تتصدر أخبار الأمير وليام والأمير هاري ووالدتها الراحلة الأميرة ديانا الصحف البريطانية كل يوم، بينما يعيش ربان الصيد المتقاعد آرت هودجينز، ابن خالة الأميرة ديانا في منزلٍ خشبي فوق جزيرة صغيرة، تطل على مدينة سياتل ومنطقة بوجيه ساوند، بمنطقة طبيعية في الساحل الشمالي الغربي لأميركا.
وعلى بعد 20 دقيقة منه، يعيش شقيقه الأكبر، هال، في كوخٍ خشبي وسط الأشجار في قرية غيغ هاربور، بعيداً عن عظمة قصر كنسينغتون الملكي في بريطانيا.
فيما يكشف تقرير صحيفة Daily Mail البريطانية عن صلة القرابة التي تجمعهما بالعائلة الملكية البريطانية، وسر ابتعادهما عن الأضواء الملكية.
قصة حب مع جد الأميرة ديانا
تؤكد الصحيفة البريطانية أن جدتهما، إديث ترافيس، كانت تجمعها علاقة حب طويلة بجد الأميرة ديانا، موريس روش، بارون فيرموي الرابع، وعلى الرغم من زواج كليهما بشخصين آخرين، كان الاثنان يتواصلان سراً في جميع مراحل حياتهما، وحافظا على العلاقة الحميمة بينهما لمدة 40 عاماً، حتى وفاة لورد فيرموي في عام 1955.
وترجِّح الصحيفة البريطانية أنَّ ابنة إديث، التي تسمَّى أيضاً إديث، وتعرف باسم لامبي، هي ابنة موريس، الذي شك في ذلك عام 1926، ثم ذهب إلى نيويورك للقاء لامبي البالغة من العمر حينها خمس سنوات، ليطلب من والدتها التفكير في أنها "يمكن أن تكون ابنته".
كبُرت لامبي وهي تعتقد أنَّ هذا الغريب الوسيم، الذي التقت به في بهو فندق روزفلت، واصطحبها إلى السيرك واشترى لها الآيس كريم، كان والدها.
ثم أصبح لدى لامبي ثلاثة أبناء: آرت، وهال، وواين، وستة أحفاد، من بينهم سينا، التي تدير شركة عائلية للصيد، والمُحاسِبة ليزا، وريمي وهو مدرس لغة يابانية، ورين التي تدير شركة للملابس المستعملة.
يقول ابنها آرت، الذي يبلغ الآن 71 عاماً: "كانت حكاية تُروى دائماً على طاولة العشاء في أعياد الميلاد وأعياد الشكر. حين كنا صغاراً، لم نكن نعير الأمر كثيراً من الاهتمام. وبطبيعة الحال، كان الأمر يعني أكثر من ذلك بالنسبة لوالدتنا".
أميركية مطلقة عشيقة وأخرى زوجة
التقت إديث ترافيس، ابنة المهاجرين الألمان، ولورد فيرموي، الذي كان صديقاً مقرباً لمن سيصبح في المستقبل جورج السادس ملك بريطانيا، لأول مرة في رحلة القطار الطويلة من نيويورك إلى سان فرانسيسكو عام 1915.
كان عمره وقتها 30 عاماً وغير متزوج، بينما كانت هي في طريق عودتها إلى منزل والديها، لتعيش معهما هي وابناها: جاك (7 أعوام)، ونيد (5 أعوام) بعدما انفصلت عن زوجها المهمل فورست.
ثم تعرَّف عليها وهي تلعب الحيل السحرية مع ولديها، وفي الليلتين التاليتين تناولا العشاء معاً، وكان يمكن لهذه الرومانسية التي بدأت ذلك اليوم أن تنتهي بالزواج، لكنَّهما عاشا مصيراً آخر، بسبب استحالة ارتباطه رسمياً بسيدةٍ أميركية مطلقة.
بعد رحلة القطار تلك، قرأت إديث عن عاشِقها في صحيفة "واشنطن بوست"، وأرسلت له رسالةً تخبره فيها أنَّها ستزور نيويورك، حيث يعيش، والتقيا بعدها، ذهبا للتزلج ثم تناولا العشاء في فندق والدورف، وانتهى بهما المطاف في جناح الدور الأخير "جناح بنتهاوس" بالفندق.
ثم انتقلت إديث إلى نيويورك لتكون قريبةً من حبيبها، واستقرت في شقة صغيرة مع ولديها في ليكوود، وقامت ببيع الآيس كريم في أحد الأكشاك.
لكنْ سريعاً ما التحق موريس بالجيش كضابطٍ، وذهب إلى فرنسا للقتال في الحرب العالمية الأولى، لكنه لم ينسَ حبه، لذا أرسل إلى إديث عقداً قانونياً، وشيكاً قدره ألف دولار، وعرض عليها أن تصبح عشيقته.
لكنها رفضت عرضه، لأنه لم يذكر فيه كلمة "حب"، وفي عام 1919، تزوجت رئيسها في العمل، الدكتور هنري هويت، وهو أرمل يكبرها بـ29 عاماً. وأصبح موريس محطَّم القلب.
إذ يقول هال، وهو محامٍ متقاعد، يبلغ من العمر 73 عاماً: "جَدَّتنا كانت امرأةً قويةً ومعتزةً بنفسها. لم تقبل أن تكون عشيقة أي رجل، سواء كان لورداً أم لا، ولم يكن ما فعله فيرموي يشبه ما فعله الملك إدوارد مع السيدة سيمبسون. فلم يكن مستعداً للتخلي عن لقبه من أجل الحب".
وحتى بعد مرور عقدين من الزمن، كان على إدوارد الثامن أن يختار، إما العرش وإما المرأة التي أحبَّها عند زواجه من واليس سيمبسون، التي كانت هي الأخرى سيدة أميركية مطلقة.
اللقاء الأخير.. والحمل في لامبي
ومع ذلك، وفي عام 1920، عندما ورث فيرموي لقبه، التقى الاثنان مرةً أخيرة. وبعد ذهابهما في جولة بعربةٍ تجرُّها الخيول ذهبا إلى جناحه في فندق بلازا، وتعتقد الأسرة أنَّ جدتهم أصبحت حاملاً في لامبي بتلك الليلة؛ إذ يتفق تاريخ ميلادها مع هذه الرواية.
ويقول آرت: "آنذاك، كونك ابنة غير شرعية لم يكن محلاً للحديث أو النقاش من جانب أي شخص في مجتمعٍ مهذب. لا أتذكر أنَّ هناك لحظة معينة قالت لنا فيها مَن هو والدها الحقيقي. لقد كان ذلك أمراً ينتمي فقط للماضي ولا نثيره".
لقاء ابنته.. المرة الأولى والأخيرة
عاد اللورد فيرموي إلى إنكلترا، واستأجر منزلاً خشبياً للرماية في مدينة هيتشام، بمقاطعة نورفولك، وأصبح النائب عن حزب المحافظين في بلدة كينغز لين في عام 1924. وبعد ذلك بعامين، التقى لامبي للمرة الأولى والوحيدة في رحلة إلى نيويورك، بحسب ما نقلته الصحيفة البريطانية.
بعدها، كتب إلى حبيبته: "لقد تلقيتُ للتو رسالتين منك. لقد تغيرتِ قليلاً عما كنتِ، وقد أحببتُ ابنتك العزيزة، لا بد أنَّكِ سعيدةٌ جداً. لا أستطيع أن أعبِّر لكما عن مدى سروري برؤيتكما مرةً أخرى، وكم كنتُ أتمنى لو أمكنكِ الوصول قبل ذلك بأسبوع -كان ذلك سيجعل الأمر مثالياً- لكنَّني سأكون هناك مجدداً الصيف المقبل إذا نجحتُ في الانتخابات".
زواج فيرموي من جدة الأميرة ديانا
ومع ذلك، لم يجتمعوا مرةً أخرى لما يقرب من 30 عاماً. وفي غضون ذلك، وفي عام 1931، تزوج فيرموي، الذي كان يبلغ آنذاك 51 عاماً، من روث غيل، 22 عاماً، وهي ابنة عقيدٍ اسكتلندي في الجيش.
انتقل الزوجان إلى بارك هاوس في قصر ساندرينغهام -مسقط رأس حفيدتهما المستقبلية الأميرة ديانا- وأنجبا ثلاثة أطفال، هم: ماري، في عام 1934، وفرانسيس (والدة الأميرة ديانا)، في عام 1936، وإدموند، في عام 1939.
اختلطت الأسرة بدوائر مرموقة، وأصبحوا أصدقاء مقربين مع بيرتي، دوق يورك (الملك جورج السادس مستقبلاً).
لكنَّ فيرموي ظلَّ يتراسل مع حبه الأول. فعندما كان الأمير تشارلز يبلغ عامين، كتب يقول: "رأيتُ الأمير تشارلز منذ أيام. إنَّه طفلٌ جميل، ولا يعرف الكثير عمَّا ينتظره".
وعندما مات الملك جورج السادس، كتب لإديث: "كان الملك بصحةٍ جيدة قبل يومٍ واحد عندما كنا نقوم بالصيد معاً. وجلستُ بجانبه عند تناول الغداء، لم يشكُ من التعب أو المرض. لقد فقدتُ صديقاً عزيزاً. وقد أعطت الملكة الجديدة انطباعاً جيداً حتى الآن. أشعر أنَّني أعرفها جيداً منذ علَّمتها التزلج، لقد مرَّ على ذلك سنواتٌ الآن…"
ومع ذلك، لم يلتقِ فيرموي بإديث للمرة الأخيرة إلا بعد زواج ابنته فرانسيس (والدة الأميرة ديانا) من إيرل سبينسر. وفي غضون أشهر، مات فيرموي، بعدما أُصِيب بأزمةٍ قلبية.
وبعد عامين من وفاة فيرموي، في أبريل/ نيسان 1957، زارت إديث بريطانيا للمرة الأولى.
يقول هال: "لم تتوقف أبداً عن حب لورد فيرموي. وبعد وفاته، سافرت إلى إنكلترا لتزور قبره في نورفولك. وقالت لأمي إنَّها جلست هناك وذرفت دموع الحزن الحقيقي".
لامبي تكتشف حب والدتها
لم تعثر لامبي على رسائل الحب الخاصة بوالدتها إلا بعد وفاة إديث في عام 1976-قبل خمس سنوات من زواج الأمير تشارلز من الأميرة ديانا- وكانت الرسائل مربوطة بشريط، ومخبأة في صندوق.
وقال هال: "الرسائل أُعِيدَت إلى والدتها قبل 21 عاماً، عند وفاة لورد فيرموي. إذ كانت زوجة لورد فيرموي، روث، لا تعرف شيئاً عن الرسائل حتى وفاته، أو هكذا قالت أمي. وعندما توفي لورد فيرموي، وجدت روث الرسائل، وأعادتها مع ملاحظةٍ صغيرة كتبتها".
وقرَّرت لامبي، بعد تأثُّرها بقصتهما المثيرة للمشاعر، التي تتحدث عن أدق تفاصيل حياتهما، قررت نشر الرسائل في كتاب بعنوان Lilac Days أو "أيام الليلك".
فيما قال هال: "أعتقد أنَّ أمي كانت تعرف الحقيقة دائماً. ولا أعتقد أنَّها ندمت في أي وقتٍ على العيش بأميركا ومع طبيب مسن. لكنَّها كانت فخورة بالعلاقة الملكية، وكانت سعيدة للغاية عندما تصدَّرت ديانا المشهد. وقالت إنَّ والدتها كانت ستحب معرفة أنَّ ديانا كانت حفيدة فيرموي".
ثم توفيت لامبي عام 2013، في سن الـ92. ويقول آرت: "إنَّها قصة حب عظيمة، قصة رومانسية لرجلٍ التقى بامرأةٍ على متن القطار وأحبها وأحبته لـ40 سنة بعدها. هل أنا قريب ملك إنكلترا القادم؟ ربما".
صلة القرابة
وباختصار، فإن الأميرة ديانا والدة الأميرين هاري ووليام هي ابنة فرانسيس، التي هي ابنة فيرموي من زوجته الشابة روث غيل، أي أن الأميرة ديانا حفيدته.
أيضاً لامبي هي ابنة فيرموي من إديث، كما كان يعتقد، وأبناؤها الثلاثة هم آرت، وهال، وواين (الأخير مات عام 2006).
وهذا يعني أن أحفاد لامبي الستة وهم أبناء آرت وهال وواين، تجمعهم صلة قرابة بالأميرين هاري ووليام، في مقام أبناء العمومة، على اعتبار أن آرت وهال وواين أبناء خالة الأميرة ديانا، اعتباراً لعلاقة الأخوّة من الأب، بين فرانسيس (والدة الأميرة ديانا) وبين لامبي (ابنة إديث).
لكن رغم هذا، تؤكد صحيفة Daily Mail البريطانية، أن آل هودجينز لن يخضعوا لاختبار الحمض النووي، أو أي إجراءات أخرى لإثبات صلتهم الملكية المثيرة للاهتمام.