن ليس من الغريب على إيفان -التي غالباً ما يُشار إليها بلقب "ملكة الشطرنج"- أن تتنافس ضد حشودٍ من الرجال، بل هي المرأة الوحيدة المؤهلة للمنافسة في فئة الشطرنج "المفتوح"، وفئة "النساء" في بطولة الملك سلمان العالمية للشطرنج السريع والخاطف.

وعلى عكس الشطرنج العادي، يُلعب الشطرنج القائم على السرعة تحت ضوابط الوقت المتسارع،حيث يُمنح كل لاعب نحو 15 دقيقة فقط في المباراة الواحدة، و3 دقائق في الشطرنج الخاطف.

وقالت إيفان لشبكة "CNN" الأميركية: "أثار الأمر داخلي شعوراً متضارباً بشدة، فمن ناحية يجب أن أكون سعيدة ومتحمسة لكوني ضمن أفضل 100، ومن ناحيةٍ أخرى من المحزن بعض الشيء رؤية الفجوة الهائلة بين الجنسين".

الهواية التي لا تتحول إلى مهنة

تحتل إيفان حالياً المركز الـ64 على مستوى العالم بمجموع نقاط يبلغ 2680 نقطة. وعلى سبيل المقارنة، يتقدم عليها بطل العالم الحالي ماغنوس كارلسن بـ157 نقطة، إذ يصل مجموع نقاطه إلى 2837 نقطة.

لكن على عكس العديد من كبار اللاعبين الذين يُكرِّسون كل وقتهم لتحسين أدائهم، قررت إيفان في سنٍ مبكرة أنَّها ستتخذ الشطرنج هوايةً لها، وليس مهنة.

وتوضح: "أعتقد أنَّه إذا كرست 100% من طاقتي للشطرنج، سيكون أدائي أفضل بكثير مما هو عليه الآن، لكنَّني أعتقد أنَّ لكلٍ منَّا أحلاماً مختلفة".

حين بلغت إيفان من العمر 16 عاماً، أصبحت أصغر فتاة تحوز لقب "بطلة العالم" بعد فوزها في بطولة العالم لشطرنج السيدات، واحتفظت باللقب من عام 2010 إلى 2011، ثم فازت به مجدداً في عامي 2013 و2016.

وبينما تُعد إيفان حالياً المُصنَّفة الأولى بين الإناث بفارق يصل إلى 100 نقطة تقريباً، فقدت لقب بطلة العالم عندما اختارت عدم التنافس في بطولة السيدات لعام 2016.

وكان هذا قراراً واعياً ومقصوداً للاحتجاج على الاختلافات بين أنظمة بطولة العالم المفتوحة وبطولة العالم للسيدات، فبينما يتاح لبطل العالم الدفاع عن لقبه بمنافسة خصمٍ رسمي، تخسر البطلة الحائزة على اللقب لقبها بالفعل دون أن تتاح لها فرصة منافسة البطلة الجديدة.

وصرح جيوفري بورغ الرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للشطرنج لشبكة CNN بأنَّ جميع فعاليات الشباب والمبتدئين تضم فئات منفصلة للبطولة المفتوحة وبطولة الفتيات، وبحسب قوله: "يمكن للمرأة أيضاً المشاركة في الفعاليات المفتوحة بالطبع".

وبالإضافة إلى ذلك، يضم الاتحاد الدولي للشطرنج لجنةً خاصة بالمرأة مسؤولة عن توفير الدعاية للفعاليات النسائية واللاعبات وتمثيلهن، وكذلك تطوير مهارات لاعبات الشطرنج في جميع أنحاء العالم.

التكتيك الرجالي لا يشبه تكتيك النساء

لكنَّ الحقيقة هي أنَّ لاعبات الشطرنج لا يزال أمامهن طريقٌ طويل للحاق بنظرائهن الذكور. إذ تُعد جوديت بولغار المجرية الحاصلة على لقب أستاذ كبير، المرأة الأولى والوحيدة التي تحتل مركزاً بين أفضل 10 لاعبين في قوائم التصنيف خلال حياتها المهنية.

ومن واقع خبرة إيفان الشخصية، تعتقد أنَّ الفجوة بين الجنسين في الشطرنج تتلخص في أمرين: المخاطرة والعقلانية.

إذ قالت: "يحلل اللاعبون الذكور الوضع، ويأخذون القرار الأكثر موضوعية وعقلانية لتحديد الخيار الأفضل عملياً. أمّا بالنسبة للمرأة، وحتى بالنسبة لي، أحياناً ما نسعى لشيءٍ ممتع".

وأضافت: "مع أنَّنا ندرك بموضوعية أنَّ القتال من أجل الحفاظ على جمال اللعبة قد لا يكون القرار الأفضل، لكننا نرغب في ذلك".
وذكرت أنَّ الرجال يميلون أكثر من النساء إلى الالتزام بخطةٍ محددة سلفاً -مثل محاولة الوصول إلى تعادل عند الحاجة- حتى لو كانوا يرون أنفسهم أفضل، لكنَّها تعتقد أنَّ النساء يملن إلى استغلال الفرصة واللعب من أجل الفوز.

وتابعت أنَّه من الصعب أن يتحوَّل تقدمٌ ضئيل في رقعة الشطرنج على اللاعب الآخر إلى فوز، ويمكن أن تكون تكلفة الأخطاء الصغيرة هي خسارة اللقب.

وتعتقد إيفان أنَّ خصومها الذكور كانوا أكثر اهتماماً بتصنيفها من بنات جنسها، إذ تقول: "يرون مستواك كخصمٍ أولاً ثم يضعون استراتيجيتهم".

وبالنسبة للمباريات العادية، تقول إيفان أنَّ هناك وقتاً لتجميع معلوماتٍ عن خصمك ووضع إستراتيجية للفوز أو التعادل، أو مجرد اللعب فقط.
لكن عندما يتعلق الأمر بفئات الشطرنج القائم على السرعة، ليس هناك أي وقت للتحضير، فالمباريات متتالية وسريعة الوتيرة.

وتقول إيفان: "يجب أن أعترف بأنِّي أستمتع أكثر بممارسة الشطرنج السريع وخاصةً الخاطف. أشعر بأنَّ الشطرنج يعطيني الكثير، ليس إنجازاتي فقط، لكن روحي القتالية كرياضية أيضاً".

اللعبة التي جاءت من الشرق

جدير بالذكر أنه يمكن تتبع تاريخ لعبة الشطرنج إلى 1500 سنة من تاريخنا الحالي إلى القرن السادس ميلادي، ويختلف المؤرخون حول أصله بين الهند والصين، وحتى الفراعنة.

ومن الهند إلى بلاد فارس وصولاً إلى العرب بعد الفتح الإسلامي، شهدت اللعبة انتشاراً كبيراً، إذ أعجب بها ولعبها الخلفاء أمثال هارون الرشيد وابنه المأمون، ونبغ فيه الشطرنجيون أمثال العدلي والصولي والرازي واللجلاج وكانوا أول من ألف كتاباً كاملاً عن الشطرنج.

وبعد الفتح العربي للأندلس، وصل الشطرنج إلى إسبانيا ومنه إلى أوروبا حيث لعبه الملوك أمثال نابليون.

هل تعلم؟

– أصل كلمة Check mate الإنكليزية من تعبير "الشاه مات" الفارسية للدلالة إلى موت الملك

– عدد التنقلات المحتملة لا تعد ولا تحصى

– سبب عدم وجود تماثيل ترمز للجنود والفيلة هو تحريمها من المسلمين الذين عدلوا على أشكال الأحجار

– تملك روسيا أكبر عدد من الأساتذة الكبار، 156 لاعباً

– تسمى لعبة الملوك لأنها كان محصورة بالملوك والطبقة الارستقراطية

علامات:
تحميل المزيد